منتديات أبعاد أدبية

منتديات أبعاد أدبية (http://www.ab33ad.com/vb/index.php)
-   أبعاد القصة والرواية (http://www.ab33ad.com/vb/forumdisplay.php?f=33)
-   -   ليلى وقميص امي (http://www.ab33ad.com/vb/showthread.php?t=39230)

فاضل العباس 05-15-2018 11:29 PM

ليلى وقميص امي
 
ليلى وقميص امي
لا اعتقدت شعرتم بما اشعر به بلذيذ حرقة اشعة الشمس بل برودتها ، ورقة ريح السموم في صيفنا اللاهب، وانا اقف متسمرا امام باب المدرسة الاعدادية للبنات منتظرا ليلى في خروجها و دخولها.
ليلى الخمرية اللون ،تهرب خصال شعرها الكستنائي المسدول فوق متنها ،مذعورة من هبوب اقل ريح ولو نسمة.
يشدني اليها صفاء بشرتها، وعينيها العسليتين فحين تلبس الزي المدرسي المتكون من تنورة رصاصية اللون ،مرفوعة فوق ركبتيها، لتبرز افخاذا مشدودة اللحم عاكسة لأشعة الشمس مثل مرايا الزئبق .
مراهق انا ،صفف شعره جانبا ،وأفرَقَه من الجانب الايسر الى الايمن ،لم تُعجبُني (الزِلُوف) المودة الشبابية من جيلنا، فانا متمرد دائما بأفكاري ، عن بقية الشباب لأني اعتقدها لأتناسب وجهي النحيف.
كنت معجبا بنفسي ، بل مبهرٌ بها وانا البسُ القميص المورد بلألوان البرتقالية والاصفر الممزوج بأشكال لكائنات ميكروسكوبية، تتزاحم على قطعة قماش بانَ عليها القِدم كانت امي قد اشترته من صديقتها الدلالة( ام علي )واظن انها جلبته من اماكن باعة الملابس المستعمله،غَسلتُه عدة مرات،وكويْتُه ورفعتُ كُمه عطفة واحدة لأبرز عضلات مندثرة شبه ملتصقة بالعظام.
ما اسعدها اللحظة التي ارى فيها ليلى لا اكلم احدى من اصحابي رغم مناداتهم، وتندرهم، وسخريتهم مني، في كل لحظة تتواجد فيها ليلى.
ليلى الساحرة بالنسبة لي اتبعها الى دارها، الواقعة في شارع بغداد في الجهة الاخرى من نهر الفرات. متلفتا لخلفي كل لحظة كأني ارى كل عيون المارة تراقبني او عيونا خلف الجدران التي امر بها.
اشعر ببرد، وقشعريرة لذيذةٍ تتحسس كل خلايا جسدي ،وتمر عليهن منسحبةٌ كخيط نمل فاشعر بعذوبة وفرح مثل طائر صغير افلت من قفصه كلما رأيتها .لم انم ليلاً اداعب وسادتي ، احدثها بنشوة المنتصر. ابوها بزاز في السوق المركزي للبزازين في المدينة كانت اصغر اخواتها الخمسة .
في اول قصة حب خيالي، اكون بطلها ارسم احلام يقظة، كنت احب كل الافلام الهندية كجيلي ، واتصور اني اركض خلف ليلى كأبطال افلامها اوتجري هي بعدي بين خمائل الورد ،ومروجه اضمها الى صدري او احشر انفي بين خصلات شعرها .
ياترى ما رائحته؟ ما ملمسه ؟ ما سحره؟ماتشعراواشعر لو حصل ذلك؟ مااشهاها ، اسرح بالأمنيات والاحلام
كنت مركز السخرية من اصدقائي ينسجون الحكايات لاغاضتي ومع علمي بكذبها الا انها تغيضني .بعضهم يقول انها لا تعيرك اهتماما، بعضهم يقول انها تحب اخر وقد شاهدهم سوية كل ذلك الكلام اسمعه ،اتحمله رغم مرارته وما اشعر به من الهزيمة وقلة الجرئة.
لِمَّ لا تُصارِحها بحبك؟ او تبعث واحدة تكلمها ، حبذا لو تكتب لها رسالة؟هذا السؤال وجهه لي احدهم.
كانت الكلمات الاخيرة قد دارت بمخي الصغير دورتها فيه عشرات المرات كدواليب الهواء .
فكرت بها وبدأت أنسج الخطة التي اصل بها لقلب ليلى او اوصل لها ما اشعر به نحوها.
الرسالة كانت الأقرب للتنفيذ رغم عدم اتقاني لكتابتها ،خاصة وان الرسالة العربية تتطلب الاسهاب وكتابة مقدمة شاعرية يكون الاعادة والتكرار بالمشاعر من سمتها.
وفعلا قررت الكتابة اختليت في غرفة الاستقبال بعيدا عن الاهل وابي بالخصوص، وقطعت ورقة من الدفتر المدرسي وكتبت:
(انا احبك ياليلى ) اخفيت الرسالة بين منتصف كتاب الكيمياء مرتجفا مصفر اللون كمن يرتكب خطيئة

المرحلة القادمة كيف اوصلها، لأنها تصل المدرسة بصحبة اختها الكبيرة ،المعلمة في المدرسة المجاورة لمدرستها ،لذا عليَّ ان اختار ساعة خروجها في الدوام المسائي تكون فيه لوحدها.
بعد يومين وبعيدا عن عيون اصحابي اخترت ركنا في الشارع الاخر، البعيد عنهم ،كانت الرسالة بجيب البنطلون ،اتحسسها كل لحظة وامسك بها كفراشة اخاف ان تفلت من يدي.
خرجت ليلى عصر ذلك اليوم من مدرستها ،تبعتها بخُطىً
مرتبكة، وجلة، اتحسسُ كلما حولي .
سبقتها بخطوات وبيد مرتجفة، رميت الورقة خلفي لتقع امامها ولتلتقطها
سمعتها تنادي بعدي ياولد،ياولد،ياولد التفت مذعورا كمرتكب اثم لأجدها تقول: هذه الورقة قد وقعت منك .
تناولت الورقة منها مرتجفا ،مرتبكا دون كلمة خافيا ما بداخلي ، لاعود مهزوما مكسورا، منطويا على نفسي .
لازلت الورقة معي تذكرني بإيام ليلى الجميلة ، اضحك من اعماقي لتلك المغامرة الحلوة المرة في وقتها واشعر بسعادة وحنين لتلك الايام التي تمر على عيني كشريط سينمائي.
فاضل العباس/العراق

سيرين 05-16-2018 01:36 AM

سرد قصصي فاض برونق بواكير الشباب ومشاعرها الفطرية والتلقائية
ذكرياتها البريئة تظل عالقة بنا كلما اجترتها الذاكرة كانت مدعاة الضحك والدهشة
سلمت يمناك كاتبنا المبدع \ فاضل العباس
مودتي والياسمين

\..:35:

فاضل العباس 05-18-2018 05:07 PM

انتظر دائما ماتكتب سيرين المبدعة
فهي تضيف لي فضاء جديدا لم اخترقه
شكرا لك

نادرة عبدالحي 05-28-2018 10:34 PM


عندما ينجح الكاتب بجعل القارئ يلتمس الواقع ويكون داخل المشهد إنحني إحتراما لشخصه

وجهده البذول في العمل الإبداعي ....... عندما ينجح الكاتب بجعل القارئ مُتشوقا لنهاية القصة تراني

أنتظر أعمالهُ الأدبية بشوق أكبر .

وتجد تلقائيا بدون أن تبحث عن اسلوبه انه استخدم مشهدا كوميدي يُدغدغ به روح القارئ ويطري الجو المشحون ,

اقتباس:

مبهرٌ بها وانا البسُ القميص المورد بلألوان البرتقالية والاصفر الممزوج بأشكال لكائنات ميكروسكوبية،

تتزاحم على قطعة قماش بانَ عليها القِدم كانت امي قد اشترته من صديقتها الدلالة( ام علي )

مرايا الروح 05-29-2018 02:36 AM

ابتسمت و انا اقرا لك ...
كم هي لذيذة و عفوية تلك الذكريات
ليتنا حافظنا على ذاك النقاء و لو ان قلوبنا لم تتغير
...
قلم سخي بالابداع
سلم يراعك سيدي

فاضل العباس 08-27-2018 03:28 PM

يسعدني ماتكتبينّ ايتها النادرة

فاضل العباس 08-27-2018 03:29 PM

شكرا للمرآيا التي عكست روحك الطيبة انها ذكريات
لاتعود

فاضل العباس 09-30-2018 07:00 PM

شكرا لسيرين. الرائعة المبدعة


الساعة الآن 12:37 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.