منتديات أبعاد أدبية

منتديات أبعاد أدبية (https://www.ab33ad.com/vb/index.php)
-   أبعاد القصة والرواية (https://www.ab33ad.com/vb/forumdisplay.php?f=33)
-   -   الصياد (قصة قصيرة) (https://www.ab33ad.com/vb/showthread.php?t=41922)

ود 03-11-2020 01:57 PM

الصياد (قصة قصيرة)
 
كنا نتحين الفرص للصيد في بر الشمال البارد ، بدأ صبر رفيقي ينفذ، وأنا بعزيمة قناص أراقب عش الصقر الكائن في ما يشبه حافة جرف في جبل سلمى المخيف ، تشققت أيدينا من التسلق على النتوئات والزوايا، لم نكن قد قررنا صيد صقر على التعيين، الا ان فكرة طرأت لي، ماذا لو أسرنا فرخ الصقر وبعناه للشيوخ الذين يقتنون هذا الطير بأغلى الأثمان، لم تكن لدينا بالتاكيد الخبرة المناسبة لهكذا غنيمة، الا انني طمعت. !
اما رفيقي فاكتفى بالأرنب البري وبعض الجرابيع ، كما أنه حذرني من الأم الجارحة ، قال لي ان صديقاً قال له انك ان أسرت فرخ الصقر تبعتك امه الى نهاية العالم ، طبعاً لم اصدقه ، نمتلك عتاداً وبنادق صيد، وعربة محكمة وقوية ، وسنأسره في غيابها طلباً للطعام ، ستأتي ولن تجده، قد تظن أن ثعبانا ً قد ابتلعه او اي شيء، لا يمكن ان تستدل علينا.
وهكذا قبعت تحت الجرف ظلام ليلةٍ كاملة ، انتظر شروق الشمس لتذهب او ربما لتنام، وكنت قد دهنت نفسي بدم الأرنب البري الذي صاده صديقي حتى أشوش غريزتها أو ما يجيدونه الحيوانات من حواس تتعرف على المخلوقات، وكنت قد بدأت أتعب ، وأنا اجلس في مكاني الصغير مقرفصاً وملتفاً برداءٍ خفيف لا يعوقني عن الحركة كي انقض على الفرخ بمجرد مغادرة الأم عشها.
كإنما لمحت طيفاً أو هو برقاً أو طيفاً مضيئاً ، أو ربما غفوت لحظات لأحلم بشخص ٍ يشبهني ممداً على جرف جبل غريب وصقر كبير يجثم على صدره ويأكل من كبده، لا شك إنني قرأت هذه القصة في مكانٍ ما ، يجب إن أُبعد كل ما قد يثنيني عن عزمي، ربما هذا الفرخ فرخ شاهين نادر، شكله ينبيء بهذا وقد يمنحونني عشرات الألاف .

وبينما إنا في تفكيري الممتع هذا ، طارت الأم من عشها باتجاه شمسٍ خجول للتو تبزغ، حالاً وقفت بهدوءٍ وبطء متجاهلاً عظامي التي تئن من طول جلوس وبحذرٍ شديد مددت يدي للفرخ الأسود اللامع بقلادةٍ من ريشٍ قصير وجميل أبيض، عينا الفرخ الفزعتين عقيق في إطارٍ من الأونيكس الأسود اللامع ، نظرتهما الخائفة تجرح القلب ، نهرت قلبي الرحيم وتدرجت في نزولٍ سريع، أيقظت رفيقي بعد أن احكمت لف ردائي الخفيف على الفرخ تاركاً له ما يعينه على التنفس وحسب، قام الرفيق ليملم أغراضنا فأمرته بترك كل شيءٍ واتباعي للمركبة عدا البنادق ، أحضر البنادق والذخيرة الخاصة بالصيد، ركبنا الى السيارة وأحكمنا قفل الأبواب والنوافذ حين سمعنا صرخة عظيمة وحادة وعالية ارتعدت لها فرائصنا فأخذ رفيقي يرجوني بكل ما يملك أن أطلق الفرخ لأمه ، طبعاً رفضت وانطلقت في طريقي عائداً الى ربوة نجد ، أنهب الطريق بسيارتي ولا زلنا كل آن نسمع الصرخة والأم تلحقنا طيرانا ً ، وصاحبي بدأ ينتحب تقريباً من الخوف حين أحسسنا بمخالب الأم تخدش سقف السيارة وهو يتذلل افتح النافذة والقي لها بالفرخ ، طمعك سيقتلنا، لم أستمع ابداً وازددت عزماً ، هو لا يفهم المسألة الآن جاوزت الطمع الى تحدي ، لن تظفر بفرخها أصبح ملكي الآن.

تجاوزنا المائة كيلومتر وهي لا تزال تطير وتحط بقوة رجليها ومخالبها على سقف السيارة وتنقر بمنقارها في السقف وتضرب بجناحيها الكبيرين على النوافذ ولم تزل هكذا حتى فجأةً وجدناها تقف على مقدمة السيارة وتنظر في عيني وتنقر الزجاج الأمامي بقوة وتطير وتحط على الزجاج حتى بدأ يتهشم وسط دهشتي العظيمة وأنا احاول موازنة السيارة التي بدأت تهتز وارتبكت فانحرفت عجلة القيادة وتدحرجنا الى يمين تلٍ رملي ثم أخذنا نتقلب في العربة ونتقلب تسع مرات وتكسر كل الزجاج ورفيقي لا صوت له دماء كثيرة حولي والفرخ يقبع على صدري وقد تحرر من ردائي ولمحت الأم آتية فأغمضت عيني خوفاً ورحت في سباتٍ لم يستيقظ منه جسدي.

وكنت كمن يحلم ، أو كمن يرى فيلماً خيالياً ، أنظر الى جسدي ذاته غارقاً في دمائه ، ونافورة صغيرة تنبثق من عنقي جهة اليسار، وصقر كبير ينقر في صدري ويقتطع اجزاءاً صغيرة من كبدي يطعم به فرخه.

محمد الجهني 03-11-2020 02:14 PM

قصة رائعة ذات نهاية مخيفة ..

ما اجمل قلم ود
و روحها ..
و لا بارك الله في من يدخل الحزن الى قلبها ⁦❤️⁩

ود 03-11-2020 10:57 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد الجهني (المشاركة 1163641)
قصة رائعة ذات نهاية مخيفة ..

ما اجمل قلم ود
و روحها ..
و لا بارك الله في من يدخل الحزن الى قلبها ❤

كما الحياة يا صديق
رائعة ومخيفة في آن
وما أجمل من وجود شخص مثلك يشجعني كل الوقت ويربت على كتف قلبي
ممتنة يا محمد لثناءك ولطفك الشديد
وثق أنني مُحاطة بالمحبة والحمدلله
وبارك الله في الدنيا التي جمعتني بكم وأسعدتني بمودتكم
لك الفرح كله والمزيد من الرضا لروحك محمد🌺

عَلاَمَ 03-12-2020 05:49 AM

.


بين الحُلم والحقيقة
حقائق كمنامات النوادر
ثقيلة جدًا ، كخطيئة أفواه ترهن " المصائر ".
وخفيفة كالضمائر ..

عَافر هذا الخاطِر بشدة ..
إسقاطه مُدوي
افزع طيور السماء
وَ القاع .. أصم، لا تُحركه النوائب
وتلك الدوائر آخر مَاتعنيه.

،

ود : يا وردتنا
شكرًا لك


نادرة عبدالحي 03-14-2020 01:25 PM

قصة الصياد من قصص العبرة التي تؤثر تأثير بليغ في نفس قارئها

لاحتواءها على معلومات وأحداث ،

اتقان أسلوب السرد هُنا لهُ تأثير عجيب وتشويق مندفع وتحريك المشاعر

وتقريب للمراد في استنباط الحكمة واستنتاج الموعظة

تعتمد الكاتبة ود على استخدام عنصر التشويق لانها تدرك أنه عنصر أساسي

وهام لإنجاح القصة ، كما لمسناه في قصتها السابقة ففي عنصر التشويق تنمو المواقف

تسلسلت الأحداث زمنيا مُرتبة ترتيب دقيق ،

نرى الكاتبة استخدمت البعد النفسي* الخوف والحيطة والترقب وانفعال وسلوك الصيادين

في الرغبة للحصول على المراد والإصرار رغم الخطر المحيط به ،

الكاتبة ود حشدت اساليبها الفنية وذاتيتها الادبية لإنجاح إيصال المغزى الرئيسي ،

الكاتبة الفاضلة ود باركَ الله لكِ في هذا الادب الشيق الذي تتميزين بهِ ،

ود 03-16-2020 07:13 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عَلاَمَ (المشاركة 1163736)
.


بين الحُلم والحقيقة
حقائق كمنامات النوادر
ثقيلة جدًا ، كخطيئة أفواه ترهن " المصائر ".
وخفيفة كالضمائر ..

عَافر هذا الخاطِر بشدة ..
إسقاطه مُدوي
افزع طيور السماء
وَ القاع .. أصم، لا تُحركه النوائب
وتلك الدوائر آخر مَاتعنيه.

،

ود : يا وردتنا
شكرًا لك



طابت اوقاتك شيخ علام
لا أعرف ان كانت الحكاية قد أوقدت شعلة الشعر فيك
ترسله على أثر النص فتقوم قيامة النص
وأنا فيّ الفجاءة أحتار ،كيف لي أن ارد على كل هذا
هكذا ارض الفرات،لا زالت تهبنا عبق المعرفة وعمق التواصل
ممتنة جدًا سيدي لوقتك ولردك الجميل الذي أنا اقل منه
لك سعادات متواصلة ورضا يغسل روحك سيدي الكريم🌹

عَلاَمَ 03-16-2020 08:13 AM

مرحبا ود
اني أخت ، هذا رد بسيط على حكاية "مَحبوكة" كالتي تنسجين.
اسعدني حضورك النازك


منى آل جار الله 03-18-2020 02:40 AM

شعرت بسعادة جدا لنجاة الفرخ
رغم النهاية المؤلمة لكنه عقاب يستحقونة حين تخلو عن انسانيتهم
جميل ماخط ي جميلة
:34:


الساعة الآن 03:13 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.