فِلِزّ
. فِلِزّ " شَيْء خَفيف " للقِرَاءة والمُطَالعة ، |
في 1896م كَتب الأديب سليم سركيس عن بعض غرائب "مكتوبجي السلطان العثماني" ، تحديدًا عن " سعادتلو عبد الله أفندي نجيب " وطريقة مُراقبتِه كلَّ ما يكتبه المحرِّرون بالجرائد، وتسلُّط لا يخلو أبدًا من أقاصيص الفُكاهة التي لا يزال يتندَّر بها الصحفيون.. "خارطة الممالك المحروسة" إن المطبعة الأميركانية الخاصة بحضرات المرسلين الأميركان رسمت خارطة لتدريس طلبة العلم في المدارس، فبلغ أمرها المكتوبجي (الطيب الذكر)، واستدعى مدير المطبعة أسعد أفندي واكد، وجرت بينهما المحاورة الآتية: -المكتوبجي : هذه الخارطة ذات ألوانٍ مختلفة، فلماذا فعلتم ذلك ولم تجعلوها ذات لون واحد؟ مدير المطبعة : إنما فعلنا ذلك بمقتضى قاعدة رسم الخارطات وجعلنا كل مملكة ذات لون يختلف عن لون المملكة الأخرى؛ تسهيلًا للتلامذة ليتمكنوا من تمييز البلاد الواحدة من البلاد الأخرى. -المكتوبجي : ما بالكم إذن رسمتم المملكة العثمانية بلون أبيض ومصر بلون أحمر؟! المدير : ذلك ليسهل على الطلبة تمييز الحدود عند تحديد البلدان. -المكتوبجي : بل هي خيانة منكم، كأنكم تعتبرون مصر خارجة عن المملكة العثمانية وأنها مملكة مستقلة. فأنكر المدير تلك التهمة، إلا أن المكتوبجي أبى تصديقه وأمر بضبط الخارطات جميعها، فاضطرَّت المطبعة الأميركانية إلى طبع الخارطة مرة ثانية وجعلت كل ما كان لتركيا من أول وجودها حتى الآن بلون واحد. ، " الجمهور _ العموم " جرت العادة أن ينشر الناس إعلاناتهم هكذا: نعلن لحضرة الجمهور أننا قد أنشأنا مدرسة … إلخ. فأمر المكتوبجي أن تُحذف لفظة الجمهور فيما بعدُ من الإعلانات وأن تُستبدلَ بقولنا " نعلن لحضرة العموم " ؛ لأن كلمة " جُمهورية " تخدش الأذهان، وهكذا فإنك لا تجد في جرائد بيروت لفظة جمهورية على الإطلاق. |
لوحة: " ركاب الدرجة الثالثة " لرسام الكاريكاتير الفرنسي: آونريه دومييه، أواسط القرن 19.. |
في عام 1936م كتب أمير البيان شكيب عن صداقته بِ أمير الشعراء شوقي: ..وبقينا أكتب له ويكتب لي وأبثُّه ما في نفسي ويبثني ما في نفسه وأداعبه ويداعبني ونتناجى على بُعْد الديار، ونتراءى بالقلوب لا بالأبصار، وكنت لا أجد أعزَّ عليَّ ولا أغلى لديَّ منه مع كثرة الأصحاب ووفْرَة الأتْراب، وهذا ما ترجمه هو بقوله: صحبْتُ شكيبًا صُحْبةً لم يَفُز بها سوايَ على أنَّ الصحابَ كثير فقد كنت أحبه لعذوبة أخلاقه وحسن معاشرته وأُجِلُّه لعلوِّ فِكْره وبداعة شعره، وأجمع فيه بين الحبِّ والحُرمَة، وما أسعد الإنسان إذا كان يحبُّ مَنْ يحترم ويحترم مَنْ يحب! وما أصدق قول المتنبي: ضُرُوب الناس عشَّاق ضُرُوبا فأعْذَرُهم أشفُّهم حبيبا 1 |
وعن جفوة لاسبب لها ! كتب شكيب: .. مضت عدة أسابيع على مقامي بمصر، ولم أشاهد شوقي، وقد كنَّا أخوين ونحن على البُعد، وكنتُ "جلَّادًا لأعداء شوقي"، وكنت أسترخص كلَّ غالٍ — ومن جملة هذا الغالي صداقة مثل اليازجي — في سبيل مرضاته، فما عدا ممَّا بدا؟ الجواب أني لا أعرف سبب تلك الجفوة، ولا مُوجِب تلك النَّبْوة إلى هذه الساعة، أغصَّ شوقي بمكاني من الجناب الخديوي وكثرة ما رأى من احتفال سيِّده بي؟ أم جاء مَن ألقى في أذنه أنِّي سأزاحمه في محلِّه من القُرْب للجناب العالي؟ أم هو رجل له بدوات وغفلات بينما هو حفيٌّ بخلَّانه وفيٌّ مع إخوانه إذا هو مُعرِض عنهم متهاوِن بحقوق المودة التي بينه وبينهم؟ أم هو شاعر لا يتقيَّد بشيء ولا يريد أن يكون خاضِعًا لتكاليف الحياة حتى مع أعزِّ أصحابه؟ أم هناك عُذْر آخر لا أعرفه ولا يهمني أن أعرفه؟ كنتُ نازلًا ضيفًا على صديقي المرحوم أحمد بك العريس من أعيان بيروت ومن مأموري المعية الخديوية، وكان منزله في العباسية، فلما وصلت إلى القاهرة جاء إلى الأوتيل الذي نزلت به، وأبى أن يَتْركَني فيه ليلةً واحدة وسار بي إلى منزله وأبقيت الرفاق الذين كانوا معي في أحد الفنادق. وكنت أختلف كلَّ يوم إلى إدارة المؤيد فأكتب مقالة افتتاحيَّة، وهكذا كان دأبي مدة الأربعين يومًا... وقال لي أحمد بك العريس ذات يوم: إنني قابلت شوقي وقلْتُ له: أفلا تدري أن أخانا الأمير هو هنا؟ قال: نعم. قال العريس: فهل اجتمعتَ به؟ قال شوقي: كلَّا لم أشاهده حتى الآن، ومُرادي أن أقوم له بحفلة تكريم في منزلي، ولما كان ناظر المعارف غائبًا هذه الأيام فقد أرجأت هذه الحفلة إلى ما بعد رجوعه. فقال له العريس: الرجل لا ينتظر منك حفلة تكريم، وليس ما بينكما من الإخاء ممَّا يُوجِب هذه المواسم، ولكن الأشبه بك والألْيَق بوفائك أن تذهب وتسلِّم عليه. فقال له شوقي: سأفعل. إلَّا أنه مضت عدة أيام ولم يأتِ لزيارتي. فأخذت القلم في أحد الأيام وكتبت إلى شوقي: أحنُّ إلى شوقي وأهوى لقاءَه وأصبو ولكن ما إليه وصول ويخبرني قلبي بأن فؤاده كما كان لكن يعتريه ذُهُول ووالله ما يمَّمت مصر وفوقها يدانيه عندي صاحب وخليل فشوقي إلى شوقي بقدر محبَّتي وعندي حساب للعتاب طويل! فما أجاب شوقي على هذا الخطاب لا بشِعْر ولا بنَثْر ولا بفِعْل، ولكنه بقي يقول لأحمد العريس إنه يريد أن يعمل لي حفلة تكريم، وفي أحد الأيام زارني الأخ:" خليل بك المطران " ؛ وهو من العقل وكرم الأخلاق ورعي الذمام بالمقام الذي يندر بين الإخوان... وكنت أعلم ما بين خليل وشوقي من المودَّة فكاشفته بما في نفسي من أمر شوقي، وقلت له: إنه لا شيء يمكنه أن يكدِّر صفْوَ ما بيني وبين شوقي من المودَّة، ولكنِّي أصبحت أستحي من الناس أن يعلموا بأني هنا من شهر وأن شوقي لم يتكرَّم بزيارتي والقادم يُزار. فقال لي الخليل: لا يكُنْ في نفسك شيء من هذه النَّبْوة، فشوقي له من هذا القبيل الشيء الكثير، ولكننا نحن لا ينبغي أن نحمل ذهوله هذا على محمل الهجران. 2 |
في وصف المترو : كَتب فيصل درّاج .. إن " المِترو " صورة عن المدينة الحديثة، اللاهثة، العاملة، اللاهية، التي تضيق بالسطح العلوي المحدود وتذهب إلى عالم سفلي، هو امتداد للأول ونقيض له. والمترو، في الحالين، تجسيد لشرايين المدينة، يصل بين " قلبها " والأطراف المختلفة، ويؤمّن انتقال أهلها إلى مواقع قريبة أو بعيدة. فإذا أصابه عطل أشلَّ المدينةَ (حال أهل باريس) وأربك حياتها، كما لو كان آلة مطيعة ومستبدًّا واسع النفوذ معًا، ذلك أن حياة المدينة لا تنفصل عن " المترو " ؛ ما يجعل من إضراب عماله حدثًا اجتماعيًّا في المدن الكبيرة. ومـع أن للمتـرو سائقـه ومفتشه ورجـال أمنه، وهؤلاء العاثرين النائميـن فـوق مقاعـده -حتى منتصف الليل- والمتسولين بعزف على آلة موسيقية أو بيع " بضاعة فقيرة وغريبة " ، فإن له، في ساعات الصباح والمساء، حشوده، أو تلك " الجموع "، التي تميّز المدن الحديثة، كما أشار والتر بنيامين في أكثر من مكان، التي تجمع بين أخلاط من البشر، لهم هيئاتهم ولغاتهم، والفضول الإنساني الذي يصل بين غريب وآخر، وبين " عامل أجنبي" وسيم الطلعة وامرأة عجوز نسيت عمرها، أو تذكّرته حين كانت مُقبلة على الحياة... الروائي الفرنسي ( روجيه فايان ) كتب عن فئة إجتماعية تركب الدرجة الثانية.. إذ سُئل عن البشر الذين تحتفي بهم كتاباته، فأجاب: " رُكاب المترو في ساعات الصباح المبكّرة"، قاصدًا بذلك "العمّال" الذاهبين إلى المصانع. في حين ابتعد الروائي ( سيلين ) وانصرف إلى دلالة الحركة وجمالية الأسلوب. ففي روايته "رحلة إلى آخر الليل" ، التي هي من ذُرا الأدب الفرنسي في القرن العشرين، اتخذ من المترو، أو مجاز المترو بشكل أدق، موضوعًا، قرأ به: " عالمًا سُفليًّا، وتأمل وجودًا إنسانيًّا واسع الاضطراب". ُمُقتربًا من الفيلسوف: ( باسكال) الذي قبض على ما هو جَوهري في الوجود، وأعرض عن الظواهر النافلة: "في المترو الإنفعالي، الذي أتعامل معه، لا أدع شيئًا للسطح " ، يقول سيلين محاولًا الإمساك "بأعماق" الواقع، وجاعلًا من الأعماق مُبتدأ لقراءة كل شيء. ذلك أن السطح " مَطروق " وقريب من الإبتذال، يبتلع حركة ما فوقه ويشوّه دلالته، ويصيره إلى وجود رتيب فقير المعنى، على مبعدة من منظور سيلين الذي يحايثه انفعال حي ينجذب إلى الجوهري و" باطن الأمور ". ولهذا رأى في " المترو " عَتمته وغُموضه وعُمقه، أو " ليله المُلتبس "، الغريب عن الليل والنهار العاديين. " كُل ما أريده أراه في القاطرة العجيبة" يقول سيلين: " لا إمكانية للوقوف، مهما تكن ضآلته، في أي مكان ". |
عن محطة مترو موسكو.. _ افتتحت مترو موسكو في عام 1935م تم تنفيذ البناء تحت شعار "لنقم بإنشاء قصر للناس". لذلك تميزت الهندسة المعمارية لمترو الأنفاق بالهيبة والوقار.. _ في صباح يوم 16 أكتوبر 1941م تقرر تدمير المترو حتى لايستخدمه الألمان فتوقف عن العمل لأول مرة في تاريخه، ولكن بحلول المساء، تم إلغاء أمر التدمير. _ في خمسينيات القرن الماضي اتخذت الحكومة السوفييتية قراراً بإلغاء مظاهر البذخ في التصميم والبناء، وبدأ بناء المحطات يتخذ منحى ليس وفقاً للتصميمات الفردية، ولكن وفقاً للتصاميم النمطية العامة. وكنتيجة لذلك، بدت المحطات التي بنيت آنذاك أبسط من سابقاتها، وكان بناؤها أكثر اقتصاداً. لكن أدى ذلك لإرتكاب أخطاء جسيمة في التصاميم، وفي الهندسة، أثرت بشكل سلبي على سهولة استخدام قاطرات المترو، وسرعان ما أصبحت المحطات الجديدة في حالة سيئة، وتحتاج لأعمال صيانة دائمة.. واستمر مسار التبسيط الذي اتخذ في الخمسينيات حتى عام 1970م. _ بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، تم إعطاء أسماء جديدة لخطوط المترو، بعد استبدال الأسماء الشيوعية لبعض المحطات .. _ انخفض تمويله من خزينة الدولة بشكل كبير في فترة ما بعد الإنهيار. وبدأت إدارة المدينة برفع شعار " لا توجد أموال ". كما أن اللجوء لسد العجز في التمويل من خلال استخدام محطات المترو لنشر اللوحات الإعلانية والملصقات، لم يحقق ربحاً كافياً. _ على الرغم من الموارد المالية المحدودة، فإن المترو في التسعينيات لا يبدو سيئاً على الإطلاق، ويرجع السبب في ذلك إلى أن تصميم وبناء العديد من المحطات تم خلال حقبة الإتحاد السوفييتي، عندما كانت تتوفر الأموال. وحينها شارك قدامى المهندسين المعماريين في هذه العملية، لذلك كانت النتيجة واضحة في أن تكاليف البناء كانت أقل. واستمرت عملية توسيع شبكة الأنفاق وبناء المحطات الجديدة، لكن بفارق واحد تقريباً: غياب الرموز السوفييتية، واستبدال تصاميم البناء والديكورات من النمط السوفييتي إلى النمط الروماني، والأنماط الأخرى العصرية. _ تميزت الأعوام الـ25 سنة التي أعقبت انهيار الاتحاد السوفييتي بمرور مترو موسكو بعدة مراحل من تطوره: من فترة التقشف الحاد في التسعينيات إلى الرفاهية الروسية الجديدة والبناء المتسارع النموذجي في العقد الأول من القرن الـ21... _ بشكل عام، تضخ مضخات قوية المياه الجوفية من المترو على مدار الساعة. وإذا لم يتم ذلك، فستغرق الأنفاق تحت الأرض بسرعة كبيرة. _ لتوجيه الركاب المكفوفين وضعاف البصر، يتم الإعلان عن المحطات بصوت ذكوري أثناء انتقال القطارات إلى مركز المدينة، وبصوت أنثوي أثناء الحركة من المركز. وعلى الخط الدائري، عند التحرك باتجاه عقارب الساعة، يعلن صوت ذكوري اسم المحطة، وعند التحرك بعكس اتجاه عقارب الساعة، بصوت أنثوي. _ يحتوي المترو على 370 ردهة وأكثر من 6 آلاف عربة قطار و3.7 آلاف باب دوار و5.7 آلاف إشارة مرور و900 سلم متحرك بطول إجمالي يصل لـ37 كيلومتراً و17 ألف كاميرا مراقبة. ، https://www.almrsal.com/wp-content/u...-in-Moscow.jpg ، https://www.almrsal.com/wp-content/u...th-in-1953.jpg ، https://www.almrsal.com/wp-content/u...und-Palace.jpg ، https://www.almrsal.com/wp-content/u...scow-Metro.jpg |
جميل جدا يا علام ... جداً
|
الساعة الآن 02:06 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.