الله الخالق ..
أوجد كل شيء من عدم ...
زرع في وجه البوم لعنة التشاؤم التي توارثها أحفاد الوهن ...
نزع من قلب الذئب لون البراءة وجعل في عينيه صرخة الغدر لاغتيال ذلك الحمل من جمع القطيع ...!
حتى الغراب بالرغم من ريشه الأسود الداكن ...
إلا انه لا يخلو أن يكون صوته نذير هلاك لقبيلة لا تؤمن بهديل الحمام ...!
الشيطان والنساء يتفقان في عقلي على خطٍ واحد عنوانه " الكيد " ..
غير أن كيد الشيطان أقل بكثير من كيد أنثى العزيز التي اعترفت لنسوة المدينة بالمراودة ..!
وشمَ معصم القدرة بدبيب تلك النملة السوداء المسافرة بخطى متقاربة على صخرة ملساء بليلةٍ ظلماء ..
جعل في تأخر الهدهد قصة ربّانية لصدق الرسول والرسالة ...!
فرفعت " بلقيس " عن ساقها ...
فكشف الله جهل قومها بمرايا ذلك الصرح العظيم ..!

الله الغفور ...
جعل بسجود سحرة فرعون إيماناً ...
وفي صخرة صالح ابتلاء وعذاب لقومٍ قتلوا الناقة فقاتلهم الله ...!
طّهر قلوب صدئة بماء المغفرة فأشرق من جانبها الشرقي ضوء الرحمة ...!
غفر لعابدة " الكوفة " بعد أن كانت بغي كادت أن تفسد الربيع فصرخ فيها بنداء العفة فتعففت ...!
حتى تلك الغاضبة " هند " لم تُهلك لأكلها كبد " حمزة "رضي الله عنه ..
فرحمة الله لا يمنعها قسوة القلوب ولا حربة وحشي القاتلة ..!

الله المغيث ..
حلّ بــ الزرع اليباس والحرث الهلاك ..
نظر إلى جباه شيوخ أرهقهم جبروت السادة وتسلط السيادة ...
علم وعلمه أزلي بجدب الأرض بموت الزرع وذبول الضرع ليجتاح الخريف غصون الربيع يقيد بأغصانه المحتضرة خاصرة الحياة ..
فأمر نبيه أن يضرب بعصاه وآخر بحصاه فكان غيثه المغيث لسقاية الأرض ...
وحماية العرض من عبودية الإنسان إلى عبادة ربّ الإنسان ...!
لم يكن " يونس " وحيداً داخل حوته ..
كان معه الإله يسمعه ويراه فدعا ربه فأنقذه و أنجاه ...!
تجمع القوم لبعثرة دمه فعلم الكريم كيدهم فأخبر نبيه وعلّمه ...
فنسج التاريخ قصة المؤامرة وبطولة غلام جعل الإيثار خلق إيماني حببه الإسلام وأكده ..!
يلطم الموج جسد السفينة وهي تمضي بثبات " بسم الله مجراها ومرساها " ..
لتقف على الطور وقد أهلك الله سلالة الفجور ...!

الله المبدع ...
لآدم ضلع معوّج تقوس رحمة فأخرج له حواء نعمة ...
زين صدر السماء الأسود الداكن بلون الزرقة ورقص النجوم الخُنّس ...!
فلق السنبلة لسبع سنابل فتضاعفت حتى مائة سنبلة فلا عطاء كعطائه ولا إبداع كفعله سبحانه ...!
سماءٌ منصوبة بدون عمد وأرض تنطوي كطي السجل جبال شامخة و بحار مسجورة وكهوف مظلمة وأنهار وارفه ...
جعل القمر طفل السماء اليتيم شق صدره ثم ألبسه رداء الضوء فعرفت قريش أن الله ربهم وربّ الأرباب من قبلهم وبعدهم ...!
أثقل رحم الغيوم بالماء ترعد مثقلة تصرخ متألمة يرسل الرياح بشرى والعذاب في أخرى ...
لينمو الزهر في كفوف الربيع كنقش حنّاء بيد عروس تزينت لليلة عرسها ...!

الله الرحيم ...
وهب ثدي الأمومة حليب الحب ...
حملّ صدر الأنوثة قلائد العطف والحنان ...!
بلل قلوب القساة بمطر اللين ..
أرشد الكائنات المعذبة إلى دروب النجاة ...
حطم أغلال الجبابرة هدم قصور الطغاة بأيادي رعاة البهم والشاه ...
فجعل جماجمهم طحين المعارك وأصواتهم ناي الحزن بمسامع الانتصار الرباني ...!
نثر أموالهم عند أقدامهم لنشهد ميلاد أمّة أصبحت خير أمة أخرجت للناس من بداية الدنيا حتى الآخرة ...!