![]() |
كَمْ غَريب أنَّك تَبدو كَما أنت في عَينك ولا تَكون قَد فَهمت ذاتَ وُجودِك سوى أنَّك على درايَة بحجم خِلقَتك التي تأسِرُ نَجواك وأنتَ لا تَعلم , تَبتَسُمُ لما لا تَعلَمه بغيَة الفِطرَة السَّمحى في إرتِحالِكَ العَيش , تَسوق كاحِليكَ بمسؤوليَّة أن تَتَحرَّك والطُّرق مُباحَة في عَينِ بَصيرَتك ولا أشواكُ قَهرٍ تَلطَخ جَسدَك بدَكٍّ مَريد , تَعلم يا أنتْ مُعجِزاتِكَ اللاخالِدَة تُمنّيها الأمانيّ وتَقولُ فيها ما يُتبَاهى بصغرِه رغم عَفويَّتك , تستقرُّ وتَخلُد في عُمقِ أحداثِك التي واللُّه أعلم بِها, ما عَهِدتَها كَما تُريد , إنَّما مَفهوم الحَياةِ مِن يُقنِعُكَ بوجودِها غَصبا ً لأنَّ يَديكَ مَن اقتَرفَ ذاتِ التَّناوش والعَجب , ونَستَغربُ فينا الحينَ والأين ولا لَذَّة نَتجرَّعُها ليستَقيمَ مَنالُنا بل لَذَّة الحِرمان أدهَى جِباهَنا في وَقت الغَفوة الأبديَّة في حلم الحَياة , أستَعجِبُ جِدّا ً مِن كَون الطّاقاتِ البَشريَّة تَخمِدُ على أقلِّ نَزوة إمتِلاكٍ غَريبَة في داخلِ الفؤاد , كأنَّنا غارِقينَ في بَحر مُدهِشُ الإغواء ونَحتاجُ قَشَّة كَي تُنقِذَنا مِن أنفُسنا ونَحنُ نُحبُّها وتَفعلُ الأمرّين في رَوعِنا , أكادُ أنشقُّ نِصفين على سَواحِل بَشريَّة ما عَلِمتُ لَها سَوى كَبت روح تُرمَى بداخِلها وما عَلمت لَها سوى صَفعٌ على أجندَة البَدن والفِكر , وهاهيَ يديَ تَطرقُ جَبينَ الرَّأس وتَحثُّ الأصابِعَ على الكِتابَة التي لا أعلم لِمَ أدشِّنُها في عالَمٍ لا مَحسوس , لا أعلمُ لِمَ أنثُرُها على مَرأى النّاظرين وهيَ تَقولُ كلَّ شَيء يفصِّلُ الماهيَّة الأساسيَّة لبرودَة هُمومِنا , تَخلقُ لَك في نَفسِكَ مَسارِح كَثيرَة تَكون بَطلَها وميُّتُها وأوقاتَها المَنسيَّة وأشخاصَها الزّائِفين في أوحد نَفس , تقصُّ قَصَصَ دُنياكَ برِفعَة الأطفال المُقشِّرينَ حالَ وِلادَتهم ببكاءٍ مَغموسُ الطَّهارَة والإلهُ فيكَ قَريبٌ أعظَم ما يَنبغي لَك , وأنت لا تَزالُ تَبكِ دونِ عِلمٍ لحاجَة البُكاء , سُبحانه الإله كَيف يَنضُجُ المَرء في وَعكَاتِه وتَصوُّراتِه وكَيف يَميلُ على ظِلِّ سُكناه حيَن يتقاسَم الحياةَ مَع آخر , لتعلم أنَّك في نَقصِ مُستَواكَ تَدور باحِثا ً عَن ما يُكمِّلُك باحِثا ً عَن مَن يَشرَحك وأنت َ في دَورانِ عقلك , والرؤى تَحفُّكَ وتَحفُّك مِن كلِّ جانِب وتُرمَى الأحلام في كلّ رَصيفٍ رَغبته مأوى , فَقطْ حينَ تُغمِضُ عينيكَ على الفِراش لتِنام تَرى أنَّك حَقَّقت تَعبا ً آنَ الأوان للتَّخلصِ مِنه ولو للحظات ولا تَتوقَّع أنَّك سَتتعب ثانية حينَ تَفيق , ولأسَف نَقصِك تَظلُّ في إنشِغال التَّعب لتَتَّضح رؤية المَوت وَتُريكَ مَنصِبَ الأمكِنة التي قَد تَحضُرها بغيَة لـ مَوعدٍ يَجيء . |
المواقيت تمتعض والإنتظار يغزل من حمم الأيام لهيب شوقٍ يحتضر , كلّ صباح تهيم الرّوح بالممكن واللاممكن , ترتكز على ذكرى جميلة تخاطب القلب قبل العقل , وتستنسخ من نسيم الحياة صورا ً لا تخون ذاكرة الأشياء الرَّحبة , وعلى ضوء الغزل اللَّيلي ذات حنقٍ متصلٍ بالقمر , أقتات من صوتك عوالما ً مدفونة في نواة الفؤاد , تلملمني من غيبيات الأرق وقلق الرّياح , وطيفك يحضر كجسد يرمِّمني , يعيد تشكيل أفكاري من أعلى رأسي الخَرِب إلى أعمق ظنّ روحيّ يوارب نافذة الأرض عن دورانها ويجعلك المحيط الوحيد . كلّ صباح تنفعل التنهيدات من تكاثر الضّباب في حنجرة الغد الكفيف , يتنفسنا مارد الشَّوق , وتتبخر من أفئدتنا سيول الحنين , وحين تكونين بعد بعد الأحلام والمواقيت والرَّغبات , يسكن هذا العالق في أيسر الصدر كبحر لا موج فيه, يسيل من سماء إلى أخرى , يحابي أيّ نتيجة للأشياء من حولي ويعيدني ذات الطَّفل الذي يكونك حين عين ناعسة , وحين تتضارب النَّبضات بشكل فلكيّ تورق معه الحياة أيّما استنزاف . وكلّ صباح يبتاع لي الحزن من عينيك فجرا ً مالحا ً , يخبرني بتواتر الدَّعوات الخارجة من أنفاس نافقة , أن يا صبح الأرض هناك بقيَّة حلم مركونة تحتاج أن تكتمل ! |
أصبحنا وأصبح الملك لله للمنكوبين الذين يمتعضون نقص اليد والمعونة , للمساكين الذين ينسدح من دمهم طعم الخذلان , للغوطة وألوية الشام الحزينة , فداكم روحي وعذرا ً كثيرا ً . |
تقصّ الأيام طاغوت العنا , إثر قبضة يدك لترابٍ يبقيك , تفور الأحلام من أنفاس الطّرقات , وتتبخّر مواويل الصَّحو عن أجفان الحديث , فكم يملكُنا لنمتعض على متاريس الحياة المقولبة باتّجاهات لا تُريدنا , وكم يعينا أن نستوعب حاضنة الوَقت بذكريات مؤبَّدة .؟ أتنفَّسني كما هواء الفجر المنعش , أعيد ترتيب أدخنتي لتخرج بيقين , ألملم شتاتي في الدَّواخل , وأمشي ناصبا ً أدمغتي الحيرى عند تلكم السَّماء الفسيحة , وتحولات أن أكونني جسيمة المأخذ بانتقاص , أراكِ في صوت النّايات الحزينة , تمسِّدين شعرك بعفويَّة الملوك , يضحك وجهك في المدى , ويرتأي صوتك مفاصلي فيرتجف القلب , وتعلن المسامات زحزحة التأويل , وما تلك العيون ببعيد عن زجّ جميع تفاصيلي في حنّو غابر عن أرضٍ نسكنها , ألا وقلبك يفتتح النبض بشوقٍ مكلوم , فمدّي يديك للشمس , ذيّاك وجهي يراقب نشوة المجيء , يمتحن الصَّبر بلا كيفيَّة , ويطعن حيرة التَّمام بحضرة إلتمامك , عند تلكم الغيبيات في جبيني يسرح العقل , يرسم مجدا ً عابرا ً تنطقه جمادات اللّغة , يبيع الحظ المركون في الجمجمة , ويتناول الرّوح صفع ايجاد . |
ايّ الكلام من صوت بُحَّتك أبلج , يا راكبا ً سفن السَّلام وداعةً عينيك في الغور حالمتان متورِّدتان تبحث عنكَ الطّيور يفترسك المدى تهرول المطالب والحال فجر لا يُدانيك . |
هاتي يديكِ وسعةً تلفُّنا سماء , يا نورا ً يشغل النَّبض كلّما مرّ طيف الحنين يعاقر الإنتظار , كم من عمرٍ سيفنى عبيره دونك .؟ وكم من ضميرٍ يشغله التثاؤب عن أكسجين تحضرينه , يا هبة تدارك الفؤاد نحيبها ذات شخوص عين, إنّي في المطلق الموبوء أحبّك . |
وتستمرّ مناوشة الأشياء بيني وبيني , تقتسم اللّيالي هِبات الحديث , وأقتسم مع الحياة رغيف الصبر , وكلّ حكايا الإنتظار باهتة كلونٍ هزَّه النسيم الأخير . |
ايّ صبحٍ ضَحوك يلوك مآقي العباد , وأكرم شيء في الإنسانيَّة يراق , والأنظار ثكلى من النَّظر والقلوب تحجَّرت والحَوزة مكلومة , وصرخات الدَّعاء ترفرف مع الأرواح , تتصاعد لتكون لعنة على من هجر استلابهم , وايّ عذر تملك وأن لا تملك نفسك حين تخنعك القوانين , ايّ عجب نحن فيه يا خذلان .؟ اللهم إنّي أبرأ إليك مممن خذل تلك الدَّماء العزيزة لديك . |
الساعة الآن 05:07 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.