منتديات أبعاد أدبية

منتديات أبعاد أدبية (http://www.ab33ad.com/vb/index.php)
-   أبعاد القصة والرواية (http://www.ab33ad.com/vb/forumdisplay.php?f=33)
-   -   عن التّالي.. (http://www.ab33ad.com/vb/showthread.php?t=42398)

نجود عبدالرحمن 08-14-2020 08:54 PM

عن التّالي..
 
كنت أتوقع أن شعوري سيتعامل مع الوضع على نحو أسوأ من هذا، لكن برودتي في هذه اللحظات أشبه ببرودة هذه الغرفة التي أجلس فيها الآن منتظرا طبيبي الذي يعقم يديه في الغرفة المجاورة.
لقد سألني قبل قليل مما إذا كنت خائفا. وعندما لم يصله جواب مني، أردف قائلا : حاول أﻻ تفعل.
ﻻ أعلم إن كنت خائفا فعلا أو لا، لكنني -وعلى الأغلب- لم أعد أشعر بشيء واضح، لقد حدثت نفسي قبل لحظات قائلا: فليكن ما سيكون... ﻻ أعول على فرصة الحياة كثيرا.. ولكن... !
قد خفت كثيرا قبل اليوم، خفت دائما من فكرة انتهائي في يوم ما، فكرت دائما في التالي، فيم بعد الموت، في تلك اللحظات التي سيضعون التراب فيها على قبري ويرحلون. ترى كيف سأكون؟ هل سأشعر بي؟ كيف سأشعر؟ ماذا سيحدث بعد ذلك؟ كنت أفكر في ذلك وأنا أحتضن نفسي بذراعي، أحيانا كنت أبكي، كنت أبكي كثيرا على نفسي، أقول لها: سأفتقدك كثيرا.
لم أشعر يوما بأني مستعد للموت، ربما ليس للموت تحديدا، بل لما بعده. تساءلت دائما: ماذا لو كان الجحيم ينتظري؟ ماذا لو أحرقتني النار؟
لقد جربت في يوم من الأيام أن أحرق أصبعي بنار شمعة، كنت أتلوى من الألم كلما قربت أصبعي إلى اللهيب. فكرت لحظتها في ذلك الشيء الكبير، في تلك النار الهائلة إذا ما قذفت فيها بجسدي كله، ترى كيف المهرب؟ وإلى أين الفرار؟ لقد أخبرت صديقي جاك ذات يوم بذلك، أخبرته بأنني جد خائف، لكنه سخر مني وقال بأنه ﻻ يؤمن بحياة ما بعد الموت، هو لم يشعر أبدا باعتماﻻت تلك المخاوف والأسئلة بداخلي، ولهذا تحاشيت خوض الكلام معه في حديث كذاك مجددا.
قبل أن أصعد إلى هذه الغرفة، طلبت إلى جاك أن يحضر لي مرآة، كنت أود أن أطبع صورتي في ذاكرتي بملامحها التي قد تكون الأخيرة. أحضر جاك المرآة وقبل أن أرفعها إلى وجهي، أرجعتها إليه، وتخليت عن رؤية وجهي حين حامت الأشياء بداخلي حول هذه الروح، هذا الشيء اللامرئي الذي لن تكشفه لي المرآة.

ثم والآن، وقد كان في أيامي ما كان، وانقضى فيها ما انقضى، وفاتني فيها ما فات، أجدني رهين هذه اللحظة، فارغ الذهن، معطل الفكر إﻻ من متابعة صاحب البدلة الزرقاء وهو يقترب مني .. وسؤال يتبعه من خلفه: ترى إلى أين المصير؟

نادرة عبدالحي 08-15-2020 12:46 AM


حقائق من عُمق الشعور الإنساني .... نجحتِ كاتبتنا الفاضلة نجود عبد الرحمن في إيصال شعور واحاسيس

الشخصية التي تُعاني من الالام الروح قبل الجسد .الإستعداد للموت ليس بالأمر الهين ...

السرد جاء مؤثر ساهم في نمو المشهد والنجاح في ايصاله كما الواقع الإيقاع ودقة التصوير واتساقه البناء العام للقصة

والأهم من ذالك نجاح الكاتبة نجود في إيصال الحس والشعور .عن نفسي الذات كانت هناك في تلك الغرفة وشاهدتُ الكثير من التفاصيل

التي لا تُنسى ,

الكاتبة الفاضلة نجود عبد الرحمن تمتلكين ميزة في السرد وإبراز القضية المراد عرضها لإيقاظ الغافل عن الاستعداد لمواجهة الحق .

سيرين 08-16-2020 02:15 AM

جميعنا .. نجوب الحياة الدنيا ولا يجمعنا سوى مفردة واحدة " الموت "
تذكرة تجلت هنا بأكمل صورها لتدخر النفس ما تقدمه للتالي
مصافحة أولى تشي بأننا على موعد مع كاتبة ذات إثمار مختلف
اهلا بكِ في ابعادك مبدعتنا نجود
باقات الود والامتنان

\..:34:

نجود عبدالرحمن 08-16-2020 06:34 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نادرة عبدالحي (المشاركة 1174893)

حقائق من عُمق الشعور الإنساني .... نجحتِ كاتبتنا الفاضلة نجود عبد الرحمن في إيصال شعور واحاسيس

الشخصية التي تُعاني من الالام الروح قبل الجسد .الإستعداد للموت ليس بالأمر الهين ...

السرد جاء مؤثر ساهم في نمو المشهد والنجاح في ايصاله كما الواقع الإيقاع ودقة التصوير واتساقه البناء العام للقصة

والأهم من ذالك نجاح الكاتبة نجود في إيصال الحس والشعور .عن نفسي الذات كانت هناك في تلك الغرفة وشاهدتُ الكثير من التفاصيل

التي لا تُنسى ,

الكاتبة الفاضلة نجود عبد الرحمن تمتلكين ميزة في السرد وإبراز القضية المراد عرضها لإيقاظ الغافل عن الاستعداد لمواجهة الحق .

القديرة نادرة
سرتني منك هذه القراءة كثيرا

كنت قد نلت منك الرسالة الأولى، وها أنذا أنال منك أول رد على أول موضوع.. والأشياء الأولى يانادرة، وكما تعلمين، تنطبع في ذاكرة المرء أيما انطباع :)

شكرا لأنك هنا

نجود عبدالرحمن 08-16-2020 06:46 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سيرين (المشاركة 1174940)
جميعنا .. نجوب الحياة الدنيا ولا يجمعنا سوى مفردة واحدة " الموت "
تذكرة تجلت هنا بأكمل صورها لتدخر النفس ما تقدمه للتالي
مصافحة أولى تشي بأننا على موعد مع كاتبة ذات إثمار مختلف
اهلا بكِ في ابعادك مبدعتنا نجود
باقات الود والامتنان

\..:34:


سيرين المبدعة..

لطالما استوقفتني تلك العبارة المختزلة جدا، المعبرة جدا لأحمد خالد توفيق رحمه الله إذ قال: "أنت هنا، أنت لست هنا".

هذه الحتمية التي لا مفر منها .. مخيفة.. بل مرعبة، وتخز دواخلنا إلى أقصى نقطة شعور فيه.


أسعدتني اطلالتك وكذا ترحيبك الجميل
فشكرا ممتدة

جليله ماجد 08-16-2020 07:36 PM

هل هي فعلاً لحظة خاوية...
من الإدراكِ من الحِس من الحياة؟
ألن تتحرر الروح و تنظر للجسد الخالي المسجى من بعيد؟

نجود...
تحيكين القصة بتفاصيل مدهشة فعلاً..
فيندمج القارئ معك بشكل لا حسي..
و كأنه بطل من أبطالك..
بوركتِ!
أنتظر جديدكِ حتماً..
خالص الود..


الساعة الآن 01:25 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.