منتديات أبعاد أدبية

منتديات أبعاد أدبية (http://www.ab33ad.com/vb/index.php)
-   أبعاد المقال (http://www.ab33ad.com/vb/forumdisplay.php?f=6)
-   -   قبل أن تزول.. (http://www.ab33ad.com/vb/showthread.php?t=44312)

عمرو مصطفى 11-14-2023 01:50 AM

قبل أن تزول..
 
إقامة الدولة في الإسلام وسيلة وليست غاية كما يظن الكثير ممن ينتسبون للإسلام. فهي وسيلة لإقامة الدين في الأرض بشكل جماعي منظم، يحافظ على الحقوق الشرعية للجماعة والفرد.. والإمام في ديار الإسلام له مهام عديدة مذكورة في كتب السياسة الشرعية وأعظمها هي حفظ الدين.. فولي أمر المسلمين يتولى بداهة أعظم أمر من أمورهم وهو دينهم. وهذا الدور هو أهم عامل من عوامل بقاء الدول وضده أهم عامل من عوامل هدم وزوال الدول..
وإن كانت الدول كالإنسان يبدأ صغيراً ضعيفاً ويكبر ويشتد عوده، ثم يبدأ في الانحدار، إلى السقوط الكلي.. فهذا التسلسل قدري كوني "اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ " الروم (54) . لكننا نعني هنا بالزوال الذي يحدث للدول بسبب مخالفة الإرادة الشرعية، فكما أن البيوت تخرب بسبب مخالفة الإرادة الشرعية، فكذلك الدول بشكل أكبر، وسواء كانت المخالفة من الراعي أو من الرعية، فكما قال الأوائل: عمالكم أعمالكم.. وكما تكونوا يولى عليكم.. وقد عبر عن ذلك الإمام ابن القيم بكلام قيم حيث قال: " وتأمل حكمته تعالى في أن جعل ملوك العباد وأمراءهم وولاتهم من جنس أعمالهم، بل كأن أعمالهم ظهرت في صور ولاتهم وملوكهم : فإن استقاموا استقامت ملوكهم، وإن عدلوا عدلت عليهم، وإن جاروا جارت ملوكهم وولاتهم، وإن ظهر فيهم المكر والخديعة فولاتهم كذلك، وإن منعوا حقوق الله لديهم وبخلوا بها منعت ملوكهم وولاتهم ما لهم عندهم من الحق وبخلوا بها عليهم، وإن أخذوا ممن يستضعفونه ما لا يستحقونه في معاملتهم أخذت منهم الملوك ما لا يستحقونه وضربت عليهم المكوس والوظائف، وكلما يستخرجونه من الضعيف يستخرجه الملوك منهم بالقوة، فعمّالهم ظهرت في صور أعمالهم . وليس في الحكمة الإلهية أن يولى على الأشرار الفجار إلا من يكون من جنسهم . ولما كان الصدر الأول خيار القرون وأبرها كانت ولاتهم كذلك، فلما شابوا شابت لهم الولاة فحكمة الله تأبى أن يولي علينا في مثل هذه الأزمان مثل معاوية وعمر بن عبد العزيز فضلاً عن مثل أبي بكر وعمر بل ولاتنا على قدرنا وولاة من قبلنا على قدرهم وكل من الأمرين موجب الحكمة ومقتضاها"
وكما أن العدل أساس الملك.. فالظلم هو السوس الذي ينخر في عظام الدول والممالك.. وكما تعلمنا من ابن القيم أن ظلم الراعي مترتب على ظلم الرعية بعضها البعض.. فتكون الرعية هى الأساس في زوال دولها..
فإذا رأيت الراعي يرفل في الترف والدعة ويعلن بالفجور؛ فاعلم أن هذه هي صورة الرعية في الحقيقة قد انعكست على راعيها، " فلما شابوا شابت لهم الولاة" فهو منهم وبهم، ولا يلوموا إلا أنفسهم إذا ما غير الله ما بهم من نعمة، بعد أن غيروا ما كان بهم من طاعة..
وإنا لله وإنا إليه راجعون.
حفظ الله بلادنا ودولنا وسلمها من كل مكروه وسوء.
***

ندى يزوغ 11-15-2023 08:48 PM

أرى أن طغيان مسؤولين في بعض الدول العربية لا علاقة له بوضعية الرعية..فهضم حقوق الإنسان تترجم بنودها في العلن و تسلب بكل جرأة كرامتهم الإنسانية ضاربين بعرض الحائط ما وعدوا به في أول حكمهم ..شتان بين رعية ضعيفة لا تريد سوى العيش بسلام و مسؤولين عتوا في الأرض فسادا..

عمرو مصطفى 11-15-2023 09:57 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ندى يزوغ (المشاركة 1226216)
أرى أن طغيان مسؤولين في بعض الدول العربية لا علاقة له بوضعية الرعية..فهضم حقوق الإنسان تترجم بنودها في العلن و تسلب بكل جرأة كرامتهم الإنسانية ضاربين بعرض الحائط ما وعدوا به في أول حكمهم ..شتان بين رعية ضعيفة لا تريد سوى العيش بسلام و مسؤولين عتوا في الأرض فسادا..

الرد سبق من ابن القيم عليه الرحمة:
" وليس في (الحكمة الإلهية) أن يولى على الأشرار الفجار إلا من يكون من جنسهم . ولما كان الصدر الأول خيار القرون وأبرها كانت ولاتهم كذلك، فلما شابوا شابت لهم الولاة فحكمة الله تأبى أن يولي علينا في مثل هذه الأزمان مثل معاوية وعمر بن عبد العزيز فضلاً عن مثل أبي بكر وعمر بل ولاتنا على قدرنا وولاة من قبلنا على قدرهم وكل من الأمرين موجب الحكمة ومقتضاها" أ.هـ (مفتاح دار السعادة لابن القيم).

وقال الطرطوشي في سراج الملوك ( ص 197) :
الباب الحادي والأربعون في " كما تكونوا يولى عليكم " .
لم أزل أسمع الناس يقولون : " أعمالكم عمالكم كما تكونوا يولى عليكم " إلى أن ظفرت بهذا المعنى في القرآن قال الله تعالى : " وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا " [ الأنعام : 129 ] ، وكان يقال : ما أنكرت من زمانك فإنما أفسده عليك عملك . أ.هـ

بوركتم..

سيرين 11-17-2023 01:14 AM

وكما تعلمنا من ابن القيم أن ظلم الراعي مترتب على ظلم الرعية بعضها البعض.. فتكون الرعية هى الأساس في زوال دولها..

صدقت واوفيت كاتبنا عمرو مصطفى
كما عهدنا قلمك الباهي وفكرك المضيء
طرح قيم بمثابة إنذار يبحث عن إفاقة قبل فوات الاوان
شكرا لا تفي
دمت نبراسا


،،

عمرو مصطفى 11-19-2023 09:27 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سيرين (المشاركة 1226222)


طرح بمثابة إنذار يبحث عن إفاقة قبل فوات الاوان


،،

ولشد ما أخشى فوات الأوان..
وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (النحل ـ 112)
أحسن الله إليكم أستاذة سيرين.


الساعة الآن 09:36 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.