ليـال .. وغربة الكون
" ليس لحزني ظلال ، فليس لحزني حدود ." * وأنا في قسْوةِ الفقد أنزف : بعضُ الموتِ يعتذر عن التعزية .. الأجدرُ .. تسميتَهُ بخلودٍ عظيمٍ في مكانٍ علويّ . لا يطاله غبارُ كلماتِ التأبين المستنسخة ، ولا الوعظُ الباهتِ ، ولا النّصْح المُتْرَف . تتكَسَّرُ في حضْرَتهِ جماجم المحابر الأنيقة ، فتذروها رياحُ الحُبِّ المصلحيِّ . يعتصر قلب الغيم ويتجمد تأويل انهمارهم السخيّ فينا ..في سراديب السَّبَبيَّة . بعض الأرواحِ تقطفها الملائكُ في أول أوانِها وذروةِ الطُّهْرِ ليحتفي بها الملأ الأعلى ؛ ويرتقي المسكونون بها معارج الغيم ويرتمي الأرضيُّون المتعلقون بأطرافها في مدارج العَدَم . بعض الحزنِ شاهقٌ يليقُ به أن يبقى عظيماً في أبَّهته ، تدورُ حولَهُ أشباحُ الكلماتِ وكرنفالات المحزونين وظلال المتهالكين في أحجيات البقاء . إنهم لايرحلون ..! يعبرون فينا ، في نتوءاتِ المتبقي منّا حتى يتآكل الزمن . ينتصبون كشهودٍ على شواهدنا الباقية منّا . يحيون ـ بلا أدنى رحمة ـ في قلوب يتيمة .. أخبار النسيان في عُرْفها سيئة السُّمْعَة . قلوبٌ لا تٌحْسِنُ تجاوزَ المحفورِ من حزنٍ ..لا تجيدُ سوى التهالك على أعطافِ آثارٍ غائرة وذكريات طافرة . في غربة سحيقة في أبعدِ اللاشيء بمعيَّة اللا أحَد ..في زمنٍ رديءٍ مراقٌ بدونهم .. نحياهم كثيراً ولا ننتهي . نقتسمُ مع وَهْمِ وجودنا أرغفةَ التعب ، على أرصفةٍ مدهونةٍ بالدَّمْع ؛ كأننا وجوهُهُم وحزنٌ ما تقوّسَ ظَهْرُه . ليــال : وحدكِ الآن .. في ضبابٍ حالكٍ تطلّينَ كقنديل ينوسُ ولا ينطفيء ..! وحدكِ ..وجودٌ في تمام شروْدِه ، حين تجرحينَ هذا الكون المشبع بالفراغ . تسْتبْقين في موتي .." إحياءً " لحقيقةٍ واحدةٍ ثابتة ، منسيّةٍ في جيوب الغَفْلة . تأخذين بيدي حين أتوه في مساربِ الممكنِ الزائلِ مِنْ وهمٍ .. وتقهرين العَدَم ..! وتغرسين في قلبي شوق اللقاء بكِ وفي جوارِ من لا يشقى جاره ولا يفنى جواره . ليــال : كثيرٌ غيابكِ في عُرْفِ الحمامِ يا بياضُه . وأنا القليلةُ إلا من بيادرِ المبذورِ من حرفكِ . ـــ ذات طيب .. 24 / 2 / 2007 والآن .. ...يتبع حين مُزْن ، وكلَّما فاضتْ غربة . ــــ * ليال نبيل . |
الساعة الآن 06:19 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.