منتديات أبعاد أدبية

منتديات أبعاد أدبية (http://www.ab33ad.com/vb/index.php)
-   أبعاد النثر الأدبي (http://www.ab33ad.com/vb/forumdisplay.php?f=5)
-   -   استئناف! (http://www.ab33ad.com/vb/showthread.php?t=30201)

زكيّة سلمان 04-24-2012 08:00 PM

استئناف!
 
أيُّ الحَكَايا لاتَجْلِبَ الألم ، ولاتزرَع في صُدُورِ المُنصِّتِين حقُول الأسئِلة ؟!
تلك التي تتعوشب في رُبُوعِ القلب حتَّى تَصِيرُ ألغاماً تُفجِّرُ صاحبها،
وأيَّ نزعَةٍ للكِتَابة هذه التي دَعَتني لمِحرابها في ساعةٍ مُتأخرة من الحُبِ المغلُولِ الأيدِي ،
والمَشَنُوقِ قبل الشُروق.!
من الحنين المخضَّبِ بالصَّمتِ ،ومن الأرقِ الذي أنْجبَتهُ جِباه الانتظار ،
للسَّيلِ فوق مُنحدرِ الكلام كنهرٍ حَجَبتْهُ الصُّخور وحرَّرته العاصِفة.!

؛
لاحرّفَ يكفِي لأكتُّبكَ مرَّتين !

مرةٌ قبل أن أعجَزَ عن إيقافِ إيصَّالِ رسَائلِك ،
والتي تُمَرِّرُها إليَّ بهدوء من خلف شِّقِ قلبي المُوارب، لتجعله ُكثيراً مايتلعثم إحساسهُ أمامكَ، ويقعُ مَفتُوناً بغوايةَ صمتِكَ والجُنون.!
ومرةٌ بعد أن فاضَتْ حقائب شوقي بالرَّسائِلِ الغير مَعْنَّونَة ، ولا من مِبْراةٍ للحرفِ غير العتابِ الأبكم ،
حتى نزعت كل أصابعي المُتآكله وخبَّأتُها في جيّبِكْ كـ سَكاكِرِ العِيد،بعد أن نسجتُ لكَ من بقايا ملامِحِي ابتِسَّامةٌ وأُغْنِية!
بالمُناسبة؛ لماذا الأعياد لا تأتيني بك؟!
وأنا التي أُعلق على زِندها عناقيد لقاء أندلسيٌّ فاخِر ،
ثم أرتَدِي تاجي وحرائري وشرائطي الحمراء ،
أُطلقُ في السَّماء مصابيحُ أُمنياتي علَّها تُرشدكَ إليّ،
يغارُ الليل من كُحلي الأسود فيكِيد بي، ليجْعَلنِي أنتَظِر دُون أن تأتي!

كم مرة حاولتُ كتم صوتي كيّ لايصلك ،إلاَّ أن نبض جُدرانك كان بمقاس ذبذباتي تماماً
أوَ كَأنَّكَ من خلفِ حاجزِ المسافة تتلصصُّ عليّ كأُم تتفقد صغارها قبل أن يُعريّهم البرد؟!
عارية أنا دُونك، يسلخُ الغياب فراء صبري ثمَّ يعلق قلبي مصلوباً على جذوع النسيان،
ليشمتُ بي البرد والليل وتِشرين ،وَ وحدهُ المطر من يغفِر لي خَطِيئة الانتِظَار ويُهدهدَ سَنَابِل أحلْامِي !
المَسَافةُ جُرحٌ ياصديقي والاغتِراب بحضرتِك جَرَيمَةٍ ، فمتى تكُّف عن اغتيالي بصمت، وبنبضٍ بارد دون أن تُدرك ذلك!

ومتى تعي أنَّ قلوبنا كفناجينِ القهوة لايُشربَ فيها الماء لكنهُ ليس بالمُستَحِيل؟!
قلوبنا أواني ، تُمتلئ، تُفرغ ، تُخدش ، تنَكِسر، تَحْترق ببقايا الأوجاع المُترسبة ، تَتَلوث،تَصدأ وتُرمى أحياناً.

شيئاً من رائحةِ الأمس ما زال ينخُر ذاكرتي ـ مازال يُثير زوابع الحنين في صدري ،
لا أنا مَلاكٌ ولا أنتَ نبيٌّ ولا حبُنا وحيٌّ مُنزَّلْ
فلماذا لانخُونْ؟ لماذا الحُب لا يخُون نفسه ؟
فالحُبَّ ياصَاحِبي يمرضُ ،يتأكسد أحياناً ،يجف و يتبخر.!
أوَليسَ في النِّسيانِ خِيانة ؟!

حتَّى الوطن خائن!
يديهِ مُلطختينِ بالخطيئه ، يخونُ باسم الله، والإنجيل والتوارة، ليُدرء عن عَراءِه العُريّ،
ولأنَّ في الثوَّراتِ عقيدة ، ولأنَّ في الحُرية موالاة للصُّمود ،
ولأنَّ الصوت لم يتفاقم إلا حين تحدَّثتِ الشَّوارعِ على لسانِ الفُقرَاء ،
وتعرّت الأرصِفة ِبالأطفالِ بائعيّ الجوارب ،والمتسولين، ومُبتاعيّ الفراغ.!
أفتى بأنَّهم كفَّار ومُغرضين، ولم يعلم بأنَّه هو من كَفَرَ في نِسيانِهم خلفَ جُحور مُظلمة مُكدَّسة بالطِّينِ والحِجَارة!
فصَار القتل سُنَّةٌ وعاَدَة ، والدَّمُ أُغنيةٌ يوميَّة تُغنيها أسِنّة الوطَّن دُون خَجَلْ و يَحتْسِي نخبهُ الأُمراء على موائدٍ تطفحُ بالخِيانة !
حتى النَّخيل في مَدِينتي طأطأ سعفهُ خجلاً، وصَارَ تمرُّها مُرَّا

لا؛ أنتَ لاتُشبه وطني بل أجمل منه بكثير ،
ورغم ذلك أُحِبُّ وطني كثيراً وأُحِبُّكَ أنتَ أكثر,,
لكنكَ نَسِيتني كالوطَّن ، شردّتني على أرصفةِ الأمس أشتَّم عبقكَ،
وأبحث عنك حتى خلف آخِر زِرٌ في قميصِك الأعزَلْ،
تركتني أتسوَّل من الذكرى شيئاً من أُمنيات،وَ وبَّختَني كثيراً حينما طالبتُكَ بأن تُمطرني،حتَّى ضيَّعتني، وتشرَّبَت ملامحي بالكَثير من البُهوت والغرابة ،
ولاينالني منك بعد نيفٍ من نسيان سوى حفنة أسئلة بنكهة الشكِّ ، ولسعةِ الشَّوك..!
وكأنَّكَ تركتني عُهدة في جيب القدر، تتفقدُني في كل مرةٍ تلفظُكَ الحياة بقُربي كمن يتفقد المُؤتَمِن أشياءه
.بعد أن تُلقِنَّني نَفْياً آخراً باسمِ الحُب .!






ها أنذا أتوقفُ عند مُنعطفِ ذاكرتي ،
أشتعل !
وأنشغل عنكَ بك،
أتأمَّلُكَ ، لأستأنِف َكتابتكَ في وقتٍ لاحِقْ..

صدى الهمس 04-24-2012 08:22 PM

يـاه الى اي عالم اخذني حرفك ..

أوَليسَ في النِّسيانِ خِيانة ؟!

وقفت هُنا كثيراً ..
وسـ أعود مرة اخرى

شكراً يا نقية ..

ابنة الظلال 04-24-2012 09:27 PM

القديرة زكية سلمان...

نصك هبط في كل حرف منه مهبط سكينة على القلب...

لغتك الوارفة انسابت بشفافية مطلقة...

أعلم أن كلامي ركيك ولكن قد أعود عند هدوء ....

تحياتي

إبراهيم بن نزّال 04-24-2012 10:17 PM



الافتتاحية كانت عنونة فريدة للنص، وهي من ضمن التشويق المتماسك للقارئ أن يُجلب بكامله للنص،
الربط بين الوطن والحبيب كان موفقا جدا، بحيث أن جلب الوطن في ذات النص كان سلسا مع نغم الحرف الهادئ،
الكاتبة: زكية سلمان، نصٌ أنيق بكل تفاصيله، يستحق التقييم وأكثر، فشكرا لكِ، تحياتي

منتهى القريش 04-25-2012 10:59 AM

زكية سلمان ..

حينما أقرأك أجد نفسي داخل النص أعيش تفاصيله ..
القراءة لك متعة تأخذنا لعالم جميل .. وحديثك لا يُمل ..

كوني دائماً هنا ..

لك الود والورد ..

سعد المغري 04-25-2012 11:04 AM

..

تنكرنا أوطاننا كما ينكرنا من نحب هذه سنّة أطيافهم لأطيابنا .!!
تنهكنا مواسم الـ حنينة تغسلنا بالـ خطيئة وتغمس أرواحنا عقم الـ حزن .
أنيقة الـ حرف وخصيبة الأصابع وزكية الـ روح يازكية .

همس الحنين 04-25-2012 11:26 AM



القديرة / زكية

و نصك أزكى بقية يومي
رحلة شيقة بضفاف نبضك

تقديري للجمال الحرفي و لروحك الأسمى

زكيّة سلمان 04-26-2012 02:06 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صدى الهمس (المشاركة 796754)
يـاه الى اي عالم اخذني حرفك ..

أوَليسَ في النِّسيانِ خِيانة ؟!

وقفت هُنا كثيراً ..
وسـ أعود مرة اخرى

شكراً يا نقية ..

يسعدني كثيراً أن يتشرف نصي بقارئة كاتبة رائعة مثلكِ
أهلاً بكِ في كل حين:34:


الساعة الآن 10:10 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.