لا عزاء ..( ما شرق هالنور بعدك ) !!!
اخترتُ لكتابة يومياتي اللون الرمادي كلون أيامي بعد رحيلك أيها الغالي .. |
لا أدري لماذا كل هذا الإصرار من أمي بأن أغير ثوبي بثوبٍ أسود كلون نهاري الذي فقدتُكَ فيه .. أُحاولُ جاهدةً إقناعها بان أبقى بأثوابي التي علقت أصابعك بأطرافها ، ومرغت كفوفك بحريرها الطاغي كأنوثتي بين يديك .. ولكنها تأبى بحجة الأعراف والتقاليد .. أتأمل دولاب ملابسي .. يكادُ يخلو من السواد إلا مختلطاً بعباءاتٍ تمت للعاداتِ بصلةٍ أيضاً .. والكثير الكثير من البياض الغارق فيك والمتلبس بعطرك لا خيار آخر .. سأُوشِّح روحي بالسوادِ كعمري حين لا تُلونه بضحكاتك الرنانة كأجراس الأطيار لحظة شروق .. ودون أن أشعر تمتدُ يدي لاحتضان ثوبك لتصطدم بــ "لا" لم أقوَ على صدها عن قلبي لتنغرس بداخله وتتركني أنزف دون دمٍ يُخبرك كم أنا نازفةٌ بدونك .. ربما ستعلم الآن كم أفتقدُ للحياة ، وكيف حُرِمتُ منها بعدك .. وكم أنا ميتةٌ ميتة ميتة ! |
أنا وطفلي والفقد بعدك ..
هذا الصباح أتاني طفلي الصغير وارتمى في حضني وقال لي : ماما .. جدي يقول أنني لن أرى أبي بعد اليوم .. لماذا ؟ ألا يُعجبه منزلنا الجديد ؟ إن كان لا يعجبه فلا بأس .. سنعود للعيش في منزل جدي القديم !!! إن كان لن يأتي فمن سيحكي لي كل مساء حكايات الأبطال الذين لا يخشون الظلام ؟ ومن سيشعل لي المصباح ضاحكاً حين أُجيبه : أبي .. أنا لا أخشى الظلام ولكني لا استطيع النوم دون أن أشاهد صورتك المعلقة على جدار غرفتي الجديدة .. ماما .. بما أن أبي لن يستطيع القدوم لزيارتنا فلماذا لا نذهبُ نحنُ لزيارته ؟ تذكرت صديقتي التي ترملت منذُ سنوات وكلما تألم ابنها من شيء أو أغضبه أحد أخواله حمل ملابسه وصرها وأخبرها أنه سيذهب لأبيه لأنه لم ينهره يوماً أو يضربه كما يفعلون هم .. ترى هل سيأتي يومٌ وتعاقبني على رحيل أبيك كابن صديقتي ؟!!! |
اليوم : الجمعة التاريخ : لم يعد له أهمية !!! في هذا اليوم افتقدَ منزلنا الجديد ولأول جمعة رائحة العود تعبقُ في أرجائه .. كم اشتقت لرائحتك حين تختلط بالعود وكأنكَ أنتَ من يهبهُ رائحته المميزة لا أدري لماذا أنا مُضطرة إلى التخلص من جميع التفاصيل الصغيرة التي جمعتني بك .. هذا الحذاء الجديد الذي اخترتهُ لك ، قُلتَ لي أنكَ ستلبسَهُ ليتسابقَ مع خطواتك نحو الجامع لتتافسَ معهُ في اكتساب الأجر مع أول جمعةٍ تهلُّ علينا ، وها هي الجمعةُ أتت فلماذا أخليتَ بوعدك للحذاء الذي سيمل الانتظار ذات جمعةٍ لن أكون هنا لألمعه لكَ علَّك تأتي حين غرّةٍ من الغياب .. ها هو الأذانُ الأول يشقُّ عنان الكون بأصواتِ المؤذنين الطامحين إلى الغفران ، أستجدي أمي لتسمح لي بتجهيز ملابسك فلا وقت لدي أكثر ولا أود أن تأتي الجمعة وترحل دون أن تنال أجرها ، ولكنها تكتفي باحتضاني باكية دون أن أستوعب سبب بكاءها !!! |
هذا المساء داكن كلون الحزن والترمل هنا يــ بدرية ...! محاكاة قادرة أن تصنع من نسيج الضوء عرساً لقلب ما زال نابض بالحب والحياة ..! اعجابي وتقديري |
رحماكَ يا الله ! فقد اكتفيتُ من العذاب .. واكتفيتُ من الانتظار الذي لم يُعيدهُ إليّ .. واكتفيتُ من الحزنِ الذي انتهك أستاري بفقدِه .. واكتفيتُ من القهر الذي ما فتئ ينهشُ روحي الوحيدة بعده .. واكتفيتُ من نظرات العطف والشفقة التي ما زالت تُلاحقني وأطفالي ـ نحنُ اليتامى ـ الذين لا حياة لنا بعدك .. واكتفيتُ من العيون التي تُراقبَ ادمعي لتستشعر مقدار حزني علها تفكُّ شفرة عشقنا الذي لم تهنأ يوماً بهِ تلك العيون الظامئة لعشقٍ لم يرتوِ منه سوانا .. واكتفيتُ من الحياة التي لا تجمعني به .. واكتفيتُ من الموت الذي أخذهُ مني .. رباه .. لطفك ،، لقد اكتفيت! |
أعوامَ مرّت ولا زِلتَ قابعاً في الروحِ هنا ،مستعمراً كل أشلائي التي أحاولُ لملمتها بعدك وهيهات أن يلمني إلا حضنك .. لا زِلتُ لا اُبصرَ الدنيا إلا بلون بشرتك المحبب دائماً إلى قلبي ،، لا زلتُ أذكرُ كيف تنفِرُ الدماءَ إلى بشرتك حين ألمسك ، فتُعلق قائلاً:"أرأيتِ كيف تسكنينني ؟حتى قطرات دمي تتسابق لتلامس أصابعك.. |
عقاربُ الساعةِ تتلاحق كنظراتي التي تتابع ثوانيها وكأني أرجوها أن تتوقف عند لحظةٍ تُشرق عليّ فيها في لحظةٍ تتهاوى بها جميع الحقائق واراك أمامي كما كنت تأتي كل مساء مُنْهِكاً كل الشوق والغياب والفقد .. لا أدري لماذا تُشابهُ هذهِ الساعة التي تعلق بها جدار غرفتي الصامت أقداري الظامئة لعينيك .. ولا أدري لماذا لا ترحمني عقاربها الغادرة .. سُحقاً للثواني التي تلِجُ ساعتي وتغادرها تاركة خلفها دقات قلبي المتسارعة وهي تسخر من انتظاري لك ، ربما هي تعلمُ ما لا أعلمهُ أنا ، وربما أن سوانا نجهلُ ما يُخبئه لنا القدر ! أتعلمُ أيها الغالي .. لو تأتي فقط للحظة ! أودُّ لو أضمكَ حينها بقلبي ولا أُخرِجكَ منه أبداً .. لو استطيع للحظة أن أحميك من الأقدار ( استغفر الله ) لو قُدر لي أن أقول كلمة واحدة لك فلن أقول لك سوى أنني أترقّبُ لحظةٍ ستجمعني بك في جنان الخلد وأعدكَ بأنني سأعمل جاهدة لكي ألحق بك هناك بنفسٍ راضية مرضية مطمئنة بإذن العلي القدير .. الآن أيها الغالي أشعرُ ببعض الرضا وكأني أستشعر بأن من أخذكَ مني إبتلاءً سيُعيدكَ إليّ ثواباً .. فليرحمك ربي ويجعلَ مثواك الجنة وصُحبتك بعدي الأنبياء والشهداء والصديقين . إلى هنا سأتوقف عن تناثري بعدك وسأحاولُ لملمة شتاتي لأجل أبناءنا الذين تركتهم أمانةً في عنقي ـ عسى أن أنجح في تحقيق أمنياتكَ فيهم اللهم ارحمه اللهم ارحمه اللهم ارحمه اللهم أبدلهُ خيراً مني واجزني بصبري خيرا . . . . . في هذهِ اللحظة بالذات يتمُّ تشميع عمري بعشقِكَ الأبدي فإلى المُلتقى أيها الأغلى |
الساعة الآن 01:06 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.