منتديات أبعاد أدبية - بـشـايـر الـخـيـر

بـشـايـر الـخـيـر

نمر بحياتنا بمآسي وأحزان، بأوهام وكآبة تكون أحيانا قاتلة لنا، نقف بوجه أمواج الحياة العاتية التي تصد كل بارقة أمل لنا، وتجرف كل تفاؤل قد يصيب قلوبنا، نشعر بالضياع، كأننا لوحدنا في مآسينا وأحزاننا ، ننظر حولنا فنجد أنفسنا وحيدين بوجه أمواج الحياة، وننظر إلى أحبابنا وخلاننا، فلا نجدهم ونتسائل أين ذهبوا، كيف تركوني وحيدا، تركوني بأحزاني وأوهامي، بلا معين ولا خل وفي ينشلني من ضياعي وأحزاني، آه يا دنيا ما أقساك، كيف بقيت وحيدا أعيش بعالم أحزاني وأهوامي.

تصاب بالاحباط وفقدان الأمل، ترى نقاط سوداء تملأ حياتك وتتكاثر حتى تحجب النور عن عينيك، تستسلم للأحزان وتصبح أسيرا لعالم الأوهام، تبكي على أيامك السعيدة التي انتهت ، تتساقط الدموع كقطرات المطر على من خذلك وتركك وحيدا، تبحث بدفاتر الأيام فتجده قاتما أسودا، تطاطا راسك حزنا وكمدا وتعيش بالاحزان منتظرا الموت لعلك تجد به راحة البال.

تعيش بعالمك الذي أسكنت نفسك به، شهورا تطول إلى سنوات، فاقدا للأمل ومصابا بالياس، فشلت كل مساعيك لتحويل عالمك المظلم إلى عالم جميل مزدهر فتركن للأحزان والمصائب.

هكذا كان حال صاحبنا، مصابا بالاحباط وفقدان الأمل والسعادة يعيش بعالم الاوهام والاحزان، بينما كان يجلس وحيدا بغرفته، على ضوء الشموع، بعد ما تعطل آخر ضوء نور عنده، يفكر بحاله وما آل إليه من سوء حال، قال ساخرا بنفسه حتى الضوء الوحيد الي كان ينير غرفتي اختفى وذهب أدراج الرياح وتخلى عني كما تخلى الأقربون منذ زمن.

جلس يبكي على حاله وحظه وقد ملكه اليأس والقنوط من كل شيء، شعر كأن الأرض تهتز من بين يديه، خاف وارتعب، فلفت نظره اشراقة نور تضيء من بعيد وتقترب إليه سريعا، خاف قليلا مما رأى وما شعر به، لكن كلما اقترب النور إليه هدأت روعه وسكنت آلامه وأحزانه، اقترب النور إليه حتى أنار غرفته، وأزدان قلبه نورا وفرحا، وظهر من خلف النور فتاة جميلة ممشوقة القوام بيضاء الوجه، يشع النور من وجهها كأنه ضياء، وترى بعينيها بريقا يلمع كالالماس، على شفتاها بسمة الأمل والحب والتفاؤل، تعجب مما رآى وقال بنفسه هل أنا بعلم أم بحلم، ما هذا الجمال والعيون والنور، هل أرى حورية أم ملاك من السماء.

عندما رآى الفتاة نسي هموم الدنيا وما بنفسه من أحزان وأوهام، شعر كأن الحياة تبث بصدره مرة أخرى، أحس بقلبه ينبض من جديد، ومشاعره الرقيقة عادت تسري بشرايينه فأعادت له الدفء والحنان المفقود، أعادت لنفسه الروح والحياة فتجدد نشاطه وانفرجت أساريره، هم ليخاطبها ويقول ما بخاطره لكنها بادرته بالكلام قائلة:
يا حبيبي لم الحزن والبكاء، لم التعب والشقاء، لم الهم والأحزان، فأنت في ريعان الصبا وفتوة الشباب، أنت وردة الدنيا, وزهرة من زهراتها، أنت أمل الحياة والحب، فبك يحيا الناس وتسعد، وبك تبني مستقبلا مشرقا مزدهرا.

رد عليها: هذا كلام الحالمين والرومانسيين، هذه الحياة التي نعيشها هي حياة شقاء وأحزان، لا صديق وفي ولا مال وفير ولا راحة بال وسعادة، كلما سعينا بها لننال سعادتنا فوجئنا بها تنقلب ضدنا، كأننا نعيش بعالم غريب عنا ، عالم لا يريدنا ويلفظنا كلما حاولنا التقرب منه، عـن أي سعادة وفرح ، وعن أي أمل وتفاؤل تتحدثين يا سيدتي.

ضحكت من قوله وقالت: بلى يا حبيبي، يوجد هناك دائما فسحة من الأمل والتفاؤل ما دام الإيمان بالله بقلوبنا، دائما هناك فسحة من الفرح والسرور ما دام هناك إيمان بقضاء الله وقدره، دائما هناك فسحة من الحب والعشق ما دام هناك صديق تحبه ويحبك، عالم الظلام لا يأتي إلا إذا زرعناه بقلوبنا ووطناه بأنفسنا، عالم الأحزان والأوهام لا يأتي إلا إذا طردنا السعادة والفرح من قلوبنا، أحزاننا لا تأتي إلا إذا لم نعرف طعم الحب والعشق والغرام.

يا حبيبي حتى تسعد بحياتك وتعيش بعالم النور المليء بالفرح والسعادة وراحة البال، وحتى تكون سعيدا طوال حياتك لا تعرف للحزن طريقا، عليك ان تؤمن بالله وبقضائه وقدره، عليك أن أن تبقى سعيداً فرحا مهما حصل معك من صعاب.

يا حبيبي طريق الحياة طويل مليء بالأشواك والسعيد من عبره وتجاوز أشواكه، ولن تتجاوزها بقلب مليء بالأحزان والأوهام، حتى تتجاوزها عليك ملء قلبك بالحب والفرح والسرور، واعلم أن البسمة الدائمة على شفاهك تفتح لك أصعب الطرقات.

يا حبيبي اجعل ضحكتك هي مفتاح علاقتك بكل من تحب فستجدهم يأتوك سراعا، وافتح لهم قلبك فتجدهم فتحوا لك قلوبهم، وافرح لهم وشاركهم حياتهم فستجدهم يشاركونك أفراحك ويخففون عنك آلامك وأحزانك.

يا حبيبي القلوب تشمئز من القلب الحزين المليء بالبكاء والعويل، فاجعل قلبك نبراسا لبقية القلوب واملأه بالحب والفرح والسرور، فستجد عالمك قد تحول من ظلام إلى نور، ومن شقاء إلى سعادة.

لامس كلامها أعماق نفسه ووجدانه وشعر بالطمأنينة وراحة البال، ونشوة وسعادة غامرة تملأ قلبه، كان كلامها المفتاح الذي فرج همه وغمه، وملا قلبه حيوية ونشاط.

هم ان يخاطبها لكنها اشارت إليه بالسكوت وقالت: يا حبيبي لا تجعل قلبك منغلقا على نفسه ودع زهرات الحياة تتفتح بقلبك، لا تبتئس ممن خانك ومن كرهك فالناس معادن وقد تكون قابلت أسوأها وانظر إلى من يقدرك ويحبك ، إملأ قلبك بالورود الجميلة وإهدها لمن تحب وأسكنه بقلبك، فسيكون معك دائما وأبدا.

عندما انتهت من كلامها، همت بالذهاب فعاجلها بقوله إلى أين أيتها الحببيبة ، إلى أين يا من شغلت قلبي بالنور والسعادة وملأته بالفرح والسرور وجعلته منارة للحب والهوى.

إلى أين تذهبي أيتها الحبيبة، التي علمتني معنى الحب والحياة والفرح، وأرشدتني لطريق الحياة السعيدة.

ضحكت وقالت أيها الحبيب أما زلت لم تعرف من انا، وعادت من حيث أتت.
أما هو ففكر بحاله سابقا وبكلامها العذب المليء بالحكم والنصح السديد، فوجد أن قلبه قد أشرق نورا وتبدل حالها كثيرا وقد ضحكت الدنيا له ، فقرر تسمية ملاكه الجميل والمشرق ببشاير الخير.

-------------
مما جال في خاطري
قديمة نوعا ما