منتديات أبعاد أدبية

منتديات أبعاد أدبية (http://www.ab33ad.com/vb/index.php)
-   أبعاد النثر الأدبي (http://www.ab33ad.com/vb/forumdisplay.php?f=5)
-   -   ؛؛ [ذاتَ الرِداء الرَمادِي ]؛؛ (http://www.ab33ad.com/vb/showthread.php?t=9162)

خنساء بنت المثنى 01-16-2008 01:36 PM

؛؛ [ذاتَ الرِداء الرَمادِي ]؛؛
 



[ 1 ]
وِلادةُ المَوت

جَنين تَكوَنت في رَحِم ذاتٌ الطُهر والعِفة
وَلَدتني بقدرٍ لم يَتَغير بِقُبلةٌ منها ,,,


مَرت السِنين الأولى وأنا أمُار س طفولتي بِبَراءةَ
وتِلك البراءةَ هي الهَالةُ البيضاء التي سَتُرافقني الى اللََحد


كُنت طِفلةٌ لُعبتي الوِحدة ودُميَتي يَتيمةُ الرِفقةُ مِثلي
كُنت أضمُها وتَهمسُ لي ,, أن لا أح ــزَن أن غداً تُشرق الشَمس
كُنت أُكلِمُها ليلاً نَهاراً خِلسةٌ عن من حَولي لرُبما ظَنوا بي مَسٌ أو جُنون فقد كُنت شَديدةُ التَعلق بها ,,,


مَلامِحي تأسُر النَظَر وضَفائري الذَهبية تُسارع أليها هَباتُ النَسيم
لتُداعُبني كُل ما خَرَجتُ لأركَبَ أرجوحَتي المَركونَه في زاوية الحَديقة
على عُشبها أفترشتُ مُشاغَبتي وبين زهورِها كانت تَمضي أيامي ,,,


[ 2 ]
شَيخُ ـوخَةُ الصِبا


قَطفَ الزَمانُ سِتُ زَهراتٍ من عُمري
ودَخلتُ عالم القُرطاسُ والقَلم
رأيت وجوهاً مُختلفة عن المألوفة لََدَي
عِندها بدأت أتَعَرف الى روحي ذاتَ الرِداء الخَجل المُحمَر
كُنت أحسُب هذا العَالَم حُضنَ جَدتي الحَنون
الذي سَيُرَبت على كَتفي كُلَما مالَ الدَربُ عن مسارِه الصَحيح
وعَصَرتني مَصاعِبُه ويَسقيني الحِكمةُ من فاهِ تِلكَ العَجوز الطَيبة ,,,


ولكن !!
مالبثَ ألا أن كَشَرَ عن أنيابِه وأختَفَت ملامِح جَدَتي عَن وَجهِه ,,,
بدأت تتَسَرب طُفولَتي من بَين أصابِع عُمري الذي سُلِب مِني
مِن أول لَحَظات وِلادتي ,,, ورُبَما كانَ هذا هُوَ الذَنبُ الوَحيد الذَي أقتَرَفتُه !!!
فَوقَ كُرسيِ الخَشَبي عِند زاوِية صَفي كُنت أجلِس أُراقِب
مُستَقبلٌ قررَ أغتِيال طُموحي يَفتَح أضلُعَهُ لسِجنٌ أبديٍ !!


[ 3 ]
أحتِضَار شَمعَ ــة


ويَستَمِر الزَمانُ بِقَضمِ أزهَاري ويَلوكَها ليَلفُضَها أيامُ مُمَزَقة ,,,
تَوالت السُنون ,, شَاخَ القَلبُ بَعدَ أن لَظاهُ الهَمُ منذُ نُعومَةَ أظفاري
أشعَلتُ الروحَ لأجلِهِم وتَراكَمَ رَمادُها بينَ أضلُعي ,,,
تَحرسُني بقايا طِفلةٌ مُستقرَها أسفل دَرَك روحي !!!


أينَعَت أربعةَ عَشَر سُنبُلة حَباتُها الأيام وقاماتُها تُعانِد الأنكِسار
نَذَرتُها قوتاً يَسُد رَمق من أفتَرشوا الأرض وسادةٌ بَينَها !!
روَتها دَمعاتُ مُقل غَيماتي لـ يَتَوالى أخضرارُها ويَتوالى حَصادُها !!
وكانَت الرابِعةَ عشر فُوَهَة جَحيم مازالَ لَظاهُ يَلسعُني بألم !!
وأستَمَر المَسير بخُطواتٌ تَقتاتُ الأشواك فَيَزيدَها الألَم إصراراً
تَدور حَولي طُيوفُ أمنياتٍ عَكَستها المرايا
خَناجِر قَطََعَ حِرماني مِنها كَبدي !!!


حَتى وصلتُ الى المَحطة السابِعةَ عَشر ويالَيتَني ماوَصلت !!
عَندَها رَكبتُ قِطار الضَياع بدون تّذكَرةٌ مُرَجَعة ,,,

[ هُنيهَـ ]
هُنا بدأ الزَمان يدورُ بِعكس أتجاه الشَمس !!!
فأسدِلَ سِتار الظَلام جَوراَ على هذهِ الرُوح .




بدأت رحلَتي وبدأت أتَنَقَل من محَطةٌ الى أُخرى
حامِلَتاً حَقيبةُ أوجَاعي مُرَتِبةٌ فيها أبجَديات العَذاب
من أكبَرَها الى أصغَرَها تتَلوني كُل يَوم بِخشوع !!!
قادُوني الى مَنفى ,,,
لَعِبت أصابِعُهم بقَدَري ,,,
شَكَلوا أيامي البائِسة تَماثيل من فُخار ,,,


ومن هُنا بدأتُ أشتاق لِكَي أقبَع تحتَ دِثارٌ من تُراب
وأن يَقِفُ فوق شاهِد قَبري ويَبكوا على ماصَنعَوا بي
وأن تشهَد عليهُم دَمعاتي وأناتي عِندما يأتي يَوم الحِساب


وهكذا أستَمَرت الرِحلة حتى المَحَطة الرابِعَة والعِشرون !!!
عِندَها تَرَجلتُ من هذهِ الرِحلة لأقفَ مَكتوفة الأيدي عندَ حَافَة الرَصيف
مُكبَلةُ الأرجُل الى وَتد العَجز الذي أصاب خَياراتي في هذه الحَياة !!!
سَأسير خطوةٌ بعد خِطوه وسَتُخَلدُني ذاكرةُ الأرصِفةَ
مُتَسَكِعِه في دَرب الوَجع أترك آثار مُروري على أحجَاره
تائِهة في مُدن لَم يَبقى فيها سِوى أطلال من الماضي
وتَلاويح لمُستَقبلٌ يَكسوه السَراب !!!



ورُغمَ ذلِك ,,,
نَذرتُ نَفسي شَمعةٌ أنصَهِر لأجلهٍم وأُبعَث من دُموعي حياً
أقتُل المَجهولَ وأصلبُه أمامَهم لِيَروا النور أينَما وَلوا وَجوهَهُم




[ 4 ]
رُوحٌ مُنهَكَه


وعندَ المَحطة الرابِعة والعِشرون رَكبتَ على مَتن قِطارٌ بأتجاه
المَجهول هُناك باتَ لي مَسكَن ومَرتع حيثُ سيدهُ الظلام وخادمهُ السَواد
سوادٌ أرتَدَيتهُ بعد أن هُدِمَت أركان مَنزِلِنا برَصاصةٌ غادِرة حَرَمتنا
ذلك الوالِد الذي كُنا تحتَ ظِلهُ آمِنين ,,, عِنَدَها لَسَعَني أحسَاس اليُتم الحارِق
وكُسِرَ ظَهري بعدَه ومازِلتُ من حَولٍ كامِل يَلهَج قَلبي ألا لَعنةُ الله على من
وأدَ طَمأنينَتِنا وغَدَرَ بِك بكُل خِسه ,,, فالصُقور تُغدّر بالرَصاص !!!
فَلم يَعد لي مُتكئُن في وَطنٍ شَرَبِت أرضَهُ دمائَهُ الطاهِرة ,,,
ولََم أعُد أشعُر بالغُربه في أرضٌ أستوطَنتُها منذُ سِنين فهِيَ الآن وَطَني المُستَأجَر!!


وبدأت الأيامُ تَسير على مَضض بِخطواتٍ حُبلى بالحَيرة والتَردد وتَخَبُط القَرارات
ولَكِني عَزمتُ وتَوَكلتُ على خَالِقي أن أغرَس جُذوري كـ نَخلةٌ باسِقة صُورَتَها
عالِقه في الذاكِرة وقَد أحتَرَقَ جَميع سَعفُها ولَكِنها أبَت الرُضوخ للنيران
بِرَغم فَقدُها ولَظََى أحتِراقُها وبَقائَها كـ جِذعٍ خاوي يُعانِد الرِياح ,,,
فَـ يا جِذعي أستَقِم !!!


ويَـا أوجَاعِي المُدَنسة بدَمع أرحَلي !!
ويَـا أحلامِي المُرَصَعة بالمُستَحيل هَلُمي !!
ويـا أمُنِياتي المَركُونة أنفِضي الغُبار عَن مُحياكي !!


لي مَعَ الأنبِعاث مَوعِد ,,,
لي مَعَ الأبتِسام وَعد ,,,


وجَرحي المَحموم أستَتَر ,,,
والأنهاك قد أنهَزَمَ هذا المُستَعمِر ,,,
وصَوتي سَيَعبُر الأثير ويُسمَع فوق ذاكَ القَمَر ,,,


قَد عادَ النَبض الى رُوح القَلب ,,,
قَد عادَ الهَمسُ بالرَاحه ولو بَعد حين يَدوي في داخِل اللُب ,,,


الآن سَأستَلِذ بشَهد الدَمع
وسَألُوك الألَم قُوتَ الجُوع
وأرتدي الشَوك كـَ دِرع


أذِنَ القَدَر بأن ألتَقيه وأنفي نَفسي في داخِله
وأبدد غُربةَ روحي بوَطَن في عَينَيه
وأن أُغرَم ,, أهيم ,, أعشَق ,, أغرق في حُبِه


فـَ لَو نُحرتُ في مِحرابَه
أو أعدَموني على عِتبَتِه


سألهَج بأسمِه حتى آخِر رَمَق أتَنَفَسه ,,,
فأنا خَ ــــنـــســـائــُه ,,,,



[ 5 ]
فَصلٌ خامِس مُتَمَوِج




آآآآهـ
تَعصِف بِجَوفي
تُرَوع روحِي


وَأوووواهـ
تَختَنِق بأنفَاسي
تُرَتَل بِنَبضي


وتَنهيدهـ
لـصَبرٍ أمَر وأقسى
وحِيرةٌ وَجِله وأدهى


وبارِقهـ
أمَل كَـ حُلم طِفل رَضيع
وتَلوِحَة عائِد من جَحيم واقِع
وثَغرٌ باسِم رُغمَ قَمع



أربَع فُصول خَامِسُها رَماديٍ
بَعد أن نَكَرَتني الألـوان فَلم أرتَضي السَواد أو أخضَع لِظَلام
وبَعدَ أن تَمَزَقت كِسوة قَلبي البَيضاء وثَكَلني الضَوء
وبَينَ لَيل واقِع ونَهار مُنتَظَر
ودِفئَهُ المُحَرَم وبَردٌ صَعيقَهُ مُستَمِر


وجَدتُ في الرَمادي حُسن مَآب ومُستَقَر
فأرتَميتُ تَحتَ دِثارُه وأمسَت هذهِ الخَ ـــنـسـاء




[ ذاتَ الرِداء الرَماديٍ ]


http://up.qatarw.com/u/files/wppm7f8343l0zivo5wtf.jpg

نجمة أمل 01-16-2008 02:22 PM

بسم الله الرحمن الرحيم





لا أعرف ماذا اترك هُنا من ( رد )
ولكني سـ اُلقي عليكِ السلام .، وسأنثر على قلبكِ
دعوات من سعادة
أن اللهم اغدقها على قلبها ابداً
[ :) ]





.




نجمة أمل

قايـد الحربي 01-16-2008 02:45 PM

خنساء بنت المثنى
ـــــــــــــــــ
* * *


رائعٌ جداً اختيارك اللون [ الزهريّ ]
حيثُ التورّد و النمو _ رغم ما يعقبه من سوادٍ مُحزن .

لغتك روحٌ و رَيْحان
فشكراً كـ جِنان .

سعد المغري 01-16-2008 07:12 PM

...
كـ غيث ٍ يجيء من رحم ِ المزن
يأتي حرفكِ ليستوطن السطر بلا نهايات
وبلا نقطة توقف
كأن البوح يحاول الوصول لــ بداية
أو ربما يحاول التسلل من مراحل الحزن
هنا يتجرد الفرح ولانجدة بين متاهات العمر.
ذات الرداء الرمادي.
تجيدين صيلغة الحرف كما ينبغي
دمتِ قاتلةً للحرف.



لله درك

عُهود عبد الكريم 01-17-2008 11:06 AM



رُبما سـ أعود ألون أخضر وقتي بـ الرمادي المُزهر :)

..

آفاق 01-17-2008 08:59 PM

.

.


ومع خطوط هذا اللون وتدرجاته نتردد حزناً ويأسرنا الهم
فنخرج من كل شي با[[لاشيئ ]]
ونكون هباء منثوراً ...
وإلا لمَ سمي الرماد رمـــــــــاداً !




عزيزتي خنساء دمتِ ببياض ونقاء كما أنت




احتراماتي

فضائِلْ 01-17-2008 11:20 PM

:
آهات الحزن ..
تسري بـ أوردتك..
حاملة معهـا دماء .. الألم ..
:
كـ أكسير حزن لا تعيشين الا لـ أجلة ..
:
:
خنساء بنت المثنى
كوني كمـا أنتي ..
:
:)

هند الفهيد 01-19-2008 10:02 AM

:

غاليتي خنساء لابـُدّ من رائحة أمل ..
فحين تكون استنشقيها بجرأه وثبات..




لكِ الأماني بالسلام


وباقة ورد يغلـّفها بالغ احترام

:


الساعة الآن 08:13 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.