منتديات أبعاد أدبية

منتديات أبعاد أدبية (http://www.ab33ad.com/vb/index.php)
-   أبعاد النثر الأدبي (http://www.ab33ad.com/vb/forumdisplay.php?f=5)
-   -   أحلام مُتأخرة (http://www.ab33ad.com/vb/showthread.php?t=26079)

سَارة القحطاني 12-21-2010 03:21 PM

أحلام مُتأخرة
 
.
.
.
حين يترهل الجسد وتشيخ الحواس ويقوى بأس المرض ويتنبأ الشخص
بان رحيله بات قريباً من روحه بمسافة قصيرة لا يُمكنها
أن تُبلغه مأمنه في البقاء عمراً آخر , ولا يُمكنها أن تعبر به لحدود الحلم
والأمنيات , ولا يمكنها أن تُغطي سوءة ليالية بعباءة الانتظار !
تولد لديه قناعة في أن كل حدث سعى لانبثاق نوره في سماء واقعه
لم يكن بذات الاهمية التي كان يشدو
بها قلبه آنفاً ,حين كان ولعاً بالأحلام وَمعطيات الحياة ,فهو الآن يرى أن
وجهته تلك لم تكن صائبة , وفيها من التجاوزات / الأخطاء
مالا يُغفر بَالإدراك المُتأخر !
لذلك هو يلجأ الى إنكار ذاته , نفسه , أحلامه ,
ويعمد الى تجاهل كل حواسه وأشيائه وكل ماكان يحلم بامتلاكه حين كان
مُعافى , ويمتطي صهوة الرحيل لوطن آخر ,
ومعطيات أُخرى لا تحتمل أنصاف الخيارات , معطيات تحمله على كف
غيمة حبلى بكومة أشياء مؤجلة يسعى جاهداً
لامتلاكها وشق الطرق نحو سديم انبثاقها قبل أن ينفى ويموت !
فهو أدرك أخيراً أن البقاء لها في نهاية الأمر وإن أفرط القلب في العطاء
للأمور الهامشية , وان بات للأماني أجنحة كثيرة
فهي لن تحلق بآماله مادامت أنها تسابق الموت بخطوة مُتأخرة الا
اذا شاء الله لها ذلك .,
.

.

حين رأيته لم أعرفه فقد بدا لي وكأنه شخصاً آخر لأول مره التقيه ,
ولأول مره أتحدث معه , ولأول مره أتأمل تقاسيم وجهه !
لا الملامح ملامحه ولا الصوت صوته , شاحب يُلون السواد تفاصيل بياضه
, هزيلٌ , معوج الخُطى , يُحاول أنَ يتجاوز عتبة التلاشي بسلام ,
يُحاول أن يسحقُ أشواك وجعه بقدميه لكيلا نشعر بانكساره وضعفه ,
يبذل جهداً كبيراً في سبيل اشعارنا بأنه بخير .,
اممم ثمة حزن كبير ينام على صدر كلماته , وثمة آه تتجاوز مُحيطه
لتسكن بمحيط مسامعنا حين يتفوه بأنا بخير !
حين نصمت وتصمت كل أشيائنا , يبدأ هو في تقليب صفحات عمره ,
حتى يُدرك السطور الفارغة فيها , ويملأها بألوان الفَرح
وفُرص اللقاء ولحظات انهمار المطر , وليته يستطيع ذلك , فهاجس الموت
يقبض على معصمه في كل حين , ويبعثر تفاصيل أٌنسه
كثيراً حتى يُنسيه من يكون .؟ وبأي وطن كان يسكن ؟ ومع أي طفل كان يلهو ؟
وتحت أي ظل كان يختبأ ؟ وبأي أرض ترك حقيبة أحلامه ؟
وبأي كفٍ أهدى رسائله لطيور السماء ؟ فتعود يديه الى صدره خائبة , فارغة !
وتعاود عينيه الاختباء خلف ملامحنا خلسة , تتأملنا كثيراً
وكأنها تريد اشباع بطن الذاكرة بصورنا ,
حتى اذا ماغبنا عنها وطالت مسافات الانتظار اشرعت الذاكرة نوافذها في وجهها حتى بًتنا حولها ,
نسمع صرير المواسم معها, ونحاول عبثاً ادراك خطواتها قبل أن تبور تحت الثرى !
.

.

أذكر حديثه حين أخبرته بأنني سئمت من الأحلام ومن انتظار شروقها ,
و من تكرار فصول الخذلان من أقرب الناس الى قلبي في كل مراحل عمري !
فأجابني :
_ بأن مخاض الأحلام طويلاً جداً , وأن جسر الحياة طويل أيضاً ويستوعب
عثراتنا ورمادية حكاياتنا فلا ضير إن ركلنا متاعبنا على ظهره لكيلا
ينكسر عُكاز أملنا المعلقُ مابين شفاهنا وقلوبنا !

_حين نغضب ولا نشعر بحواسنا , يجدر بنا ان نُوجه ملامحنا نحو السماء ,
ونغمض أعيننا , ونسمع صوت عمقنا جيداً , حينها فقط سندرك
بأن أحلامنا لا تموت طالما أن السماء تستوعبنا , وتسمعنا !

_حين يخذلنا أحدهم , ويذهب بعيداً عنا دون أن يكتب لنا عذره على احدى
أوراق الخريف علينا أن لا ننتظر إقباله علينا في احدى فصول الشتاء ,
فمن ضحى بقلوبنا في فصل الجفاف يقوى على أن يضحي بها في فصل الاحتياج !

وجميعنا بإمكاننا ان نزرع بذور العطاء في كل بساتين العمر دون أن يكسر الغياب
عنق عزائمنا , ويبعثر الجفاف شتلات نمائنا !

ولازلت أذكر كل شيء عنه , وأنسى في كل مرة بأنه رحل الى السماء
ولازلت أذكر كل شيء عنه , وأنسى في كل مرة بأنه رحل الى السماء
ولازلت أذكر كل شيء عنه , وأنسى في كل مرة بأنه رحل الى السماء

سارة القحطاني

نادرة عبدالحي 12-22-2010 01:59 AM

اقتباس:

مخاض الأحلام طويلاً جداً
اقتباس:

بامكاننا ان نزرع بذور العطاء في كل بساتين العمر
اقتباس:

بأن أحلامنا لا تموت طالما أن السماء تستوعبنا , وتسمعنا

هذاا الينبوع الذي تدفق برغم وجود الصخور الصماء .يتكلم بلغة الجزر المرجانيه
هذاا النص أراهُ نهار حين يشرق على الجزيرة ويزيدها حياة وتنفس وجمال
ويبدأ صخبها من جديد بعد السكون ............ ساره لك الموده

عائشه المعمري 12-22-2010 03:00 AM

الأحلام لا تتأخر
ولكن تحقيقها لابد له

سارة ..
قرأتِ بعمق
تمعنت في التفاصيل التي أدركت الحلم



أنيق حرفكِ

عبدالرحيم فرغلي 12-22-2010 10:30 AM

حزن كبير ينام على صدر كلماته

رحمه الله وغفر له
جاء نصك في نهايته .. ليلخص لنا حكما غالية .. وأقوال لا تتأتى إلا بالتجربة والتأمل ..

تحياتي وتقديري

ابتسام آل سليمان 12-22-2010 06:08 PM


يال الشجون , تزاحمت أنّاتها ,
كالفوج في ذاك السبيل الضيَق ِ..!
أَلِقَة!

فرحَة النجدي 12-24-2010 07:52 PM


اقتباس:

ولازلت أذكر كل شيء عنه , وأنسى في كل مرة بأنه رحل الى السماء
و كأنما خلفو لنا كل تلك الذكريات لنواصل عيشهم و العيش معهم حقاً و ننسى أنهم رحلوا إليها !


جميلة على كل جنبٍ يا صديقتي :icon20:

سَارة القحطاني 12-28-2010 07:38 PM

نادرة
أشرق بكِ المكان يا نقيّـة ,
أشكر لك روعة الحضور
سلمتِ http://www.xmy-dreamx.com/vb/images/...20%2823%29.gif

سَارة القحطاني 12-28-2010 07:39 PM

عائشة
حضوركِ يُشبه الماء , وحرفكِ كما المطر يُسعف جفاف الفصول فجأة
ويمنح أغصان ذبولها حياة http://www.xmy-dreamx.com/vb/images/...20%2823%29.gif


الساعة الآن 02:40 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.