منتديات أبعاد أدبية

منتديات أبعاد أدبية (http://www.ab33ad.com/vb/index.php)
-   أبعاد النثر الأدبي (http://www.ab33ad.com/vb/forumdisplay.php?f=5)
-   -   أرى بالأخضـر..! (http://www.ab33ad.com/vb/showthread.php?t=41923)

د. لينا شيخو 03-11-2020 05:27 PM

أرى بالأخضـر..!
 



يشاكسني الليلُ الذي يترنّح على تخومِ الصباح ..

ـ النومُ الهانىء الذي يغفو على وسائدَ ليستْ لي ..

ـ النوم الذي يفلتُ يدي كلّما شدَدْتهُ ..

أفضّ الاشتباك القَلِق معهُ وأخيطُ إلى نعاسي قطعةً من حرير السّـلام ..

الغرفةُ تتثاءبُ والعتمة تسيلُ من جدرانها ..



في الجوار..

يجمعون الخيبات واللاءات في غرفٍ كبيرة ويسـدّون بها عرى الهدوء.

بابُ البيتِ يغيّرُ مكانهُ كلّما سمعَ وقْعَ خُطى الحَرب .

السّـقف الذي طارَ تحوّل إلى سـماء تتسـع لهدير النداءات ..

الجدران تميلُ عليّ وأصابعي مضفورة بالعجز ..

السـتائر تنكشف للضّوء ، الضّـوء الذي يتوه في ضوضاء المدينة يشبهني حين أوزّعُ ملامحي على وجوه المارّة .

من الشّـرفةِ التي كانت تطلُّ عليّ ، ألمحُ الشجرةَ ـ التي علّقتُ عليها تمائمَ الأمنيات ـ تسيلُ منها دموع الفرح .

ألمحُ امرأةً تمشـي خلفَ ظلّها ، وطفلاً يتمسّكُ بظلّ أمّهِ مكتوباً على ظهره اسم أبيه .

أتفقدُ الفساتينَ التي طالتْ أكمامُ شوقها ، الكتب التي تقرؤني ، الوَله الذي يؤرجحني ، الجوارير التي تحفظ تفاصيلي ، مآذن مدينتي التي انحنتْ لتكسرَ ظهور الغزاة ، الكنائس المصلوبة في ساحة وقائع الموت ..

حتى جارتي ـ التي تشـبه هذه الحرب ـ كلّما قدّمتُ لها القهوة بابتسامةٍ عفويةٍ لا تقرأ اكتمال البدرِ في فنجان المساء وتصرّ بحيادٍ تام على أنّهُ عرجونٌ عتيق يغيبُ في منتصف الشهر ويترك مكانهُ وجه أبي ..

وتطلقُ تناهيدها نحوي بنشوةٍ باهتة .

أغادرُ العالم الذي ترشحُ نهاياته بالدّمع ..

أجمعُ السّـكر من حبّات العنب وأذيبه في الوقت بدل الماتع .. أتمسّكُ بحبلِ مشيمتي وأنعطفُ إلى الوقت الهادىء الذي أمضيته في استسلامٍ تامّ لأمّي وهي ترسـمُ لوناً أخضرَ في قزحيتي ..

أمّي تلكَ السّـاقية التي لا تتوقفُ عن الجريان في أوردة حياتنا ..

أمّي ذاك العطرُ الذي كانت تذرفهُ

الفُلّة سـباعيّة الطّرحِ في شرفتنا ..

أمّي التي تتيحُ لمطرّزاتي أن تبتلَّ بالمطـر ، ويلفّني حنينها بشـالٍ من الوَرد .

لذا ليس بإرادتي أُشـرِقُ على صباحات دمشـق ، وأتحوّل إلى يخضورٍ في ذروةِ أيلولها ..

وأهمي كقطراتٍ تُسـلّي ضجرَ النضوب …

وأكون قشـّة بين شفتي غريقٍ كتلويحة بقاء من الحياة الهاربة..

وأعود كما أحبّ غزالة المعنى الرشـيق وأسمحُ للغيم أن يركضَ فوقي وأعصرُ مواسـمَ للمطـر !

لينـا شـيخو .
ــــــــ
* تم نشر النص في جريدة" عالم الثقافة "العمانية
ومجلة "مبدعون" الورقية في العراق وعدد من المجلات والمواقع الالكترونية .

قايـد الحربي 03-11-2020 08:28 PM

:

هيّئوا المباخر ،
فذات الطيب هنا ..

،
يا "غزالة المعنى الرشيق" ..
أهلاً بهكذا مساءاتٍ آتية بك ،
،
كعهدي بحرفك الأخضر ، يتسلق الضلوع وصولاً للنبض ..
ينمو على جدار الفلب كـ أمنية ، كـ غفوةٍ يستحيل القبض عليها

،
يااا طيب الذات ياا ذات طيب
أبهجني حضورك ..
أبهجني إلى درجة أنّ مَن رآني تأكد أنّ شيئاً
ما حدث لي ..
وأنا لا أفعل إلا أنْ أُشير إليك .
،
شكراً لأنك هنا
وشكراً لأنك هناء .


سيرين 03-11-2020 09:59 PM

الاخضر يفقه دوما أي القلائد ينتقيها ليثمر اجمل اللوحات
الممتلئة بعبق الصور الابداعية وبلاغة الشذى يرنو لكل طيب وهطوله الاستثنائي البريق
رغم الشجن كان غدق يانع الابهار تعددت به مفردات الحياة
لا حرمنا هذا الغيث ودام حضورك سامق الالق مبدعتنا ذات طيب
مودتي والياسمين

\..:icon20:

ود 03-11-2020 10:51 PM

ساحرٌ قلمك ِ مثل حلم
اردتُ اقتباس بعض من نور حرفك
وعندما يا ذات الطيب الجميلة أعدت القراءة
وجدت ان النص كله جوهرة مشعة وفريدة
نبض الحرف ،الصدق في الكتابة ،كأنما حرفك بكاء وحنين
كأنما تتحدين والعوالم كلها وتنطقين بلسان وعي الإنسان فينا
كثير ٌ من تعبيراتك أدهشتني
يا لهذا الشعور الفاره ما شاء الله
احببتُ قلمك جدا حتى أنني والله غبطتك
وأنني لسعيدة إذ أتاح لي الوقت قرائتك
لك الفرح المستدام يا ذات الطيب ولك الرضا لروحك سيدتي💖

رشا عرابي 03-12-2020 08:53 AM

النداءات تكادُ تبتلعُ مساحة السطور من كمّ ازدحامها،

المَشاهد تتعامَد على طول السّرد وترسمُ ملامحاً أقرضَها الحال
وجهَ الوَبال

بابُ البيتِ يغيّرُ مكانهُ كلّما سمعَ وقْعَ خُطى الحَرب .
السّـقف الذي طارَ تحوّل إلى سـماء تتسـع لهدير النداءات ..
الجدران تميلُ عليّ وأصابعي مضفورة بالعجز ..


احتُشاد الرؤى في قِلّة الحيلة يأتي بهذهِ الصورة ويؤطّرها بـ زفراتٍ طِوال



أكثر من الدهشات تزرعين في الأحداق يا ذات الطيب
محبات ياروح

د. لينا شيخو 03-12-2020 01:57 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قايـد الحربي (المشاركة 1163668)
:

هيّئوا المباخر ،
فذات الطيب هنا ..

،
يا "غزالة المعنى الرشيق" ..
أهلاً بهكذا مساءاتٍ آتية بك ،
،
كعهدي بحرفك الأخضر ، يتسلق الضلوع وصولاً للنبض ..
ينمو على جدار الفلب كـ أمنية ، كـ غفوةٍ يستحيل القبض عليها

،
يااا طيب الذات ياا ذات طيب
أبهجني حضورك ..
أبهجني إلى درجة أنّ مَن رآني تأكد أنّ شيئاً
ما حدث لي ..
وأنا لا أفعل إلا أنْ أُشير إليك .
،
شكراً لأنك هنا
وشكراً لأنك هناء .


يقال :
" الكلام صمتٌ فقدَ صوابه "
أستاذ قايد الكبير ..
ناثر الدهشات حيثما حلّ ،
رفيق درب الحرف واول اوانه ،
أنا الكثيرة بكم ، القليلة بنفسي
ربما اجتماعنا مجدداً في ابعاد
- بعد ان تشظينا -
يشـي بفرح قادم في زحمة البشاعات العالمية ..
بـ صدق أعجز عن شكركم .
والشكر موصول للإدارة على استعادتنا هنا وعلى الفيسبوك وارجو ان التقي كل من تفتقدهم ذاكرتي من الكتّاب الرائعين والرائعات .
ربما يكفي ماقيل
:
" لا تقترب حين تنبهر اقترب حين تطمئن "
شـكراً لك عليك .


إغفاءة حلم 03-12-2020 04:31 PM

ـ النومُ الهانىء الذي يغفو على وسائدَ ليستْ لي ..
ـ بابُ البيتِ يغيّرُ مكانهُ كلّما سمعَ وقْعَ خُطى الحَرب .
ـ السّـقف الذي طارَ تحوّل إلى سـماء تتسـع لهدير النداءات ..
ـ الجدران تميلُ عليّ وأصابعي مضفورة بالعجز ..
ـ حتى جارتي ـ التي تشـبه هذه الحرب ـ كلّما قدّمتُ لها القهوة بابتسامةٍ عفويةٍ لا تقرأ اكتمال البدرِ في فنجان المساء وتصرّ بحيادٍ تام على أنّهُ عرجونٌ عتيق يغيبُ في منتصف الشهر ويترك مكانهُ وجه أبي ..
ـ أمّي تلكَ السّـاقية التي لا تتوقفُ عن الجريان في أوردة حياتنا ..
ـ أمّي ذاك العطرُ الذي كانت تذرفهُ
الفُلّة سـباعيّة الطّرحِ في شرفتنا ..

.......

كف حرفك مورقة
وحزنه شفيف كقطر الندى
وقعها في الشعور نهر لا يتوقف هديره ...
مدهشة جداً ...

سلسبيل 03-12-2020 08:12 PM

تبارك الله
على أي السطور أعلق إعجابي!
وكله مطر
رائعة
الله يحفظك


الساعة الآن 07:14 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.