النضج
 

النضج بقلم ندى يزوغ

كلما زاد عمرنا انقلبت كل ذكرياتنا الجميلة إلى ثروة عظمى، نتلحف بها عند الضرورة، و نقرأ من خلالها شريط أيام خوال، نعض على شفاهنا نادمين، إما لأننا لم نحسن التصرف كما كان ينبغي، أو لأننا بالغنا في حسن التصرف..

كلما ازددنا في العمر أصبحنا أكثر نضجا و قوة و حذرا و تعمقا و أقل تأثرا ، نودع الخوف من عدم الحصول على وظيفة أو عمل براتب شهري، يحفظ الكرامة و يحقق الأحلام، إذ كنا نرسم عبره معنى لوجودنا ، فيصبح الخوف مرتديا ثوبا آخر ، له علاقة خاصة بمستقبل آخرتنا، و علاقتنا بالله عز و جل..

عندما نكبر في العمر نحسن التصرف في المواقف الصعبة، و لا نتوق إلا للسفر من أجل استكشاف العالم، و الإحساس أن طيلة أيام الأسبوع هي عبارة عن عطلة مفتوحة، بعيدة عن ضغط مواعيد العمل..

كلما ازددنا في العمر صرنا شغوفين بتناول أطباق محرمة، خصوصا و أن أنياب أمراض مزمنة تبدأ ملامحها بالظهور، فهي تعول و تصرخ بأعلى صوتها في وجوهنا ..

كلما نضجنا صرنا منغمسين في الوحدة و الانعزال، و الابتعاد ما أمكن عن صخب الأصدقاء ،و صرنا نتخذ الاكتفاء شعارا ،و قد صار فنجان القهوة على شرفة شارع يطل على نهر ، او طبيعة خلابة أكبر أمنية
و صار للثلج معنى و للأمطار نكهة أما الهدوء فيرحب بنا بطقوسه المنفردة

كلما تقدم العمر، بتنا شغوفين بقراءة كتب التأمل و التدبر في كنه الإنسانية
و أخيرا كلما امتطى العمر صهوة السرعة ، كلما بتنا أطفالا في أعماقنا بحاجة إلى الحنان و العطف و الرحمة، أما الكلمة الطيبة فتأسرنا و تجعلنا ممتنين لصانعها..

التضج يرتبط اكثر بالتجارب الشخصية التي تجعلنا نتعامل بجدية اكثر مع الحياه
والبعض يمر بهم العمر مثل اهل الكهف بلا اي تغيير يكتسبوه
شكرا لهذا القلم الباهي وفكره المضيء
محبة وتقدير

،،

شكرا أستاذة سيرين على تعليقك الجميل و لا زلنا نقطف من العمر أوراق ناضجة تبوح لنا بمفاتيح حسن التواصل و ترسم لنا خارطة السعادة و راحة البال..