منتديات أبعاد أدبية - كل شيء بأوانه جميل

كل شيء بأوانه جميل !

ما لنا سيأتينا مهما استعجلنا حدوثه، و لا شيء يأتي قبل أوانه، لأن الذي يأتي في أجله المحدد يتلحف بنكهة خاصة، و يتزين بطعم جميل، فيكون قريبا للروح و مناسبا للأحلام و الأمنيات..
لا زهرة تتفتح قبل موعدها، و لا صبح ينجلي قبل أن ينقضي الليل الداجي.
كل شيء بأوانه، و إذا أنساك الزمان ظلما تعرضت له، فأوجعك حينها ، لا تظن أن الحق لن يرد لك، فعدالة السماء لا تغفل، بل تمهل و لا تهمل أبدا..
نواميس الطبيعة تعلمنا دروسا في عدم التهافت، أو الاستعجال، أو الركض، لاهثين وراء تحقيق أشياء، ربما قد تتحقق، و ربما ليست من نصيبنا أصلا، و في عدم تحققها خير كبير، و ستر لنا لكثير من الابتلاءات و اللحظات القاسية و التي غالبا ما يكون وراء تكالبها علينا أشخاص أو سوء حظ .. و قد قال أحد الحكماء : " في هذه الحياة ستتعلم كل شيء وحدك إلا القسوة سيقوم شخص آخر بتعليمها لك"..
أحيانا نعتقد أن الأحزان انهالت علينا بضرباتها، أو أنها زادت عن حدها، لدرجة أننا نعتقد أننا مستهدفون، و لا أحدا في الكون تجرع مرارة ما تجرعناه، و قد قال فاروق جويدة في هذا الصدد :" قلبي الذي لم يزل طفلا يعاتبني كيف انقضى العيد و انقضت لياليه ؟ يا فرحة لم تزل كالطيف تسكرني كيف انتهى الحلم بالأحلام و التيه ؟
إننا ننسى أن مع كل عسر يسرا، و أن الفرج بعد الكربة نعمة، لا تضاهيها أية نعمة، و أن الله قادر على إقصاء المحن، بل و تقزيمها، و تعويضنا بأعظم الهدايا و أثمن الأمنيات، التي لم تكن لتخطر على البال..
فالفرص قد تضيع لكنها لا تنتهي، و الأمل قد يخبو لبعض وقت، لكنه يتوهج من جديد ،و للتشاؤم نهاية، و للتفاؤل محطته الطبيعية، يتربع على عرشها مهما طال سواد اللحظات.
تأتي مواقف تزرع فينا الجرأة حينما ننطق بحقائق و شهادات لا يستطيع الآخر مجرد التفكير فيها ،عسى الاعتراف و البوح بها جهرا و بأعلى الصوت أمام الملأ ، ذاك لعمري أعظم إحساس بإنسانيتك و عنفوان وجودك و كيانك، الذي لا يرضى لنفسه الرضوخ أو التصنع أو الاستسلام.
و لا تنس أبدا أن أفكارك التي تتوقع حدوثها هي التي ستحدث، فإن فكرت أنك ستنجح أو أنك ستتخطى الصعاب فذلك ما سيحصل بالفعل ، لأنك ستعمل بكل ما أوتيت من قوة لتغيير مسار قدرك نحو ما آمنت به، و بذلت جهدا لبلوغه، فافعل الذي ينبغي أن يكون لتسعد نفسك و أحبابك، لأن الأيام لا تعود. و لا تندم على خير فعلته بل افسح المجال لفطرة الخير فيك، فتصلح الذي فاتك ..
عنوان حياتك عليه أن يكون شعاره ما قدمته من خير، و ما جبرت به من خاطر، و ما نفست به من كربة على مهموم ، فتكون راضيا عن نفسك مرتاح البال، و لكي تعتلي قمة رقيك لا تعاتب أحدا ،لأن مقولة العتاب دليل المحبة، كلام خاطئ، لأنه فقط إحراج للذي تعاتبه ليس إلا،.. فلا تعاتب أحدا على عدم الاهتمام لأن الذي سيأتي بعد العتاب هو مجاملة فقط.