منتديات أبعاد أدبية

منتديات أبعاد أدبية (http://www.ab33ad.com/vb/index.php)
-   أبعاد القصة والرواية (http://www.ab33ad.com/vb/forumdisplay.php?f=33)
-   -   قصة: (امرأة عام 1119 بالباب ) (http://www.ab33ad.com/vb/showthread.php?t=39521)

جنون مها 08-03-2018 03:28 PM

قصة: (امرأة عام 1119 بالباب )
 
.

امرأة عام 1119 بالباب.

بسلام هي في دارها ، مستلقية على أريكتها قرب نافذة مفتوحة ، فصكَّ سمعها هدير طائرة مرت فوق بيتها ، فابتسمت وحدثت نفسها :
- ها هم المسافرون قد سافروا . ليتني أسافر , احتاج لسفرة أهرب بها من ضجيج الحياة والمهام .
ثم قامت من مكانها تتفقد جواز سفرها . وبحثت عن تاريخ إصداره لتطمئن على سريان مفعوله ، فكان المكتوب عام : (1119) .
فتساءلت:
- ما هذا ؟ لم أكن مخلوقة في هذا التاريخ !! لعله خطأ مطبعي!
ثم نظرت لصورتها في الجواز فإذا هي صورة حديثة ،
فتبسمت لها الصورة ثم تكلمت قائلة:
- من قال أنك غير موجودة في ذاك التاريخ؟
فردت هي :
- أنا من يقول ذلك، إني أعرف تاريخ مولدي ، قد ولدت بعد عام 1119 بقرون !!
- اذن أنت لا تعرفينها؟
- تقصدين من؟
- المرأة التي تشبهك في كل شيء وقد عاشت في ذاك الزمن.
- لا لا أعرفها!
- كانت مثلك تماما، لا تفرق عنك بشيء ،لا بشكل ولا بمشاعر ولا بطريقة تفكير.
- لا أعرفها!
- أشك أنها أنت! كانت تشبهك في كل شيء .
- هل قالت أنها أنا ؟
- لا ،هي لا تدري أنك ستجيئين أصلا.
- أ يمكنني رؤيتها؟
- ربما ، من يدري؟!
- أ أستطيع العودة للزمن الماضي بطريقة ما لأقابلها ؟
- ربما!
- إذا كنت لا تعرفين إجابات لأسئلتي ،فلم جيئت إذن؟
- أنسيت أني صورة ملصقة بالجواز، وأنت من فتح الجواز؟
- اسمعي أريد رؤيتها ورؤية بساطة العيش في عصرها. أريد نقل مشاعر الراحة والمتعة الى نفسي في هذا العصر المعقد.
- ابحثي عن فكرة تجمعك بها.
فركضت إلى درج في مكتبها ،وأخذت قلم وورقة ورسمت بابا ،وقالت:
- قد أستطيع دلوف هذا الباب كأفلام الكرتون ، فأسافر لزمنها.
- حاولي.
فحاولت بيدها فتح الباب المرسوم ، لكنه لم ينفتح!
وأثناء ذلك ، رن جرس باب بيتها ،فضحكت المرأة والصورة ،وقالت إحداهما :
- ذكرنا الباب، فرنَّ جرسه!
وانصرفت المرأة لفتح الباب ،فإذا بالباب امرأة تشبهها تماما، ففتحت فاها وسألت:
- من أنت؟
- أنا أنت.
- من أين جئت؟
- من عام 1119
فرحَّبت مبهورة:
- أهلا وسهلا ، تفضلي.
فردت الأخرى وهي تدخل البيت:
- شكرا.
- كنا نتحدث عنك ، ونبحث عن حيلة توصلنا إليك.
- ولذا أتيت.
- هل سمعتنا؟
- بل عرفت صدق نيتك في مقابلتي.
- تبدو على وجهك ملامح الإجهاد مثلي!
- أنت تعرفين الحياة ،هي مليئة بالمصاعب المجهدة.
- مصاعب؟! اي مصاعب؟! أنت تعيشين في عصر بسيط ،ممتلكاته يسيره و متطلباته قليلة وعلاقاته هاديئة ،لا وظائف متعددة ولا أجهزة معقدة ولا ضجيج ولا صخب.
فأشارت المرأة إلى قلبها قالت:
- وماذا عن هذا؟
- تقصدين قلبك؟
- نعم.
- أكيد هو في راحة.
- ما أدراك؟
- أعرف أن هدوء الخارج يساعد على هدوء الداخل .
- وماذا إذا كان القلب مجهدا بسبب لا يتعلق بالخارج؟
- تقصدين أن يكون مريضا مثلا؟
- نعم.
- سلامتك ، ولا بأس عليك ، صحيح أنتم في عصر لا مستشفيات فيه، ولا أطباء كثر .
- سلمك الله عزيزتي، لكن قلبي لم يكن بحاجة لطب الأطباء.
- أليس مريض؟
- إنه مرض من نوع آخر.
- ما قصدك؟
- قلبي كان مليء بمشاعر كثيرة مختلطة ،تموج موجا فيه ،فلا يعرف الراحة.
- أي مشاعر تلك ؟
- مشاعر حزن وأسى ،و مشاعر رفض وغضب ،ومشاعر قهر وغيض وكراهية وبغض واكتئاب ولا مبالاة.
- كل هذا في قلبك؟
- نعم.
- وأين مشاعر الفرح والطمأنينة والراحة والسرور؟
- هي قليلة وضئيلة.
- و ما لذي ملأ قلبك بكل تلك المشاعر المتعبة؟
- إنها الحياة.
- وما بها حياتك؟
- لم أكن راضية عنها قط.
- ويلي ، كنت أتمنى أن يعود بي الزمان لأعيش في عصرك ،عصر البساطة والراحة.
- لا يا عزيزتي. لا تتمني زمن آخر ، ولا حياة أخرى ولا ظروف مغايرة .تمني فقط شفاء قلبك.

.

مرايا الروح 08-04-2018 01:27 AM

الانسان ابن بيئته
كل شخص منا له قوة جبارة على التاقلم و التماهي مع الظروف المحيطة به
من قال ان البشر في الالفية القادمة ستكون حياتهم اكثر رفاهية و اقل تعقيدا مقارنة بما نعيشه اليوم
لكل جيل خصوصياته و لكل مرحلة انسانية سماتها و طبيعة تفكيرها
غير ان البعد الوجداني واحد لم يتغير بعد
مشاعر الانسان البدائي هي ذاتها التي يشعر بها المتحضر الان

ممم فقط
قلمك رائع صديقتي
احببته حقاا
لروحك
:icon20:

سيرين 08-04-2018 12:09 PM

سرد قصصي رائع جدا .. العنوان وحده عبقري وجديد
خيال رائع في صوغ الفكرة
تتوالى الازمنة وتتعاقب العصور ولكن يبقى الانسان وجدانيا واحد لن يتغير
ولكن قد تصدأ مشاعره
أو تتكلس بزحام الحياة وماتعتريها من متغيرات تكنولوجية
سلمت يمناك مبدعتنا \ جنون مها


\..:icon20:

يوسف الأنصاري 08-05-2018 03:42 AM

مفهوم سرد قصصي كان كجواز سفر للتعمق في ملحمة ذلك الرقم الغريب ..
1119 والذي تم ذكره اكثر من مرة ..
ذلك الغموض حول كل شيء والحبكة في حوار شيق ..
انبت ثمار فكر كان خاتمة حسنة ..
اعتقد بان مفهوم جواز السفر لم يكن مستعمل في هذا الوقت القديم ..
لكن يبقى لك كل الشكر على هذه القصة المميزة ..

موفقة ..

جنون مها 08-17-2018 02:59 AM

.

صديقتي مرايا الروح
وأنا كذلك احببت رأيك
شكرا لك

.

جنون مها 08-17-2018 03:02 AM

.

عزيزتي سيرين

سلمت لمرورك
وأسعدني لرأيك

شكرا

.

جنون مها 08-17-2018 03:04 AM

.


الفاضل يوسف الأنصاري

ولك كل الشكر على رأيك ونقدك

سرني مرورك

.

نادرة عبدالحي 08-18-2018 01:34 AM

هي المائدة الشهية التي إلتف القارئ من حولها المليئة بأطباق من الفلسفة الحياتية .

تيار الوعى الذى يقود القصة في ضوء المعطى والجوهر،

وإمكانات التوليد الذهنى ، لأن الحوار في القصة القصيرة ذات ارتباط وثيق بالنزعة الذاتية

وتتلمس ملامح حركة الحوار في آداء دوره الوظيفي العام في تحقيق فعل فنى بنائى،

الكاتبة المها أبدعتي والإبداع لا يخفي عن قارئه ,


الساعة الآن 11:22 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.