ذات هجير

يفرك الساعة ، فتتساقط عقاربها ، يبتلعها الرمل فيجري بعيدا خشية أن يلفظها الرمل فتلدغه ، سيبحث عن مكان لا وقت فيه ! سيبحث عن الندى ، حتما سيجده بصحبة زهرة ! وآه له ما أشقاه !! لا شيء في هذه الأرض البور يبشر بالحياة !! .

الصمت يتناثر كالملح ، والهجير يشتد كطلبه للندى ، يجري !! والأرض من تحته تضحك ساخرة منه ! إلى أين تمضي يا فتى فأنت في شهر آب !

لا ريق يبلعه من الدهشة !! ارتمى على الأرض ، وهمس لها ! بأن كل ما حوله ملك له ! حتى هي ! فابتسمت وقالت : دونك ما تشاء فنحن كلنا لك الشمس والرمل والهواء وأنا !!

قال : وأنا ! ثم زحف حتى أفلت الشمس ، وخرجت من ملكه المزعوم فبكى وابتسمت الأرض ! قالت : أتبكي وقد ذهبت عنك ؟! وهي التي كانت تتمادى في تعذيبك وهي التي وهي التي !!

وها أنت يا صديقي ، قد اعتضت عنها بملايين النجوم التي دخلت في ملكك ، وها هو القمر من بينها يبتسم لك !!

حاول أن يصم أذنيه عن كلام الأرض ولكن أين يذهب وهي تنتشر في كل مكان كأحزانه فاكتفى بالصمت وأخذت ذكريات الشتاء تتساقط من بوتقة ذاكرته وفاضت حتى ابتلعتها شقوق الأرض ونفذت ذكرياته ونسي كل شيء حتى حاجته للماء والتشبث بالحياة نسي تلك العقارب التي سقطت في الرمل وبدا وجهه شاحبا كالقمر وجسده الملقى على الأرض خاويا مثلها لا شيء فيه !

ارتمى على الأرض وقد غلبه النوم وغط في سبات عميق

وما أن استيقظ حتى وجد الأرض قد ارتدت معطفها الأخضر وجرت الأنهار وتفتحت الأزهار وعاد كل شيء للحياة إلا ذاكرته !! .

برهان المناصير