منتديات أبعاد أدبية

منتديات أبعاد أدبية (http://www.ab33ad.com/vb/index.php)
-   أبعاد القصة والرواية (http://www.ab33ad.com/vb/forumdisplay.php?f=33)
-   -   الخلاص (http://www.ab33ad.com/vb/showthread.php?t=38271)

يوسف الأنصاري 07-07-2017 03:54 PM

الخلاص
 
بسم الله الرحمن الرحيم ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..



http://www.ab33ad.info/up/uploads/im...80aaf2759b.jpg

( الخلاص ) ( قصة قصيرة )
( إلهام الفكرة من فيلم ) ( The Confession ) ..

__
في دولة أيا كانت تلك الدولة ..
وفي عصر أياً كان ذلك العصر ..
دلف رجل ( متوسط الطول ، مخفي الملامح بقبعة أكلت معظم وجهه ) قاصداً رجل دين ..
ودار الحوار التالي ..


__
الرجل : هل تعلم كم أنا في حاجتك ؟
رجل الدين : أغناك الله عني وأغناني عنك ، انت في حاجة الله يا بني ؟
الرجل ( ساخراً ) : أو ليس جميعنا في حاجته ( عز وجل ) ؟ ثم يكمل ( متهكم ) لكنك ستحتاجه أكثر مني ، عندما تسمع ما لدي ؟
رجل الدين : ماذا لديك ليسمع ؟
الرجل : ( صمت يسير ) لا اعلم كيف أبرر ما أود قوله لك ؟
رجل الدين : لا حاجة للتبرير فأنت انسان ! لكن لا بد أن تفتح قلبك لتجعل متسعاً للتسامح والعفو قبل كل شيء .
الرجل : لأجل ذلك أنا هنا ؟
رجل الدين : وهذه هي البداية يا بني ؟ ( ثم نظر له مباشرة وأشار إلى قلبه ) : عليك أن تكون صادقاً مخلص في ذلك من كل قلبك !
الرجل : الأمر ليس كما تظن ؟ ( امممممم ) انه معقد ..
رجل الدين : لا شيء معقد على الله ، إن الله يغفر بل ويعفوا .. لكن هل تغفر لنفسك أنت لتتقبلها أولاً ؟!
الرجل : أعلم كيف يكون ذلك .. لكن أحدثك عن جرم أتوق له ؟ لم أفعله بعد ؟!
رجل الدين : ( متعجباً ) : إذا لا تفعله ؟ فأنت مخير في ذلك ؟ أليس كذلك ؟
الرجل : ربما ، وربما أكون مسير ؟ أو ليس جميعنا كذلك ؟
رجل الدين : انظر بني .. انت مخير! لكن عندما تفعل فعلتك فأنت مسير لها باختيارك ، تبقى الإرادة لك ! لذلك اختر بعناية ، واعلم بأن كل خيار بعاقبته ؟ هذا ما حوله الأمر ببساطة ؟
الرجل : إذ سأرتكب هذا الجرم العظيم ؟ أو ليس ذلك غباء مني على كل حال ؟!
رجل الدين : قد يكون كذلك ؟ لذا ليس بالضرورة التوجه له ؟ أو حقا تريد ذلك ؟
الرجل : بالطبع أريده ؟ ( ثم أخذ يدور برأسه علامة على التشتت ) بل أنا بحاجة إليه !
رجل الدين : امممم ان كنت بحاجة إلى فعله بني ؟ لماذا أنت هنا ؟ لماذا تخبرني ؟ ماذا تتوقع أن أفعل ؟ أمنعك ؟!
الرجل : اتيت لأخذ الإذن منك في ارتكاب الجرم ؟
رجل الدين : لست من يمنح الإذن من عدمه ؟ لكني هنا للتذكير والإرشاد إلى الصواب ؟!
الرجل : حسناً لا حاجة للإذن إذاً عليك منعي بكل الطرق ؟
رجل الدين : لا أحد يمنعك أكثر من نفسك ؟ لذلك نحارب أنفسنا الأمارة بالسوء وهذا هو الجانب المظلم فينا ؟
الرجل : ماذا لو قلت لك بأني هنا لقتلك ؟ ماذا لو أن الجانب المظلم بداخلي على حق في تحقيق رغبتي حتى لو كانت قبيحة ؟!
رجل الدين ( ههههههه ) تقتلني ولما ! .. انظر بني القتل شيئ عظيم جداً ولا مبرر له ، كما انك تملك فرصة عدم القتل
الرجل : ( بكل جدية ) ليكن سأقوم بقتلك هنا والآن كوني جاد في ذلك ؟ ( وأخذ يشرع في النهوض وهو يخرج المسدس من غمده ) ..
رجل الدين : ( سريعا يشير بيديه علامة للجلوس والتأني ) ، انتظررررر ماذا لو منحتك خيار يخرجك من ذلك ؟
الرجل ( يتوقف وينظر له ليأخذ نفساً عميقاً ) كيف ذلك ؟ لم أفهمك ؟
رجل الدين : لا تحتاج أن تقتل أحد ، فكر في ذلك فقط ؟ فكر ماذا لو قتلتني كيف سيكون الأمر ؟ ماهو شعورك حينها ؟
الرجل : ( بكل حزم ) : أريد قتلك وفي رأي هذا أكثر من كافي لي هل ما زال هذا الخيار جيد في رأيك ؟
رجل الدين : ولماذا تريد قتلي ؟ هل هذا ما أتيت لأجله حقاً ؟
الرجل : يبدوا الأمر مختلفاً الآن ، ستثنيني أكثر عن القرار ، فقط لأنك أنت الضحية ! أليس كذلك ؟
رجل الدين : يصمت قليلاً .. ان كنت تريد قتلي حقاً لهذه الدرجة ، لما تناقشني في ذلك ؟ لما تعطيني حق الخيار والدفاع ؟
فقط اقتلني .. هيا امضي ؟!
الرجل : كنت أعطي نفسي فرصة للتغير حقاً ، وأعتقد بأنك الشخص الوحيد الذي سيقوم بذلك لأجلي ؟
رجل الدين : ان كنت جيدا في اتخاذ القرار ، من الجيد أيضاً تذكر عواقبه ؟!
الرجل : ( يرمق رجل الدين بنظراته الحادة ، ثم يبتسم ويتراجع قليلاً إلى الوراء ) : ماذا لو لم يكن لدي شيء لأخسره ؟
رجل الدين : مع الأسف كلنا لدينا !
الرجل : بالطبع فحياتك على المحك هذا يحتسب ... ( ههههههههه )
رجل الدين : بكل آسف اعتقد بانك مخطأ حولي فأنا لا أملك حقدا عليك ، لم أتعرض لك حتى ؟!
الرجل : ( متجاهل جوابه ) : أنت كثير الأسف ، هذا ما يجيده أشخاص أمثالك ، أخبرني غير كونك رجل ملتزم ، قبل ذلك ماذا كنت ؟ ماذا فعلت ؟
رجل الدين : فعلت الكثير من الخطأ ، كلنا كذلك ، وربما ما زلت ، لكن توقفت عن كارهية نفسي لذلك ؟ وهكذا تمنح ذاتك حق العفو الــ
الرجل ( مقاطعا ) : حقاً هذا الهراء لا يشبع عقل فأر ؟! أم أنك تميل لتصديق ذلك رغبة حدوثه ؟ ( ثم صمت برهة ويكمل )
هل أذيت أحد من قبل ؟ أعني هل استمتعت بمجرد التفكير في فعل ذلك ؟
رجل الدين : قد ..
الرجل : ( مقاطعاً في حزم ) : اجابة خاطئة ..
رجل الدين ( وقد استكمل كل قوته ) : انها مجرد أفكار ولا نآخذ عليها ؟ ماذا تريدني أن أقول أن أطلب رحمتك .. كأن كل ما يهمك الآن أنا .. ؟ انك تريد إلقاء اللوم على أحد ما لتبرير جرمك ؟ أليس كذلك .. واخترتني من بين الجميع لتصب غضبك علي قبل أن تبرر قتلي ، كأنك تبحث عن العفو قبل أن تكون في حاجته !
الرجل : ( صامت وهو يرمق رجل الدين بنظرات حادة ) ..
ليكمل رجل الدين : أنت لا تريد كل هذا ، أنت لست هنا لتسمع الوعظ أو الإرشاد ، انت تبحث عن شخص يخبرك بأنك على حق وانت تعلم في داخلك أنك واهم . أخبرني ان كنت حقاً تريد قتلي ، هل تتوقع أن أتحول إلى أنت ببساطة ؟ لأشعر كما تشعر لأكون مجرد مثير للشفقة مثلك .
الرجل : ما أريده حقاً هو قتلك لكن لن أجني الرضا إن فعلت ذلك ، أما ما أتوقعه فهو بعيد المنال في هذا العالم ! لذلك قررت أن أجعلك تتعذب بتجرعك شعور الجرم خلف ذلك ، بينما أنت تتحدث عن المغفرة والعفو ، أخبرني هل أبدوا مجرد عابثاً منافقاً أتخفى خلف ردائي مثلك ؟
كلا ... فمجرد حثالة مثلك لا يعلم كيف يكون شعور القتل أو التنكيل بينما كل ما يجيده هو التغافل بعقول الناس بأكاذيب معسولة فرصة تحريض وتأويل الهوى بضلالات دعوى باطلة وفتاوى جائرة وتغرير البعض بفرض ظنون وشبهات ليست من الدين ( ثم رفع ورقة تحمل صورة لرجل الدين وعلى الجانب المقابل منها معلومات تدينه ) ليشير بيديه ويكمل : ( فلان بن فلان ) اخبرني هل تميز هذا الإسم ؟
رجل الدين : ( بدا ثقيل اللسان ، جاحظ العين ، متلعثم الحوار ) لا يمكنك أن تتهمني عبر تلك الورقة . كلها أكاذيب ؟
الرجل : ههههههههههههه .. أتهمك من قال إني كذلك .. أنا هنا لإلقاء القبض عليك.
رجل الدين ( منفجرا ) : أوه حقاً ، ماذا تكونوا أنتم يا قوم ، ملائكة !.. ماذا فعلت كي تصل إلي ، كييف تتخابرون وتحصلون على الإعترافات ؟ ها ... أولست أنت أيضاً منافقأ بطريقة أو بأخرى ، ألسنا في نفس الجانب .. ألسنا متشابهين ؟!
الرجل ( بكل حزم ) كلا لسنا متشابهين ، ربما يكون كلانا قد فعل الكثير ليصل لمبتغاه ، لكننا لسنا متشابيهن إطلاقاً
ربما تكون محق في بعض ما قلت ، غير أنك مخطأ في النهاية ربما سأحيى عمراً طويلاً أتذكر ذلك ، بعكسك أنت تتعفن في زنزانتك .
قال ذلك واخذ يشرع في تكبيل رجل الدين الذي ( هاااااايه تنهد بدوره ) يضع ( يديه الأخرى التي لم تكبل بعد ) على كتف الرجل ( وهو وينظر جهة ( أحد الكتب الدينية ) مما جعل الرجل ( يلتفت إلى حيث ينظر ويبدل كلا منهما نظره للآخر) ليقول رجل الدين : كلانا يسعى إلى الخلاص ..
فيزيل الرجل يده بعنف وهو يبادله النظرات ، ساد الصمت بينهما ( غير أن صوت داخلي بدأ يتلاشى صداه تدريجياً بداخل رواق تلافيف عقله ( أولسنا جيمعاً بحاجته ..الخلاص !!! كلانا يسعى إلى الخلاص .. الخلاص ..الخلاص .. )

النهاية ...

( خلف الكواليس )
مصطلح ( رجل دين ) بالقصة لا يعني بالضرورة اتباعه لديانة بعينها ، على الرغم من كونها تستخدم لتعريف رجال الدين عند المسلمين أو ما يعرف عامياً بالــ ( الشيخ ) .

سيرين 07-07-2017 10:01 PM

وكأن الخلاص مظلة تسدل على افعالنا الحمقى حينا
وعلى من أمتهن الضلالة خلف اقنعة البراءة
ليكون الخلاص مثواهم الاخير قبل النهار القادم
كم كان الحوار هنا مبهر متجدد الدفق الفلسفي والعمق الفكري
لطرح الفكرة خارج الاطر التقليدية
لكن الخلاص مختلف مع كلا الرجلين من حيث الهدف .. نبيلاََ أم قبيحاََ
فالحلاص من امثال هؤلاء فريضة يحتمها الدين والقانون
رائع وجدااا مبدعنا \ الانصاري
دام غيثك زاخر برونق الجمال
مودتي والياسمين

\..:icon20:

عبدالإله المالك 07-09-2017 04:36 PM

جناية قابيل علينا نظير قتله هابيل
كتب على البشرية اتباع هذه السنة المجرمة سنة الفناء والعدم والقتل

حييت يا يوسف

فاضل العباس 07-13-2017 09:11 PM

قرأت الخلاص
كانت الفكرة رائعة
واسهبت ايها الكاتب بالحوار
ربما هناك العديد من رجال الدين
يسوقون غيرهم للموت وترعبهم كلمة الموت لان ايمانهم سطحي
سلمت


الساعة الآن 07:09 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.