![]() |
سترى الأيام كما سوادٌ حالك وترى الدّنيا كما بُكآءُ ضاحِك وتنتهِي كل الظُنون وتقفُ بكَ الخُطى وتنتهي كلُّ الخُطى فتسألُ كلّ عابِر ويختفي كلّ أثر وحِينَ تعود تنتهي كلُّ الوعود فيبكيك الحجر وكلّ شئٍ مضى وتبقى كي ترى كلّ مامضى |
بداية تجربة
أسند ظهرهُ الذي أنهكتهُ السنون ، على ذاك الكرسي العتيق ، ونظر إلى الأفق البعيد ، وسكنَ الصمّتُ من حولنا كأنّما الصّمت خُلق لنا ، ثمّ أشاحَ بيدهِ التي بدت فيها تعاريجُ الزمن وكأنّما كانَ يُحدّثُ الخيال ، ونظرَ إلى كتابهِ القديم الذي لايُفارقهُ حتى خِلتُ أنّ ذاكَ الكتاب هو الرُوحُ التي بها يحيا . وبعدَ أن أنهى طقوس الصّمت إلتفتَ إليّ بجسمهِ النحيل ونظرَ إليّ بوجههِ الشاحِب ثمّ قال : لكلِّ زمانٍ فلسفتهُ ولكلِّ إنسانٍ ألمهُ ولكلِ بدايةٍ نهاية وأعلم أنّ لكلِّ شئٍ رُوحٌ ورُوحُ الكلامِ المعانِي ولكلِّ إشارةٍ معنى فلا تغفل عنِ الإشارات فإنّما هي دلائلُ الطريق وزادُ السالك واحذرْ أن تضع قدمك قبل أن تنظرَ أثرك فإن أنتَ لمْ تُبالي لم تصِل ثمّ أطرقَ برأسهِ وصمت وبعدَ زمن رفع رأسهُ فسألني ألم تَزَل ؟ فقلتُ الواحِدُ الأحَد ذاك الذي لم يزَل قال خلقَ الكونَ الواسعَ فجعل لكلِّ شئ فيه آية وأوجدكَ وأوجدِ البشرَ والشجرَ والحجر ومَنْ أوجدَ الحجرَ هو من أوجدَ الزهَر ألمْ تسَل لِما لمْ يخلق الكونَ على عجلٍ وخُلِقَ الإنسان مِنْ عَجَل ؟ ولِمَا القَدرُ لم يشتكِي منهُ إلاّ مَنْ خُلِقَ على قَدَر ؟ ذاكَ الذي أوتِي الحكمة والبصَر ! ولِما أوتِي البشَرُ نعمةَ البصر وما عداهُم ينظرونَ بِلا بصَر ! أيا أيُها العابِرُ في المسالِك التآئهُ في مفازةٍ قُفْرٍ والليلُ حالِك هل توقفتَ يوماً وسألتَ رُوحَك عنِ المصير وذاكَ الجسدُ الذي تمتطيهِ منذُ وصولكَ إلى أينَ المسير أم تُراكَ كمَا هُم عينٌ لاتُبصِر وقلبٌ لايعقِل وأذنٌ لاتسمع ثمّ نهضَ فعلمتُ أنّهُ ملّ الحديثَ وحينَ همَمّتُ أن أغادر قال لي : لاتفرحْ بما أوتيتَ ولا تحزنْ على مافاتكَ وكُنْ لخالقكَ كما أرادكَ تصِلُ وإنّ تاهت بكَ يوماً المسالِك |
حِين لانُبصرُ النورَ الذي يُحِيطُ بِنا فلنُفتش في قلوبنا فثمّ ظُلمةٌ هُناكَ تحْجِبُ الضوء |
أعجبُ حِين يعبرني طيفك ولا يلتفت أيا أيُها الطيفُ لِما عبرتَ مِن هُنا |
وأعْجبُ مِن النسيان حين يتذكرك ! وأعجبُ حِينَ أنْسى أن أتذكرك وأنت روحٌ تسكُنُنِي |
قَرَرتُ أن أنسى كُلَّ شئٍ ومضيتُ ونَسِيتُ أنّي حِينَ مَضِيتُ كُنْتَ مَعِي |
مقعدٌ لشخصين ! لايزالُ شاغراً مِن كليهما ! |
ظَنَنّْتُ أن توأَمَةَ الرُوحِ لاتَفْنَى ! كُنتُ جاهِلاً لاشئ يستحق البَقَآءُ لله |
الساعة الآن 03:35 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.