![]() |
عدا وحدتي وِحدتي التي تأكل وجهي , و تعصرُ عين السماء في كفّي , الأشياء حولي تبدو ملائمةً للحياةِ كما تُحب الصباحات أن نحياها , الليل مليءٌ بالأحاديث عن غدٍ لا اعرفه , الدعوات تملأ ذرّات الهواء روحانيّة ً , الأمنيات تتدلّى كالعناقيد من فوق اعمدة الأنارة الضجِرة من الرطوبة , الأصدقاء على شفتي الطريق يصنعون فرحاً مؤقتاً ويشاركون العابرين احلامهم , الطريق الذي عبرته يوماً يا حُلم و آمَن بك و يُهديني رائحتك كلّما مررْت موقعٌ مثالي لمكلومٍ مثلي ! وعدا صوتك يا حُلم لا شيء بأمكانه جَعْلي صباحياً . |
, غيابك فجّر عادتي القديمة في الصمت , وأنا الذي مُذ عرفتك , ربّاني صوتك على الغناء والفرح مع أصغر الأشياء حولي ! |
وكيفَ لا افتقدك ! وأنتِ جناح الصباحات الذي يغسل وجهي بماء السماء كيف لا افتقدك ! الأحلام الصغيرة التي كانت تتوسّد زندك قبل نومها وتبذرين في فمها الجائع كل ليلةٍ مزيداً من الأيمان بِك , لا أحد يقرأ عليها تفاصيل غدِها ويُشاركها توقّـع شكلها عندما يسرق لحظتها الطريق المُزدحم وتكبر , اصبحت تُؤمن جداً بأن الليل مُوحشٌ تماماً كما تصوّره الأمهات لأطفالهم بعيداً عنك , بلا كتِفٍ ترمي خيبة النهار عليه لتبدأ إعادة ترتيب كلّ الأشياء الصغيرة بأصابعك من جديد , كيف لا افتقدك ! وأنا افتّت وحدتي و حزني في أعين الأطفال و أوجه العابرين و ضفائر الطرقات , دون أحتوائك ! كيف لا افتقدك ! صوتك الذي كان يُقاسمني رغيف الحُزن ويحشو الثواني بالطمأنينة والرضا زاهدٌ في الكلام , و أنا الذي كلّما ذاب وجهه من الحنين والدّمع بدأ في تتبّع بقايا بحتّك في كل الخلايا المُتجذّر فيها , واغمض عينه عن كلّ شيءٍ وتقاسم مع وجهك الملائكيّ غريزة البكاء ! |
نافذة صوتك التي تفتحينها في قلبي خلسةً وتبذرين فيه كل الطمأنينة , تتركُ الكثيـر من الحُزن والأسئلة والحنين كلّما مدّت الريح يدها وأغلقتها قبل أن أمارس موتي فيك . |
, أو أن الكون ابعد وجهه الجميل عنّي وتوقّف عن الكلام , أو أن الليل يخون السهر , أو أن الفجر في طريقه لفقد قدرته على طمأنينتي, أو أن الشوارع ضجرت من حُزني , أو أن الظلال غادرتني مع العابرين , أو أن الموتى ماعادت تُغريهم الحياة, أو أن الحنين توحّش فجأةً , أو أن الغدَ افرَطَ في الحُلم .. أو أن الوجه في المرآة يُنكرني ! أو أن تهوّري فيك وحماستي لصنع الأمنيات الصغيرة جداً اصابني بالدوار في وقتٍ مبكر من غيابك , أو أنّ رغبتي في التنفّس تنسلّ من بين اصابعي كالخطايا مُذ فقدتك أو أنّي لستُ أنا لستُ أنا ! |
, الحُزن الأكبر يكون لنا نحن , نحن الآن في وجه الفقد عُزّلاً , كل شيء الآن يشير للطرف المنزوع منّا , رائحتهم , بقايا أصواتهم , أمسٌ مُكتظٌ جداً بتفاصيلهم المختبئة خلف كلّ خلية في الذاكرة كل شيءٍ يذكرنا بالجرح الحيّ الذي تنبشه ريح الحنين كلّما اشتدت الوحدة , لكنّ أكثر الأشياء فتكاً بنا : أن علينا رسمٌ غدٍ دونهم ! نحن الموتى وليس من رحلوا .. نحن الموتى . |
الفقد يمتصّ حماستي السابقة للحياة ! |
, كل الأشياء تنتهي فيك الحياة التي تخطتني فجأةً , الموتُ الذي ارهقَ رئتي الركضُ بشغفٍ نحوه , حُزني الذي يتضائل مع كل إشراقة لبحتّك , الأمس الذي يزدحمُ بأمنياتنا الصغيرة , الغدُ الذي أجهضهُ القدر , الحاضر الذي تطلّين من شُرفات ثوانيه كأوركيدةٍ اتعبتها الريح , الثواني الوحيدة التي تُجاهد كي تعبرني مُكتظةً بالحنين , ترتدّ عن فكرة المضيّ بعيداً وتعود في كلّ مرةٍ أكثر ايماناً بك ! |
الساعة الآن 11:15 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.