![]() |
دعي عنكِ التفرس في كنهي ومن أكون! فأنا منك كمحجر الحدقتين لكن أعذرك لأنك لا تعلمين، وأعذرك أحياناً حينما أجدك لا تسامحين، وأقول ليتك يا منى روحي تسامحين.
أنا منك كذلك، وأنتِ مني كجلاء المعرفة بين آلاف النكرات؛ برزت في زي النكرة لتعلن كثرة ميزاتها، ثم علاها تاج المعرفة فجاورت من عيني موقها، ثم..ثم..صارت هي الموق لا أنظر إلا بها. فلم هذا التخبط فيّ وما أنا في حبك بالبدع المستهجن، ولا في معرفتك بالمتردد المستريب..أنا أعرفك كما يعرف النبت سحابته، لكن أعذرك أنك لهذا النبت شحيحة لا تسقين. ولولا تجاهلك لوليدات حروفي وهن يتراقصن في ساحتك أمامك حباً لكنت اليوم قرب مخدعك بشريات أحلى الأحلام والرؤى، وأقرب ابتسامة تلاعب شفتيك المطبقتين من ثقل النعاس..لكنك تستعجلين. وما أنتِ بالوحيدة في عالم الأنوثة لكنك الوحيدة في عالمي القاريء في كتاب الأنوثة بدعيات الجمال، وكمال الحسن، وهيبة في رقة أنثى تلبس التحبب وقار العقل فيصير بقدرة التمييز بين العقل والحب وليدة هي مولاتي الأميرة..وفي رواية ما وراء العقل مدلهتي المجنونة . |
هذا هو المساء الساجي ، فهاتِ يدك لأقرأ في كفها حظها من هذه الليلة الندية على جريان نمير أنفاسنا فيها..
هات يدك تحكي ليدي قصة الشوق ما قبل العناق، واللهفة ما قبل الملامسة، والنهم ما قبل التمازج.. هاتها ..ما أحراني بها، وما أولاني بملكها، وما أجدرني باحتضان ديباجها ..روحي فدا ديباجها.. هات يدك! لقد طال علينا زمن الفكر والنقاش حتى ظلت أكفنا ممدودة ، العين بالعين، والبنان بالبنان، وبين العاشقين نون نعم، تردها لاء بعدها لاء..وظن ، وشك، وصراخ، وجمل هنا وهناك، وشرح يطول، وملام مهول.......وعمر....عمر ينقضي بين لوم ونوم. مساؤك الليلة يد تمد إليك تبيع لعينيك جميع ما تحت السوى، وتشتري لك كل أشكال الرضا ...أحبك يا ليل حبيبي. |
وإذا لم تصل يدي إلى جنة يدك، فاكتبيني الليلة عهداً يكبر على الزمان نقضه، ويعظم على الظروف مهما كانت غدرُه..وضعي حروفي الناطقة بهيامي بك تحت رأسك، فوق رمشك، تحت جفنك، واجمعيها بين نحرك وصدرك، تستهدي بمعالم صدرك النافرة إلى محضن قلبك الوفير..
ما أحلاك وأنت تسرقين مني فكرة الليل وأنسه، لتعلقيها على صدرك موشومة بي..بي أنا ..ومعتوهة بي، بي أنا...وأنا هناك يطمئنني أنني أينما اتجهت بي سفينة القلم لم أغادر بحر عينيك. ما ألطفك وأنت تمسحين عن وجهي رشح الشوق الليلي بشرح عشقك الليلي..وتتنهدين فأفيق، وتتأوهين فأسكر..ثم تهمسين فأفيق، فتتمايلين فأسكر، وما من سكرة تشبع الفكر ثمالة كارتوائي من جنون رضابك العاصف به شوق الشبق من سعار الوجد....آماد العمر تنتهي ولا ينتهي حبك. |
يبدو أن السحر الحلال يطوق الآن رقبتي إذ يحيطني بهالة القمر البهية ،فأقف مع نفسي أستعرض البوادي بوادي الحب حيث شفافية الطبيعة البريئة بقمرها البارز فوق قبتها كنقطة النون إذ برزت فوق كلمة الكون ،وأجوب تلك القفار ومناجاتك للقمر سميري المصاحب ،وحميمي الذي يأبى فراقي ،وبجانبنا -ياجارة القمر-موقد وقهوة ،وفناجين حمّر الزعفران مشافرها فبدت ككبد عاشق صيرها الحب جراحا ...
يانجية القمر ..ماهذا؟؟سألت نفسي وأنا أسكن نبضك ومناجاتك هذا السؤال..قالت نفسي هذا حديث سرى في أوصاله قانون العهد الأول للغة قديمة لا يفهمها إلا أقمار الأرض من الأدباء وأقمار السماء أولو الضوء والسناء. وقلت بل ماهذا؟قالت هذه ترنيمة عاشق عبر الأجواء ليتخذ من مصافحة القمر أنيسا وجليسا. |
ألا يطول الليل عليك وأنت تلازمين عزفي، وتساهرين نزفي..لكن كيف يطول وهذه اللحظات اقتناص شاعري من بين فكي الايام ، وضعناها بين قوسين تمييزا، وتنصيصاً على تفردها بين ركام هذا العمر المتكالب على الشقاء أيما تكالب.
هذه اللحظة يا حبيبتي ..وما عداها فتكديس متشابه من مخلفات العمر سجنة دائرة تلف فيها في غياب الباب والنافذة.. هذه اللحظة يا روحي أوقفت لها عجلة العمر لتسمعيني فقط وأنا أهمس في أذنيك ..فالليل طريق ماض، ونحن من ستطلع علينا شمس الصباح لتفرقنا طريقين، فتعالي ، إن لليل خاصية التغييب، وما أحرانا أن نغيب في روحينا ولو لدقائق معدودة..تعالي يا روحي تعالي. تعالي فإن بجانبنا حشائش من كدر السنين لن تتابع نموها وقد أحطناها بورودنا النرجسية الليلة البيضاء ، كأنما تنوب عن القمر ساعة هجوعه في ستر الليل المغيب. تعالي وخذي البقية مني إليك، فما صدق حب مبعض شأن أصحابه بين هؤلاء ، وأولئك..تعالي فما بقي على ضجيج الصبح إلا زفرات ما أحرانا بالتقاطها بين ضمة وضمة. |
صباحك اليوم كصورتك المطبوعة على جدران قلبي لا أعلم أمنها أم من هداية القلب بها صرت أبصر الحياة من حولي طريقا ممهدا لا عوج فيه، وأبصر الناس حقائق لا يشوبها في عيني غبش، ولا سوء رؤية..وحول هذه المسألة أرجو ألا تستعملي المسطرة، وأدوات قياس المساحة الأخرى فتحللي النتائج بإخضاعها إلى مدخلات غير منطقية من وجهة نظرك العنيدة؛ فحالي معك في حقيقته فوق المنطق وحدوده، وأطره، ومن هنا لا أعتقد أن عاقلاً يقرني فيما أنا فيه معك حتى يرضف على عقله عقلا آخر يسمو به إلى رؤية ما وراء الدارج.
ولنكنْ صرحاء أيتها المخبولة عقلاً ومنطقاً، الموسومة سراً شائكاً، الموصوفة نوراً مبدداً....ما سر أن أعيشك إفراداً بقلب خاص، وكيان خاص، كأنما انزوى خلف قفص هذه الشبح مني قلبان؛ واحد لك وحدك ، وآخر يجري حسب التعامل ليسع بقية الخليقة، بل إن في بياني ، ومنطقي ذات المفترق ..فلك وحدك مالا يشترك فيه معك غيرك، ولهذا أجدني على جميع الأحوال أحياك -يا وهم العمر- كحالة مفصولة لها طبائعها الخاصة بها على مستوى الدقائق من أوصاف الحياة. الا ترين هنا -يا سر سري- معجزة للمعاني الخفية حين يعسر على يد العقل فك ، وحل حزمتها السرية ليعرف ما في طياتها، فيعود العقل قلباً، وينقلب القلب حباً، فإذا بك لا أحبك بعاطفة قلبية مجردة حتى يستوي في نسق حباتها كل خلية في هذا الكيان؟ ، من هنا -وفقط- يصدق على الحال وشمه بالسر المختوم المقدس. |
مساؤك اليوم بحر، صامت مخبت في حضرة الغروب المتداني ، مساؤك اليوم نسيمات علّها الشوق لهفهفة خديك فعاجت فوق روابيهما الوردية تسألهما العذر والصفح الجميل..مساؤك اليوم شمس هي أحلى الشموس في تقبيل منعرج الماء الآخذ في سكون المتأمل حكمة الدمعة للشمس، والرقة للشمس، والأنوثةالتي ما ذهبتْ بحسن العالمين كما ذهبت بها نوّارة الشمس.
أحييك من هناك أولا، منك ..من أحلام جدي هناك وهو متسامت مع هيبة البحر ليغزو قاعه غزو الرجولة لمواطن أجساد الشجعان..وأحييك حباً خالدا ممزوجاً بثراهم، برؤاهم، ببسطة الرضا في وجوههم وهم يرحلون في البحر لصناعة الحياة ..فكنت أنت الحياة. |
أوَ تنكرني "دبي" لأن بيني وبينها بعض المسافات الفاصلة كضرورة حياة لا أكثر ولا أقل؟؟ كلا يا هؤلاء ..ومن يقوى على فصل الرأس عن جسده؟؟ أم من يقوى على اجتثاث البدر من هالته؟؟.
"دبي" عبق أجدادي ، ومربى آبائي وأتلادي .. وهي تعلم أن في وجهي من رسم أناملها ملامح الانتماء ، وعلامات العزة والإباء، وفي خلايا جسدي منها شواهد الحياة السرمدية الخالدة أننا أولاد خلص لصافي الوفاء..ومسارح الإخاء مهما تأولت الأرض بُعد السماء عنها، تظل السماء سقفها الحافظ رغم كر السنين ، ومكر الأيام. يسألوني عن "دبي" سؤالاً غريبا من غريب، ومتى كانت البنوة غربة وهي المتقلبة في حجر أمها تنعما، وتحببا، وتدللا..وكيف يكون التأويل مقبولا ولو أبصرت الخليقة لرأت قدم جدي تزاحم حبات الرمل كثرة فوق شواطئها، وأبرارها..أي تساؤل ظالم ذاك الذي يميتني قبل موتي غصة من ادعاء مالا واقع له سوى الظن الغريب من كل غريب.. هذه لغتي، وذاك أدبي، وتلك هي حشاشة الروح تسكب فوق صفحات من أدب لا يرقى رقيه إلا لأن جدي "رحمه الله" سقانيه من نبع "الممزر" في طريقه إلى رحلة الغوص الخالدة. |
الساعة الآن 05:57 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.