منتديات أبعاد أدبية

منتديات أبعاد أدبية (http://www.ab33ad.com/vb/index.php)
-   أبعاد النثر الأدبي (http://www.ab33ad.com/vb/forumdisplay.php?f=5)
-   -   خَرَزَةُ النَّوم الزَّرقاء | محمد البلوي (http://www.ab33ad.com/vb/showthread.php?t=38506)

محمد سلمان البلوي 09-14-2017 09:42 PM

خَرَزَةُ النَّوم الزَّرقاء | محمد البلوي
 
خَرَزَةُ النَّومِ الزَّرقاء


أنا لا آتيكِ بالماءِ؛ إنَّما أقدحُ من بين يديكِ السَّرابَ بالظَّمأِ، ثمَّ من جميلِ صبركِ أتوضَّأُ، وبحسنِ ظنِّكِ أتعطَّرُ، ثمَّ عليكِ أنثرُ صلاتي رذاذًا وندىً، ودعائي أسكبُهُ رواءً في حوضِ أُذنكِ الممتلئِ بالحبقِ، ثمَّ في محرابِ عينيكِ أنامُ. هل أنامُ؟


وأنا لا آتيكِ بالشَّمعةِ ولا بالثِّقابِ؛ إنَّما أُنَبِّهُكِ إلى مَكْمَنِ النُّورِ فيكِ؛ ولو اِضْطُرِرْتُ إلى أنْ أَلفَّكِ بالظَّلامِ لبعضِ الوقتِ، إلى أنْ تُشرقَ روحُكِ بنورِ ربِّها من تِلْقَاءِ نَفْسِهَا، ثمَّ في عينيَّ تنامُ. هل تنامُ؟


وأنا لا آتيكِ بالكلامِ؛ إنَّما معكِ أنذرُ للرَّحمنِ صومًا، ومعكِ أصنعُ للرِّيحِ مهدًا، حتَّى إذا ما أشرتِ إليه يومًا بالنَّاي، أو نفثتِ فيه شيئًا من ريقِ الصَّدى، أو نفحتِ فيه صمتًا خالصًا... تساقطَ الكلامُ علينا شهيًّا وطازجًا مثل السَّكينةِ والنُّعاسِ. هل ننامُ؟


وأنا لا آتيكِ بالحبِّ؛ إنَّما أعرفُ أنَّ لكِ قلبًا خاشعًا؛ فيطمئنُّ قلبي على قلبي، ثمَّ قريرًا ينامُ في صدري. دمعةٌ، أو دمعتانِ، ثمَّ نلتقي؛ قبلَ الموتِ وبعده، قبلَ النَّومِ وبعده. دمعةٌ، أو دمعتانِ، ثمَّ لا نفترقُ أبدًا ولا ننامُ. كأنَّنا كلمةُ "أحبُّك"؛ تضمُّ جناحيها على سرِّها؛ حينَ الحربُ تدهمها، ثمَّ تعرجُ في السَّماء؛ نجمةً، نجمةً... ثمَّ في مدارنا الأزرقِ تنامُ. هل تنامُ؟


وأنا لا آتيكِ بالنَّومِ، ولا أفكِّرُ... إنَّما من أَرَقِكِ الكثيفِ أسرقُ نومي، ومن نومي الثَّقيلِ أطرحُ عليكِ أَرَقِي، ثمَّ في عينيكِ أنامُ ساهرًا، وفي عينيَّ تسهرينَ نائمةً. ما حاجتنا إلى النَّوم! تقولينَ؛ فأقولُ: بل ما أحوجنا... تعالي ننامُ؛ كما لو أنَّنا نيامٌ منذُ الْقُبْلَةِ الأولى، تعالي ننامُ؛ فــ "ما فازَ إلَّا النُّوَّمُ".
- هل ننامُ؟
- نعم، نعم، إنَّا نيامٌ... إلى أنْ نفترقَ، إنَّا نيامٌ... ولنْ نفترقَ.


محمد سلمان البلوي

جليله ماجد 09-14-2017 11:05 PM



لا ينام القلب العاشق ..
تنام الجوارح فقط ..
و يظل القلب ( واعيا) ..
لما حوله ..
لكأن عين ثالثة نبتت ..
اسمها عين القلب ..
أ . البلوي
نص عميق ..
يغور إلى أعماق الروح ..
بوركت أستاذي الفاضل ..
احترامي .. تقديري ..





محمّد الوايلي 09-14-2017 11:38 PM

جميلُ الوصفِ ينتهي عِندَ روعةِ التشبيه
كُلُّ كلِمةٍ بِمعنَى وكُلّ حَرف كلمةٍ بأسّْطُرِ جَمالٍ لاينتهِي
تقديري أ. محمّد

حسام الدين ريشو 09-15-2017 03:56 PM

نص نثري
بالغ الروعة
محمل بجواهر الصور
والاخيلة
مع معان تنحني لها لغة الكلام

أبدعت سيدى
لك تحيتي

رشا عرابي 09-15-2017 04:48 PM

أنتَ لا تأتي بالكَلِم على هيئَته المرصوفة
بل تأتينا به على هيئةٍ محسوسة ملموسة
مبكيّة محكيّة على غِرار روحٍ أيقظت منه الحياة ( فتأهّب )

المُغايرة بين ما تأتي به وما هو كائن بيقين القرب
يُلجم ألسنة الردّ
ويُبقي لك في الصّميم شهقة دهشة
دِثارها كمٌّ من الإكبار يليق !!

مُغتبِطٌ هو الأزرق في مقلةِ محبرتك
هنيئاً لنا

نازك 09-15-2017 08:33 PM

كما أدهشتني رشاي وسرقت الكلام من فمي _ كعادتها_ 😊
وأقول كما قالت؛ وتخونني اللغةُ لأزيد، وأنّى ليَ بالمزيد في حضرة هذا السبك البارع !
صدقاً ؛ إنها الكتابة؛ تلك الوسيلة التعبيرية الوحيدة القادرة على التصوير الحيّ المكعّب وببضع كلمات !
نصٌ فارِه يعُجُّ ببديع الأخيلة، ويغرقُ في النور ويغترِفُ النجوم من مُأقِ السماء

شكراً لهذه اللوحة الناطقة

تقديري

بلقيس الرشيدي 09-18-2017 01:13 PM

...
...

تِلكَ الحِكايَة أرسَلتنا لِرَوعة النَوم فِي عَينِ الحُب !
تطُولُ بِهَا الأحلام فَتجعلُها خَضرَاء كَالربِيع فِي عَينِ المَطر !

كُل سَطرٍ دَهشَة يَتَعثَّرُ بِدهشَة يَامُحمد . حماك الله

.

نادرة عبدالحي 09-22-2017 11:38 PM


الإنصات لروح النص لهُ دوره في دفع القارئ / الكاتب أن يعطي من عمقه بكل معنى الكلمة

فاللفظ الهادئ الرزين تراه كالمحيط حاملا الكثير من المعاني الهادفة وتمنح النفس طاقة إيجابية يحتاجها القارئ بشدة

أستطيع قراءة مثل هذا النص وفكري غير مُشتت هادئ مُلتزم ، ويطيب له ما يتناوله من وچبة دسمة ،

الكاتب الفاضل محمد البلوي بورك فكرا يهوى الفصول المعطاءة ،

تحياتي وباقة ياسمين ،


الساعة الآن 01:53 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.