منتديات أبعاد أدبية

منتديات أبعاد أدبية (http://www.ab33ad.com/vb/index.php)
-   أبعاد النقد (http://www.ab33ad.com/vb/forumdisplay.php?f=7)
-   -   [ ابتكارُ الكِتابةِ و ارتباكُها ] (http://www.ab33ad.com/vb/showthread.php?t=14212)

د. منال عبدالرحمن 10-31-2008 06:03 PM

[ ابتكارُ الكِتابةِ و ارتباكُها ]
 
يذهبُ البعضُ إلى أنَّ الشّعر هو موسيقى الكتابة و أنَّ النّثرَ هو كلماتها , فإذا اتفقنا على انتظامِ منظومةِ الشِّعرِ بقواعدِ الوزنِ و القافية و انضباطِ صياغةِ الشِّعر بالبحورِ و التّفعيلات و الموسيقى الشّعريّة, فإنَّ النّثرَ على أنواعهِ لا يخضعُ لقوانينَ محدّدة , إنّما تحكمهُ القدرةُ على سبكِ المعنى و صياغةِ اللفظِ و إيصال الفكرةِ و التأثير في القارئ . و هذهِ المعايير , تختلفُ من كاتبٍ لآخر , فتجدُ أحدهم يعتني باللّفظِ بالدّرجةِ الأولى , و آخر بالمعنى و هكذا .
و النثرُ لغةً : تحسينُ الكلام و قد قال أبو حيّان التوحيدي : "إن النثر من حيز البساطة، والنظم من حيِّز التركيب" , إذن فالنّثرُ بدأً من تحسينِ الكلامِ المحكيّ و صياغتهِ بطريقةٍ أدبيّةٍ جميلةٍ قادرةٍ على الإيحاء العاطفيّ و الفكريّ , و نقلِ أفكارِ الكاتِبِ من صيغةِ الكلامِ العاديّ إلى حيّزِ التّعبير اللغوي .
و من هنا يمكننا القول أنّ الأصلَ في النّثرِ هو البساطة .
و لمّا كانَ الأدبُ ملَكةً و موهبةً , فإنّهُ لم يقتصر على نوعٍ واحدٍ من الكتابة إنّما تعدّاها إلى مراحلَ كثيرة كانَ فيها للبلاغةِ و فنونِ الأدب جولاتٍ كثيرة , فكانت المقامات و الرّسائلُ و الخطابةُ و الروايةُ و الخاطرةُ و الشّعرُ المنثورُ و النّثرُ الشّعري .
و ممّا لا شكَّ فيه أنَّ تطوّر الحياة و ازدياد معرفةِ الإنسان و خبراتهِ و ثقافته لهُ أثرٌ كبيرٌ في تطوير الأدب , تماشياً مع الحاجات الاجتماعية المتجدّدة و الأكثر تعقيداً .
و الرمزية في الأدب كانت احدى نتائج هذا التطور , ففي أواخر القرن التاسع عشر ظهرت مجموعة من الكُتّاب عرفوا آنذاك بالأدباء الغامضين , أعلنوا ولادة مذهب جديد في الكتابة و جاء في بيانهم الذي نشرته الصّحف الفرنسيّة آنذاك : إنّ هدفهم : " تقديم نوعٍ من التّجربةِ الادبيّة تستخدم فيها الكلمات لاستحضار حالة وجدانيّة , سواء كانت شعورية أو لا شعوريّة , بصرف النّظر عن الماديّات المحسوسة التي ترمز إلىا لكلمات , و بصرف النّظر عن المحتوى العقلي الذي تتضمّنه , لأنّ التّجربة الادبيّة تجربة وجدانيّة في المقام الاوّل"
و كانَ من أبرز هذا المذهب آنذاك : بودلير و بول فاليري و البريطاني أوسكار وايلد .
ثمّ كانَ انتقال الرّمزيّةِ إلى الأدبِ العربي الحديث و ظهورها في الشّعر و النّثر كظاهرةٍ لا مذهب , إذ أنَّ الأدباءَ العرب الذين اعتمدوها في كتابتهم ظلّوا على مذاهبهم الواقعيّة أو الكلاسيكيّة أو الرومانسيّة و طعّموها بالرّمزيّة , كجبران خليل جبران مثلاً و صلاح عبد الصّبور و أدونيس و ميّ زيادة .
و الرّمزيّة إذ تعتمدُ على الغموض بالمعنى القريب و الإيحاء بالمعنى البعيد , تًعدُّ ثورةً على المعاني و الألفاظ العاديّة و التشبيهات و التّعابير المتكرّرة , إذ يُصبحُ في الرّمزيّةِ لكلِّ شيءٍ معنىً آخر , قادراً على الإتيانِ بالفكرةِ المُرادِ إيصالها , إنما على شكلٍ بديعٍ و مختلفٍ و متجدّد .
و هي تعتمدُ على التأثيرِ في نفسِ القارئ , إذ أنَّ مجموعةً من الإيحاءات تتجمّعُ في محاولةِ إيصال القارئِ إلى الحالةِ النّفسيّةِ للكاتب و بذا الوصولِ إلى نقطةِ تراسلِ الحواسّ و تبادلها في التّعبيرِ الأدبي , حتّى تستمعَ العينُ و ترى اليد !



مُفترق طرق :




الكثير من النّصوصُ النّثريّة المتكاثرة على صفحاتِ المجلّات و الجرائد و المنتديات الأدبيّة تعاني من اضطرابٍ في الناتّج الأدبيّ , اضطرابٍ ما بينَ الغموضِ المُبهم و الإيحاءِ المحفِّزِ للذّاكرةِ و الإحساس , و ما بينَ بساطةِ المُفردة و تعقيدِ اللّفظ .
فهناكَ نصوصٌ " فاخرةٌ " تقدِّمُ للقارئِ وجبةً لُغويّةً دسمة , غنيّةً بالمفرداتِ و الألفاظِ " غير العاديّة " , إلّا أنّها تفتقدُ للرّوح و لأبسطِ معاني الكلام , حتّى أنَّ بعضها لكأنّهُ اجتماعُ جملٍ اُقتبِسَت من كتب البلاغةِ , إلّا أنَّ لا روحَ تجمعها و لا رابطَ يأخذُ بالقارئِ إلى مرفأ أمانٍ يُمكِّنهُ من جمعِ المعاني التي أرادَ الكاتب إيصالها .
و هناكَ نصوصٌ فيّاضةٌ بالمعاني و الأحاسيس , إلّا أنّها تفتقرُ إلى أقلِّ عواملِ الكتابة و مقوّماتِ اللّغة و تتكاثرُ الأخطاءُ النّحويّةُ فيها إلى درجةِ الإحباط .

و بعضُ الكتّاب يقعُ في فخِّ الغموضِ بينما يُحاولُ أن يصلَ بما كتبَ إلى مستوى الرّمزيّةِ القادرةِ على وصفِ الواقعِ و تلمّسهِ بأيدٍ خفيّة تكشفهُ دونَ أن تجرحه , و تحكي عنهُ دونَ أن تفضحه , إلّا أنّهُ يكتبُ نصّاً يوحي للقارئِ للوهلةِ الأولى أنّهُ كُتبَ بلغةٍ أخرى !

إذن هناك خطٌّ رفيعٌ جدّاً يصلُ بينَ قدرة النّص على التّأثير على القارئ و الوصول إلى عقلهِ و قلبهِ ببساطةِ المشاعرِ , وبينَ بلاغة النّصّ و استخدامهِ للألفاظ القادرة على خلق لوحة تعبيريّة مُتقنة الجمال , بعيدة عن الاعتياديّة و التّكرار , من خلال اللّفظ المتجدّد و الإيحاء المُتقن .




فاصلة :




لا نستطيعُ الحكمَ على نصٍّ نثريٍّ بأنّهُ مكسورُ الوزنِ أو معطوبُ القافية , إذن لا قواعدَ تُحدّدُ فشلَ النّصِّ النّثري من نجاحه ,
لذا كانَ مجالُ الكتابةِ النّثريّةِ أوسع , و الاعتداءُ عليها أكبر !

خالد العتيبي 10-31-2008 06:12 PM

.
.
هنا متصفّح كبير بمحتواه ..
سـ أعود أكثر يامنال .

تحياتي لهكذا طرح ولكِ أيضاً .

سَحَر 10-31-2008 09:46 PM




يبقى للمتلقي بذوقه وإرثه الثقافي
ومكوناته الروحيّة الحكم المطلق في قبول
النصوص بروحهاالغامضة[ والغموض أنواع وأشكال
منها ماهو مألوف والعكس ] ولغتها أو رفضها هذا شيء أختي منال

الشيء الآخر لا يمكن أن نعتبر مايُنشر بالمجلات _ وأنا في اعتقادي أنكِ ترمين إلى المجلات الشعبيّة والصحف اليوميّة , لأن الأدبية والفكريّة مما تابعت بعضها لاتحمل ذلك ـ
[ نصوص ] تُدرج تحت ضمن مادة الأدب ونقده
وبلاغته واتجاهاته ومناهجه ؛ لأنها باعتقادي أعتبرها [ تجارب ] و مواهب وخوالج تحتاج للكثير حتى يدّون تحتها بصفة نقدية " نص أدبي " .

فاصل : أنا لستُ ضد هذا الزحف الهائل من الكتّاب
والنصوص الأدبية .. بل على العكس ربما تُولد
من رحمها مدارس واتجاهات جديدة خاصة وأن اللغة
العربيّة قادرة على الانجاب كل [ تركيب ]


منال تحيّة وسماء

د. منال عبدالرحمن 11-01-2008 10:07 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خالد العتيبي (المشاركة 367100)
.
.
هنا متصفّح كبير بمحتواه ..
سـ أعود أكثر يامنال .

تحياتي لهكذا طرح ولكِ أيضاً .




و حضوركَ أقدِّرهُ كثيراً ,

أهلاً بكَ أستاذ خالد و بانتظار عودتك .

د. منال عبدالرحمن 11-01-2008 10:19 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سَحَر (المشاركة 367218)


يبقى للمتلقي بذوقه وإرثه الثقافي
ومكوناته الروحيّة الحكم المطلق في قبول
النصوص بروحهاالغامضة[ والغموض أنواع وأشكال
منها ماهو مألوف والعكس ] ولغتها أو رفضها هذا شيء أختي منال

الشيء الآخر لا يمكن أن نعتبر مايُنشر بالمجلات _ وأنا في اعتقادي أنكِ ترمين إلى المجلات الشعبيّة والصحف اليوميّة , لأن الأدبية والفكريّة مما تابعت بعضها لاتحمل ذلك ـ
[ نصوص ] تُدرج تحت ضمن مادة الأدب ونقده
وبلاغته واتجاهاته ومناهجه ؛ لأنها باعتقادي أعتبرها [ تجارب ] و مواهب وخوالج تحتاج للكثير حتى يدّون تحتها بصفة نقدية " نص أدبي " .

فاصل : أنا لستُ ضد هذا الزحف الهائل من الكتّاب
والنصوص الأدبية .. بل على العكس ربما تُولد
من رحمها مدارس واتجاهات جديدة خاصة وأن اللغة
العربيّة قادرة على الانجاب كل [ تركيب ]



منال تحيّة وسماء



العزيزة سحر :

أهلاً بكِ ..

- تقولينَ أنَّ الغموضَ أشكالٌ و أنواع و أنّه يختلفُ قبولُهُ من شخصٍ لآخر , و أقول أنّ ما تحدَّثتُ عنهُ , هو تلكَ النّصوص الّتي يقومُ فيها الكاتب بجمعِ جملٍ و كلماتٍ غير مترابطةٍ و لا تجمعها روحٌ واحدة , و سلامتُها تكمنُ في تركيبها اللّغويَ و النّحوي فحسب .
و رغمَ أنِّي أجدُ أنَّ الكاتبَ ليسَ مُلزماً بشرحِ نصِّهِ للقارئ , إلّا أنّهُ من واجبهِ في الوقتِ ذاتِه أن يكتُبَ ما يُفهم أو يقبلُ التَّفسيرَ - حتّى على الشَّكلِ الّذي لم يعنيهِ هوَ - فالوقوعُ في فخِّ الغموضِ المُبهم يسرقُ حلاوةَ الكتابة و القراءة !

- النقطة الثّانية : أنا لم أتحدّث عن المجلّاتِ الشّعبيّة و الصّحف اليوميّة و حسب , إنّما أتحدَّث عن ظاهرة , و هيَ ممارسة الغموض للاتِّصاف بالحداثة و الرّمزيّة و نخبويّة الكتابة و قد نوَّهتُ إلى أنَّ ما عنيتهُ هو النّصوص " الادبيّة " الّتي تغصُّ فيها المجلّات و الجرائد و المنتديات الأدبيّة , و الّتي لا يُمكننا بأيِّ حال الحكمُ عليها بالفشلِ العامّ , فهناكَ من النّصوصِ الجميلةِ القادرةِ على المنافسةِ الادبيّةِ و بجدارة , و العديدُ من الكُتّابِ و الكاتبات أثبتوا أنَّهم يكتبونَ بشكلٍ أكاديميّ و منظّم و يستحقُّ التّقديرَ و الإعجاب .

:

شُكراً لحضوركِ يا سحر .

م.عبدالله الملحم 11-01-2008 10:27 AM




:
:

منال
صباحك نور و عقل يا عالية
هناك نصوص شِعرية
وُلِدت من نصوص نثرية

أجِد أن مفترق الطرق
أن الشعر الفصيح يُجبرك على أن تكون نحوياً و بليغاً .
أما في النثر ف الإستِعجال له دور كبير في ختش بعض النصوص .

أما أن هناك شعير و هناك قمح
ف الأمر هنا و هناك في الشعر و النثر
ف ما الفائدة من كتابة قافية و وزن لا جديد فيها


مثلاً في أبعاد
لو ركز بعض كتاب النثر على قواعد الشعر
لــ كتبوا نصوصاً شِعرية مبهرة
لا أريد أن أقول أمثلة ...



نقطة
لماذا يُحِس الشعراء أنهم أعلى من النثريين ...!! :) .




تقديري .


:
:

عبدالله العويمر 11-01-2008 05:13 PM

متصفح مليء بالفائده والمتعه




سأمكث هنا للقراءة والاستفاده

















منال


كل الشكر

سعـد الوهابي 11-02-2008 11:24 AM

.
.
.
الكتابة . . وسيلة تنفيس وتعبير ورسالة تُعَبّر عن مايختلج في صدر وعقل الكاتب . .

وللكتابة النثرية مقومات متى ماتوفرت في النص الأدبي النثري بأنواعه

وضعته في مصاف الأدب الحقيقي والنص الأدبي المكتمل . .

فـ من لغة النص المحبوكة بـ قواعدها وإملائيتها ونحويتها وترتيبها حتى

المفردة المستخدمة بـ عناية في النص الأدبي لـ تواكب الصورة والحدث

وتعكس جمالية كل ذلك في لوحة مكتملة . .

وصولاً لـ الفكرة المبتكرة ولاضير في الافكار المكررة وماأكثرها ولكن بتناول مختلف

ومن زاوية مختلفة عن ماسبق . .

الكثير من الافكار المبتكرة يفتقد لـ اللغة / السبك اللغوي والحبكة المترابطة

والمتسلسلة التي لاتخرج المتلقي من روح النص وتمازجه مع الفكرة ومتابعته . .

وهذا يعد ضعفاً أدبياً / لغوياً في النص الأدبي . .

ويفقد الفكرة المبتكرة رونقها ودهشة التطرق لها . .

الرمزية لم تكن يوماً من مقومات كتابة النص الأدبي سواءً كانت مفرطة أو مقننة

واضحة أو مبهمة . . ولكنها تخدم النص خاصة في أغراض معينة . .

كـ الأغراض السياسية والأغراض العاطفية التي يكون فيها إيحاء جسدي . .

والرمزية تكون بـ حدود فـ متى ماتجاوزت تلك الحدود شوهت النص الأدبي

وتاهت بالقارئ عن الفكرة التي يريد الكاتب إيصالها . .

وهذا يعد عيباً واضحاً في الكتابات المتأخرة في هذا العصر . .

لأنها تفقد الكتابة الأدبية روحها البسيطة القريبة من المتلقي ومن فهمه . .

المحسنات في النص الأدبي . . من صور وتضمينات وتركيبات لغوية

متى ما تمكن الكاتب منها كـأدوات لكتابة النص جاء نصه مكتملاً وبوجهٍ حسن . .

ولاأنسى أحد أهم مقومات النص الأدبي

عامل جذب المتلقي وشد انتباهه لـ النص وقرائته كاملاً حتى النهاية . .

وهذا العامل غفل عنه الكثيرين بالرغم من أنه عامل مهم مع اللغة

لطرد الملل من نفس المتلقي ويكون تأثيره أكبر في النصوص المطولة

والتي تكون سردية نوعاً ما . .

هذه المقومات هي ماأراه دعائم النص الادبي المكتمل . .

ومافُقد منها أفقد النص جانب من جمالية واكتمال النص المكتمل . .


( فاصلة )

توجه الكثير لـ النص النثري بكل توجهاته وأبعاده جهلاً منهم بـ مقومات النص الأدبي

الكامل وقواعد الكتابة البسيطة . .

ولأن النثر يعبر بشكل بسيط بدون قيود عن مايريد الشخص أن يعبر عنه . .

وهذا ماجعل الكثير مما نقرأه يحتاج لإعادة هيكلة ليكون في دائرة النصوص الادبية

حتى وإن جانب الكمال . .


سيدتي القديرة

" منال عبدالرحمن "

الحديث عن الكتابة ابتكاراً وارتكاباً ذو شجون . .

وما أفضتِ به فيما كتبتِ كان رؤية جميلة وتستحق القراءة والرد

سلمتِ على هذا الطرح المميز والفعال

ودام عطركِ المنساب


(احترامات . . مكتوبة )

سعـد


الساعة الآن 12:30 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.