منتديات أبعاد أدبية

منتديات أبعاد أدبية (http://www.ab33ad.com/vb/index.php)
-   أبعاد القصة والرواية (http://www.ab33ad.com/vb/forumdisplay.php?f=33)
-   -   يوم رحلت الجزء2 (http://www.ab33ad.com/vb/showthread.php?t=36752)

محمد الفاضل 05-10-2016 02:07 PM

يوم رحلت الجزء2
 
يوم رحلت – محمد الفاضل
الجزء الثاني

الفترة التي أمضيتها مع والدي في المستشفى ، شكلت علامة فارقة في مجرى حياتي ، خلفت جروحاً غائرة في حنايا القلب ، أن ترى الجبل الشامخ الذي كنت تستند عليه ، والفارس الذي يرتدي درعه اللامع ،يحارب الوحوش ويذب عنك عوائل الدهر، القادم من حكايات الزمن الجميل ، في حالة ضعف وانكسار إنساني ، يفوق الاحتمال ويجعلك تعيد حساباتك ، يدعوك للزهد في كل شئ . بعد أن كان صوته يجلجل ويملأ المكان ، وضحكته الساحرة تضفي البهجة على الجميع ، لم يألوا جهدا في تربيتنا وسخر كل طاقاته في سبيل إسعاد عائلته ، كان يجد سعادة بالغة في العطاء ولم يشتك قط برغم تحمله أعباء الحياة وصروفها ، كان يمتلك قلبا من ذهب ، ينبض بالحنان والطيبة اللا متناهية ، كالبدر في ليلة ظلماء .

فجأة لزم الصمت ، لقد ترجل الفارس وكبا ، سكون قاتل يلف المكان ، لا يكسره سوى زفراته الحارة التي تحرق القلب ومحاولته النطق بكلمات مبهمة وكأنه طفل يتعلم النطق للتو ، كنت أحاول تجنب النظر في عينيه الحزينة مخافة أن يرى سمة الحزن على وجهي ، برغم شوقي العارم أن أضمه إلى صدري وأطلق العنان لمشاعري الحبيسة أن تنفلت من عقالها . كم هو صعب على الإنسان أن يضع قناع على وجهه محاولاً إخفاء مشاعره والتظاهر بأن الأمور على مايرام.

كانت تنتابني رغبة عارمة بالسجود عند قدميه وتقبيلهما ولكنني أحجمت عن ذلك مخافة أن ينهار أمامي ، بدأت رحلة المعاناة اليومية تطل برأسها ، الوضع يتطلب عناية خاصة ، عندما يهم بالوضوء كنت أدخل معه الحمام كي أساعده خوفاً من أن يسقط . لم أتذمر قط ، وفي المساء أجلس ملتصقاً بسريره وأقرأ له ماتيسر من القرأن بصوت مرتفع حتى يبزغ الفجر ، وكنت أستشعر دموعه الحبيسة تأبى أن تنساب ، بل تسيل وتصب مباشرة عند شواطئ الروح دون أن أراها. عندما كنت أقبض على يده اليمنى لعمل تمارين علاج طبيعي وبشكل يومي حسب أوامر الطبيب ، كانت يدي ترتجف وأحس بشلال حنان يتدفق من يده الطاهر ة لتمدني بالعزيمة .
لطالما حملنا بيده تلك ومسح على جبيننا وقرأ الأدعية عندما كنا صغاراً ، أبي الحبيب ، يا قرة عيني ومهجة روحي ، مهما فعلت فلن أوفيك حقك ، لقد أفنيت عمرك وأنت تكافح في هذه الحياة ، كنت تكد في القر والحر غير عابئ بحرارة الشمس الحارقة ، بهمة تزلزل الجبال ، ليس كمثلك شئ يا أبي . كالشمس تضئ حياة الاَخرين وتمدهم بالدفء .
( يتبع )

السويد – 10 / 05 / 2016

سيرين 05-11-2016 12:44 AM

هنيئا لمن بر بوالديه
وكان برفقة خدمتهم يحصد لآليء جنة قربهم ورضاهم
سرد مس حنايا العمق واشعل تفاصيل موشومة بنا ولن تغادرنا ابدا
سلمت يمناك مبدعنا وفي انتظار البقية بشغف
جل الود والتحايا






\..:icon20:

محمد الفاضل 05-11-2016 09:42 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سيرين (المشاركة 948239)
هنيئا لمن بر بوالديه
وكان برفقة خدمتهم يحصد لآليء جنة قربهم ورضاهم
سرد مس حنايا العمق واشعل تفاصيل موشومة بنا ولن تغادرنا ابدا
سلمت يمناك مبدعنا وفي انتظار البقية بشغف
جل الود والتحايا






\..:icon20:


كم هو جميل حضورك الموشى بأجمل الألوان سيدتي
لك خالص شكري
لقلبك باقات اقحوان

نادرة عبدالحي 10-10-2016 12:35 AM

سرد ذاتي مؤثر يُظهر تفاصيل اللحظات العزيزة

التي تشعل ذهن القارئ وتجعل مشاعره ترتجف لقداسة العلاقة

بين الابن وأبيه .
قصة تفاصيل أحداثها من واقع الحياة وبسبب تداخل المشاعر الجياشة

تفيض الينابيع التي بداخلنا نحو من منحونا الكثير لاجل ان تنتفس بحرية تامة .

فاضل العباس 10-31-2016 06:22 AM

سرد قصصي يرجع بنا الى البيت حيث يكون مقام الاب
ذكرتني بالكثير واوقدت نيران خبأت وجروحا بقي لها اثر
انتظر البقيه لمبدع مثلك


الساعة الآن 04:17 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.