منتديات أبعاد أدبية

منتديات أبعاد أدبية (http://www.ab33ad.com/vb/index.php)
-   أبعاد النثر الأدبي (http://www.ab33ad.com/vb/forumdisplay.php?f=5)
-   -   ما كل سيف يقطع الهام حدّهُ ! (http://www.ab33ad.com/vb/showthread.php?t=11415)

عبدالرحمن الغبين 06-07-2008 12:47 AM

ما كل سيف يقطع الهام حدّهُ !
 
هاهي ذي مجدداً ..
أصلها كما أول مره قبل أن تتبين شمسها القديمة ، أحس كما أول مره بوجود رئتاي .
كنت أصرخ بصمت :
تعالي أيتها النسمات التاريخيه،
المنعشة،
الثائرة،
الخارجة من صدور العظماء،
الخارجة عن قانون العملاء،
تعالي وأملئي رئتيّ، تعالي فجريها،
فلا هواء جدير بالإستنشاق بعد هذا الهواء .

أعدت الإمساك بيدها ورحت أجرها خلفي بجنون لا حد له باحثاً عن أقرب غرفة يمكنني أن أغلق الباب عليها.

- دقيقة خيي ، تا نخلص من هالأكِرّه .
قال موظف الإستقبال مخاطباً إياي مشبهاً السواح الألمان الثلاثة بذلك التشبيه .
لم يكن من جوابٍ لدي غير إبتسامة الرضى التي أخفيت بها تذمري من الإنتظار بضع دقائق أخرى .
دقائق إكتملت إجراءات التسجيل ، ماهي إلا لحظات وأنا أغلق عليها الغرفة بإبتسامة ساخرة قلت : يالك من بائسة ستبقين هنا فلم أستأجر هذه الغرفة إلا لأتخلص من ثقلك.
ترى هل تخفي ملامحك الجامدة شوقاً للذهاب إلى هناك ؟
هل تستطيعين سماع نداء سيف الدولة لزيارة بلاطه وتشعرين بالعجز كونك جماداً ؟ أرثي حالك أيتها الحقيبة.

أما أنا كما ترى بلا قيود ولا حقائب ألبي نداءك، رفضت دعوات أصحاب السيارات الصفراء لكي يقلّوني إليك كأني كنت أريد أن أصل إليك بأكثر الطرق مشقة.
طافت بالذاكرة أولى قصائد المتنبي في حضرة سيف الدولة ورحت أردد بعضاً منها :
سلكت صروف الدهر حتى لقيتهُ
على ظهر عزمٍ مؤيداتٍ قوائمه
مهالك لم تصحب بها الذئب نفسه
ولا حملت فيها الغراب قوادمه
فأبصرت بدراً لا يرى البدر مثله
وخاطبت بحراً لا يرى العِبر عائمه
غضبت لما رأيت صفاته
بلا واصفٍ والشعرُ تهذي طماطمه
وكنت إذا يممت أرضاً بعيدةً
سريت فكنت السر والليل كاتمه
لقد سل سيف الدولة المجد معلماً
فلا المجد مخفيه ولا الضرب ثالمه.

آهٍ يا ابن أبي الهيجاء،
تراك تعلم وأنت من كان يرد الروم عن بلاد المسلمين أن حلب في مثل هذه الأيام كسائر المحافظات السورية تعتمد يوم السبت يوم إجازة رسمية إرضاءاً لهم.
بصقت على نهاية الطريق الإسفلتي وتوقفت برهة على بداية الطريق القرميدي القديم، كأن لقدماي حينها ذراعين تحتضن الأرض، كأن قدماي تقبلانها مع كل خطوه أخطوها، هكذا كانت القبل تتوالى إلى أن أُذن للظهر سرت بجسمي رعشة كمن يسمع الأذان لأول مره.

بعد الثانية ظهراً كنت أتناول الغداء في الواجهة الزجاجيه المقابله للحديقة العامة لأحد المطاعم، كانت تمر أمامي الورود البيضاء عائدة من مدارسها الإبتدائيه وكانت تتخللها أسراب الصقور وقطعان الغزلان ، كل شيء يتفجر بالحياة هنا ، كل شيء يغري بالإبتسام والضحك ، الصغار فرحين بالسبت الذي تم حذفه من جداولهم الدراسيه كما حذف من جداول الدوائر الحكومية ، والكبار يضحكون على هذه الخيبة ، ربما يضحكون لأنهم بحاجة للضحك قبل أن يأتي غد آخر حافل بخيبات أكبر ، خيبات متوقعة تتداولها ألسنهم في المقاهي وعلى الأرصفة .

- لقد تأكد أنهم أجازوا للأتراك القدوم إلى البلاد بلا جوازات سفر ، وبالهوية فقط .

أتطفل على ذلك النقاش :
- والسوريين ؟ ماذا عنهم ؟ هل سيسافرون إليها بالمثل ؟
أجاب نافياً :
- إيـــه يا سيدي ...
كانت حروفه تخرج مع زفير ملتهب،
هز رأسه وعبّ نفساً من الأرقيلة،
وارتسمت على شفتيه إبتسامة مرّه.

آه ما أمرّ إبتسامات الهزيمة والخيبة ، أين أنت يا علي !!
قلت مواسياً أو ربما معتذراً عن ذلك السؤال النصل الذي غرسته في خاصرة حديثهم :

- سمعت أن العلاقات ستكون أفضل وبصالح البلاد ، أليس كذلك ؟

- إيه كل شي منيح ، راح يتوسطولنا الترك عند شارون ، تا نخلص من علقة الجولان ، راح يستأجروها منا تسعة وتسعين سني .

إزدادت إبتسامته أسىً وبلاهة حتى توقف إهتزاز رأسه المحبط.

ويبدأ رأسي بالدوار ، هاهي ذي الساعة تشير إلى الثالثة وأنا لم أنم منذ البارحة ، أذهب إلى غرفتي فأجد حقيبتي تنتظرني كحجرٍ بائس يستعد لأن تركله أول قدم تصادفه ، لا بأس سترين كل ما تشتهينه ساعة أغادر حلب.



13 - 3 - 2004 م

أصيله المعمري 06-07-2008 02:33 AM

عبدالرحمن الغبين



أود أن أعرف




هل الابداع تؤامك
أم
شقيقك
أم
ماذا


؟
؟


كن بخير

صالح العرجان 06-07-2008 02:39 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالرحمن الغبين (المشاركة 289829)
هاهي ذي مجدداً ..
أصلها كما أول مره قبل أن تتبين شمسها القديمة ، أحس كما أول مره بوجود رئتاي .
كنت أصرخ بصمت :
تعالي أيتها النسمات التاريخيه،
المنعشة،
الثائرة،
الخارجة من صدور العظماء،
الخارجة عن قانون العملاء،
تعالي وأملئي رئتيّ، تعالي فجريها،
فلا هواء جدير بالإستنشاق بعد هذا الهواء .

أعدت الإمساك بيدها ورحت أجرها خلفي بجنون لا حد له باحثاً عن أقرب غرفة يمكنني أن أغلق الباب عليها.

- دقيقة خيي ، تا نخلص من هالأكِرّه .
قال موظف الإستقبال مخاطباً إياي مشبهاً السواح الألمان الثلاثة بذلك التشبيه .
لم يكن من جوابٍ لدي غير إبتسامة الرضى التي أخفيت بها تذمري من الإنتظار بضع دقائق أخرى .
دقائق إكتملت إجراءات التسجيل ، ماهي إلا لحظات وأنا أغلق عليها الغرفة بإبتسامة ساخرة قلت : يالك من بائسة ستبقين هنا فلم أستأجر هذه الغرفة إلا لأتخلص من ثقلك.
ترى هل تخفي ملامحك الجامدة شوقاً للذهاب إلى هناك ؟
هل تستطيعين سماع نداء سيف الدولة لزيارة بلاطه وتشعرين بالعجز كونك جماداً ؟ أرثي حالك أيتها الحقيبة.

أما أنا كما ترى بلا قيود ولا حقائب ألبي نداءك، رفضت دعوات أصحاب السيارات الصفراء لكي يقلّوني إليك كأني كنت أريد أن أصل إليك بأكثر الطرق مشقة.
طافت بالذاكرة أولى قصائد المتنبي في حضرة سيف الدولة ورحت أردد بعضاً منها :
سلكت صروف الدهر حتى لقيتهُ
على ظهر عزمٍ مؤيداتٍ قوائمه
مهالك لم تصحب بها الذئب نفسه
ولا حملت فيها الغراب قوادمه
فأبصرت بدراً لا يرى البدر مثله
وخاطبت بحراً لا يرى العِبر عائمه
غضبت لما رأيت صفاته
بلا واصفٍ والشعرُ تهذي طماطمه
وكنت إذا يممت أرضاً بعيدةً
سريت فكنت السر والليل كاتمه
لقد سل سيف الدولة المجد معلماً
فلا المجد مخفيه ولا الضرب ثالمه.

آهٍ يا ابن أبي الهيجاء،
تراك تعلم وأنت من كان يرد الروم عن بلاد المسلمين أن حلب في مثل هذه الأيام كسائر المحافظات السورية تعتمد يوم السبت يوم إجازة رسمية إرضاءاً لهم.
بصقت على نهاية الطريق الإسفلتي وتوقفت برهة على بداية الطريق القرميدي القديم، كأن لقدماي حينها ذراعين تحتضن الأرض، كأن قدماي تقبلانها مع كل خطوه أخطوها، هكذا كانت القبل تتوالى إلى أن أُذن للظهر سرت بجسمي رعشة كمن يسمع الأذان لأول مره.

بعد الثانية ظهراً كنت أتناول الغداء في الواجهة الزجاجيه المقابله للحديقة العامة لأحد المطاعم، كانت تمر أمامي الورود البيضاء عائدة من مدارسها الإبتدائيه وكانت تتخللها أسراب الصقور وقطعان الغزلان ، كل شيء يتفجر بالحياة هنا ، كل شيء يغري بالإبتسام والضحك ، الصغار فرحين بالسبت الذي تم حذفه من جداولهم الدراسيه كما حذف من جداول الدوائر الحكومية ، والكبار يضحكون على هذه الخيبة ، ربما يضحكون لأنهم بحاجة للضحك قبل أن يأتي غد آخر حافل بخيبات أكبر ، خيبات متوقعة تتداولها ألسنهم في المقاهي وعلى الأرصفة .

- لقد تأكد أنهم أجازوا للأتراك القدوم إلى البلاد بلا جوازات سفر ، وبالهوية فقط .

أتطفل على ذلك النقاش :
- والسوريين ؟ ماذا عنهم ؟ هل سيسافرون إليها بالمثل ؟
أجاب نافياً :
- إيـــه يا سيدي ...
كانت حروفه تخرج مع زفير ملتهب،
هز رأسه وعبّ نفساً من الأرقيلة،
وارتسمت على شفتيه إبتسامة مرّه.

آه ما أمرّ إبتسامات الهزيمة والخيبة ، أين أنت يا علي !!
قلت مواسياً أو ربما معتذراً عن ذلك السؤال النصل الذي غرسته في خاصرة حديثهم :

- سمعت أن العلاقات ستكون أفضل وبصالح البلاد ، أليس كذلك ؟

- إيه كل شي منيح ، راح يتوسطولنا الترك عند شارون ، تا نخلص من علقة الجولان ، راح يستأجروها منا تسعة وتسعين سني .

إزدادت إبتسامته أسىً وبلاهة حتى توقف إهتزاز رأسه المحبط.

ويبدأ رأسي بالدوار ، هاهي ذي الساعة تشير إلى الثالثة وأنا لم أنم منذ البارحة ، أذهب إلى غرفتي فأجد حقيبتي تنتظرني كحجرٍ بائس يستعد لأن تركله أول قدم تصادفه ، لا بأس سترين كل ما تشتهينه ساعة أغادر حلب.



13 - 3 - 2004 م
















أنتمي لك

هذا ما أملك أن اقوله

بين حرف وتاريخ يسوس الوقت قوة التحمل لمعادن الهمم فلا يبقى تحت

سطوة الظروف وعرائها الا أهل العطاء


برايفت

يا جدي خوالك










سعد المغري 06-07-2008 06:49 AM

..
عبدالرحمن الغبين..
..
أنت "كنز " يجب أن نحافظ عليه جيداً..
تحية وإحترام لكَ ولـ.هذا النص..
"ولي عودة أكيد"

ساره عبدالمنعم 06-07-2008 08:30 AM

http://www7.0zz0.com/2008/06/02/04/788959466.gif



قديمه ..
تحمل في طياتها ..
العذوبة والجمال ..
عبد الرحمن الغبين ..
لكلماتك لوحه من عطر الإبداع ..

دمت بإفضل حال

فاطمة العرجان 06-07-2008 01:38 PM

ماأعذب الحديث هنا..

رغم تنهيدات مؤلمة

شعرت بها حين القراءة..

عبدالرحمن الغبين

باختصار..

رائــع
http://www.mnab3.com/vb/images/smilies/rose.gif

عبدالرحمن الغبين 06-08-2008 03:24 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أصيله المعمري (المشاركة 289860)
عبدالرحمن الغبين



أود أن أعرف




هل الابداع تؤامك
أم
شقيقك
أم
ماذا


؟
؟


كن بخير

أخيّتي أصيلة،
حضورك جميل دائماً،
أما بالنسبه للإبداع، أتمنى فقط ألا أكون تكراراً لغيري.
أكره التقليدية والمنهجية.
شكراً لك.

السندريلا 06-08-2008 08:26 PM


http://www.r2lel.com/up/uploads/4c5f53332d.gif

صَولاتْ وَ جَولاتٌ بَيْنَ حُقْبَةٍ مِنْ الْزَمَنِ ..
وَ مَا يَحْملُ بِـ احْشَائِهِ وَ يَحْتَضِنُ بَيْنَ اذْرِعَتهِ

♦.
♦.


:: الْغبيِنْ :: حِيَاكَةٌ مُتَفِرِّدَّة لِلحَرْفِ لا يُجِيدهَا سُوَاكْ
احْترَاميْ [ .. http://www.r2lel.com/up/uploads/5eb0ffdd95.gif .. ]



الساعة الآن 01:16 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.