قراءات انطباعية لنصوص في قسم النثر الأدبي ( 1 ) ...
1 - مقبرة الحب للكاتبة حنين ...
اقتباس:
اسمحوا لي أن أستنطق جملةً من النصوص المتناثرة في قسم النثر الأدبي وأن أكشف عن المخبوء بين أسطرها ... واسمحوا لي أن أسجل مدونتي الانطباعية تحت ظلال بوحكم / أحاسيسكم بحبر محبتكم / ودادكم ... لكل شيءٍ ابتداء وبدايتي ستكون من خلال هذه المقولة الأشهر لعلي حرب : ( النص ينبئ بقدر ما يحجب ، ويفضح بقدر ما يخفي ) ... كأول نصٍ تشكل في مخيلتي هو نص ( مقبرة الحب ) للأخت حنين ... العنوان رسم في مخيلتي بماسوشيته وساديته في آنٍ واحد أن الحب سينتهي به المطاف عند آخر نقطةٍ سيقف عندها عقلي ... لذا كانت عدتي وعتادي جاهزتين لاحتمالاتٍ مأساويةٍ شديدة البكاء اشتعالاً بالحب وانطفاءً بالفراق ... وإذا انطلقنا مع أول جملةٍ يسكبها الوجع على ورقي فإني أجدها -أي الكاتبة -تفتش عن نبضاتٍ هزت أغصان الحنين وأقامت في ملكوتها وسبّحت بخيالها أمداً بعيداً ... فكان للتنقيب عن موجودٍ نبضٍ لا يخطئ أبداً .. كيف لا وهي تغترفه في جوفها كل حين ... بعد التقاء الساكن بالمتأجج ثارت فوضى واسعة من الجمل كلها تصب الوعد في نهر الوفاء وتعلنها بصوتٍ مسموع ( ... و لا أبتعد عنك ... ) غير جازمة في الأمر حاملة في جوف هذه اللاء احتمالاتٍ أخرى للفراق ... لتأخذنا بعدها - الحنين - إلى وقفةٍ هادئةٍ مع النفس التي صَعُب عليها تَقَبُل الوضع المتقلب في خوفٍ من ثورة قلبها عليها وكأنها تحاسب نفسها بكل خجل وتعيش تحت وطأة عاطفتها ... ( ... ضاع عمري في الأحلام .. ) تقريرٌ وانقلابٌ مفاجئ وصرخاتٍ داخليةٍ لم تستطع كتمانها وإن تظاهرت بعكسها خرجت من عتمة أحرفها ... ( ... وقلت لي لا تبكي ... ) هنا ثار النص وخرج عن سياقه لانفجارٍ ما وقع في الخفاء وقُفزٍ عنه من قبل كاتبه ... ( ... جرحت وطعنت قلبي ... ) يستمر المشهد بدمائية متوقعة بعد تلك العهود الرخوة المبدوءة بلا ... ( ... وقلت لي لا تنزفي .. ) أيضاً يلمح الحوار لتهدئةٍ لأوضاعٍ آخذة في التوتر اختفت خلف متوالية الكلام ... ( ...سلبت من عيني النوم ...) من هذه الجملة إلى مابعدها بقليل تأليبٌ للقلب على عشقه / عشه القديم وتعذيبٌ للذات بهذا الكم الهائل من البراءة / السذاجة ... ( .. تأتي وترتمي في أحظاني ..) سخرية القدر أتت هنا على عشقها / الخائن / المتساقط من قلبها واعترافٍ صارخٍ في وجهه بأن العشق ليس إلا إحدى ألعابه وتسلياته ... وبعدها بقليلٍ تنقلب علينا الكاتبة في حنين - ربما - لعشقها المتهتك من قلبها بــ ( ... لم أجد لك مثيل ...) في صراعات مع العاطفة التي سُحرت به أو ربما كانت لتقول أنه أجاد فن التمثيل ونال عليه استحسان قلبها / مشاعرها في سخرية .. ثم بعد ذلك اتضح أن لغة التشفي هي الأنصع في هذا البوح إذ وصفته بالمخادع / المتصنع ... إلى أن حملتنا بأجنحة الرجاء لمن كان حبيبها / المخادع بأن يغادرها وقلبها بسلام لأنه صار في مخيلتها ركاماً ... بعد هذه الخلوة الهادئة عادت بنا إلى جلد قلبها المجروح / النبض المتهتك من جديد بعصا الإخلاص ... وكأنها نادمةٌ على إخلاصها !! الأعجب بعد هذه الماسوشية التي مورست في ذاتها أنها تبث في قلبها الحياة فهي تجلده بيد وتشجعه بيد !! حتى خَلُصَت بنا حنين إلى قناعةٍ مفادها أن الزمن لا يحوي سوى أهل القلوب الجاحدة بنظرة لفها السواد وعمّها بأجنحته ... حتى استعدت في آخر الكلام لقول ما عنونت به بوحها من أن الحب قد دُفن في مقبرةٍ جماعية ، وختمت بوحها بنصيحةٍ لقلبها الموجوع أن يرحل عن هذا الزمن لاستحالة وجود كائنٍ اسمه الحب ... و هنا سأقف استعداداً لاستنطاق كائنٍ آخر ... كونوا بخير .. |
حمد الرحيمي لا ينصف الجمال الاّ الجمال قراءة هادئة ورائعة سبرت اغوار النص وابرزت جماليته شكراً الرحيمي وشكراً حنين |
تحليل رائع جعلني أعيد قراءة المشاركة مرة أخرى
ما تحليلك على مشاركتي؟ |
حمد الرحيمي ـــــــــــــــــ * * * لفةٌ كريمةٌ من صاحب نظرةٍ ثاقبةٍ بالحرف ومآله كم جميلٌ أنْ نقرأ بعقل ونكتب بعقل كما كُتب لك الشكر الجزيل وبانتظار الآتي الأجزل . |
حمد
وكل الحمد لك على مانثرته هنا من جمال لك أعجابي |
. . حمد.. الرحيمي.. قرأءةٌ.. انطباعيّةٌ.. موفّقة.. وموضوع.. الأخت.. حنين.. فعلاً.. كان.. يُخاطب.. القلب../. لذلك.. كان.. كما.. اسلفت.. أختيارٌ.. موفّق.. شكراً.. كثيراً../. لك.. ولقلمك.. وبإنتظار.. البقيّة.. . . |
خالد العنزي ... سيدي الكريم ... أنا ممتنٌ لهذا المرور الكريم ... شرفٌ لمتصفحي أن تطأه أحرفك البيضاء ... كُن بخير أيها النقي ... |
|
الساعة الآن 06:00 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.