منتديات أبعاد أدبية

منتديات أبعاد أدبية (http://www.ab33ad.com/vb/index.php)
-   أبعاد النثر الأدبي (http://www.ab33ad.com/vb/forumdisplay.php?f=5)
-   -   لستِ معي (http://www.ab33ad.com/vb/showthread.php?t=37550)

عبدالرحيم فرغلي 12-16-2016 02:01 PM

لستِ معي
 
التقيتكِ .. كنتُ يومها حبة قمح تتصعلك مع الريح ، لا تبالي أين تمضي ، خفيفة بلا حلم يُثقلها ولا رغبة تؤرقها .. فجأة ارتمتْ في قلبك .. أصبحت تنمو وتنمو و تنمو .. تتغذى بالحب وترتوي حنان .. كل صباح تتأمل حالها وتصيح .. يا إلهي ما أجمل الوجود .. ما أطيب البشر ، هكذا هو الحب يأتيك وقت الغسق .. بعدما تمضي وضاءة الأمل وتُقبل عليك قتامة اليأس .

يا لروعة حبنا .. منحنا الليل أصابع يعد بها ساعات أنسنا .. وفمه المعلق في السماء .. سرقنا له ضحكات الصغار .. لمحته كثيراً يوشوش أبناء الفجر بما كان منا ، كان الشوق ضميراً متصلاً بنا ، يؤنبنا في الغياب .. يصرخ بنا إنْ تراخت همزة الوصل ، كان يأتي بالصحراء لتمشي في دمي وتنام في حنجرتي .. وأظل أنادي الماء والشجر .. وأجرى في كل الجهات ، لترمي لي أخيراً فتات موعد أتنفس فيه الحياة كمولود جديد .

اقتربتُ منكِ كثيراً .. عرفت كل تفاصيل عطرك ، إنْ غضبْ شممتُ في داخلي رائحة الاعتذار .. وإن رضي شعرتُ بالحسد استشرى وزاد في الكون ، عجيب عطرك يا سلمى .. يفتح شهيتي للثرثرة والبوح بأسراري .. حتى تلك التي لا تليق ، يدفعني لأن أكسر القيود وأمسك بيدك ِ .. يضج في صدري شاطئ ملئ بالبشر .. يجرون ويضحكون .. والنوارس تطير فتقع في قلبي .. عطرك شارع طويل لا تمل روحي من الركض فيه .

للألوان حكاية لا يعرفها سواك .. فيمكنك أن تصلحي بين المتخاصمين منها ، بفستانك يتعانق الأحمر والأصفر بحب ، والاسود ينادي من بعيد حكايات البياض ويذيعها للناظرين ، يقولون ألوان ساخنة .. لكنها عندك تهدأ وتستكين وتريد من حنانها تقبيل ما حولها ، ما أجمل تلك الزهور المتناثرة في وشاحك .. أشعر بها أفواه صغيرة تريد أن تتلو روح القصيدة . الأزرق الثرثار يشتهي لو يبوح لي بحديث أنفاسك فأسكته احتراماً لكِ .

لا أدري ما يحدث لقلبي حين تجلسين على الكرسي المقابل .. وتتخذين هيئة العمر الجميل ، المكان يصبح مؤثثاً بك ، يلتف جسدك بعباءة مسروقة من مواويل العراق .. تتكئين على الطاولة كضحكة مزروعة في أرض المطر ، حين أراكِ .. يتمدد في داخلي فجر من بلاد الأندلس ، تقولين .. اشتقت إليّ ؟ نعم .. نعم يا سلمى .. أنا في الغياب قطعة أرض لا ينفع فيها بناء ولا يأتيها المطر .. أغنية قديمة لن يسمعها أحد .

كل صباح وحين تُلصق الشمس نسخة منها في صفحة السماء .. أقضي ساعة أتذكر ما دار بيننا بالأمس ، أنت تسقيني الحب بترف .. ممزوجاً بغيرتك التي ترضي غروري .. تزيد وسامتي .. وأرى أني رجل يتنفس أحلاماً تتحقق .. بل يمكنني أن أصنع أحلاماً للآخرين ، لكنَّ غيرتكِ أصبحت شكوكاً .. ترى الطرقات كفيفة .. وألوان الزهور لؤم وخرافة .. وضياء القمر أكذوبة يواري به خيانته مع نجم وسيم خلف الجبل طيلة النهار ، أعود من لقاءنا مغسولاً بالألم .. البنايات قلوب منتصبة تربت نوافذها على كتفي .. تأكلني الدهشة .. كيف لأخلاقي أن تكون ساحة لاتهاماتك وعبثك ، الصبر لم يعد يطيقني .. وما كان ثمرة غيرتك يا سلمى .... ...... .... افترقنا .

رشا عرابي 12-16-2016 03:35 PM

لله درّ هدأةٍ منحنتني قراءةً أنعشت الذائقة
ووهبتها آفاق من التّأمل، ومداءاتٍ من الإصغاء

وقفات أدهشتني،

[ﻭﻓﻤﻪ ﺍﻟﻤﻌﻠﻖ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ]

صورة تَلهجُ بالدعاء، وتستنطِق القلب خشوع..!

[ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺸﻮﻕ ﺿﻤﻴﺮﺍً ﻣﺘﺼﻼً ﺑﻨﺎ ، ﻳﺆﻧﺒﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﻴﺎﺏ .. ﻳﺼﺮﺥ ﺑﻨﺎ ﺇﻥْ ﺗﺮﺍﺧﺖ ﻫﻤﺰﺓ ﺍﻟﻮﺻﻞ]

سطرٌ جدل الحكاية بتوصيفٍ وارف
بين غيابٍ وإياب..!




[ﻻ ﺃﺩﺭﻱ ﻣﺎ ﻳﺤﺪﺙ ﻟﻘﻠﺒﻲ ﺣﻴﻦ ﺗﺠﻠﺴﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﻤﻘﺎﺑﻞ .. ﻭﺗﺘﺨﺬﻳﻦ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﺍﻟﺠﻤﻴﻞ]

وهنا، رَهافةٌ تترى
لملمتَها في مشهدٍ لله ما أرقى مثوله


والقفلة عتابٌ استنزفَ جلّ الشعور المُراق
من محبرةِ النص ..

منارةُ الأدب الوارفة
أستاذي عبدالرحيم فرغلي

نحتاج لمثل هذه النصوص
كي نتعلم كيف يكون الحب والعتاب والغيرة والحضور والغياب مطوّعاً في سطر بوح ملموس مرئي

أستاذي،
لك التّحايا سامقاتٍ كأنت

سيرين 12-16-2016 03:38 PM

عطرك شارع طويل لا تمل روحي من الركض فيه
الأزرق الثرثار يشتهي لو يبوح لي بحديث أنفاسك فأسكته احتراماً لكِ .


ما أبهاه نبأ تماهى ببهجة العشق ولغة الماء
ثم ما لبث واختتم ذروته بغصة الغيرة التي تصيبنا في مقتل
ليتسيد حرف صاغ صوره الابداعية المتعددة بحرفية ممهورة الترف
حد تسامق به مزن الثريا
سلمت يمناك شاعرنا المبدع " عبدالرحيم فرغلي "
ابهرني قلمك الغانم غيث المطر وخطايا جدب الظنون
لك فاضلي جل الود وتحايا الورد


\..:icon20:

حسام الدين ريشو 12-18-2016 11:19 AM

عندما يكون نبض القلب
صادقا
تأتي ترجمةالمشاعر
والإحساس أصدق
في هذا النص
للأستاذ القدير
عبد الرحيم فرغلي
كان ذلك الصدق وهجا تجلى
في روعة المفردة
في التراكيب البلاغية
مجازا واستعارة
وإيقاع داخلي جميل
تحياتي
سيدى الفاضل
ودام لك توهج ابجديتك

نوف سعود 12-18-2016 11:36 PM

،
،
ما أجمل دهشة حرفك الأخ القدير عبدالرحيم،
كل كلمة تشد الأخرى لروعةِ التصوير والتشبية،
شكرًا كبيرة لهذه الأبجديات الممطرة رقّة العاطفة،
تقديري وتحية.

نازك 12-19-2016 01:00 AM

؛
؛
أتعجّبُ من هذه الحرفنة التي نمتلكها حين يتآكلُنا الحنين وننعجِن بهِ
للحِدّ الذي يطحنُ قمح شعورنا،ويتأتّى بهكذا بوحٍ يانع !
الفرغلي؛ بارعٌ في رسم التفاصيل، بل أدقّها
تفاصيلُ سلماهُ المُغيّبة في أقبية الذاكرة
لوهلةٍ من استرسال اللاشعور بهكذا حرف، لا غرابة من الامتزاج بشخوصه، ومشاهدة الأحداث وعن كثب !

لو جاز لي العبور لداخل تلك الصور
لربّتُ على كتفِ سلمى ؛ وعاتبتُها مُطوّلاً (:

الفرغلي/
دام سعدُك

تقديري الجمّ

هاني هاشم 12-19-2016 03:46 AM

بوح شجي .
توج الإحساس
على ممالك الكلمة .
وبسط مساحات
شاسعة .
لعيون المعنى
لنرى من خلالها
الوجه البهي للشعور ...
الراقي .. حضوراً .. وقلماً
عبد الرحيم فرغلي ..
دام حضورك العطر
ودمت بكل خير ....

بلقيس الرشيدي 12-19-2016 03:59 PM

دَهشةٌ فِي الغِياب . حدَّةٌ فِي العِتاب وهشَاشَة تخترقُ جسَد الحُب !
مُبهرٌ فِي السَرد ياعبدالرحِيم وبين فُصُولِ حِكايَتُكَ خيالٌ يسرقُنا من لحَظاتِنا

شُكرًا لكُل هَذَا الربِيع . أسعدك الله

.

http://www.albrens.com/vb/uploaded/4563_1251393963.gif


الساعة الآن 01:50 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.