منتديات أبعاد أدبية

منتديات أبعاد أدبية (http://www.ab33ad.com/vb/index.php)
-   أبعاد القصة والرواية (http://www.ab33ad.com/vb/forumdisplay.php?f=33)
-   -   أفروديت (http://www.ab33ad.com/vb/showthread.php?t=42370)

الطاهر حمزة 08-06-2020 11:11 PM

أفروديت
 
ذاعَ صيتُ اللوحة الغريبة التي ظهرت فجأة على حائط المتحف الكبير وسط المدينة لتختفي جميعُ القطع الفنية الأخرى. توافدت إليه الجموع واصطفت خارجه بلا مظلات والفضول يهطل غزيراً فوق رؤوسهم، بعد رؤيتهم للملصقات التي أغرقت أصقاع المدينة: جذوع الأشجار، نوافذ الحافلات، أبواب البقالات، وحوائط المنتزهات والمدارس. جميع الممرات والطرقات امتلأت جوانبها بصورة لفتاة اللوحة بفستانها الأحمر، وسلتها الصغيرة، وشعرها الذي تجره خلفها مثلَ نهرٍ يافع من أعماق المحيط كالحة السواد.
يقف أمام البوابة شاب عشريني بدا أنه المسؤول عن المتحف، معه آخران ينظمان الحركة، ويلقنان كل مصطف وصية قبل أن يأتي دور الواحد منهم، فيزدرد دهشته ليجترها داخل الصومعة لاحقاً.
يُسِرُّ إلى رجلٍ يتقدم الصف ويهمّ بالدخول: قبل أن تقف أمام اللوحة وجب أن أعلمك بالآتي: إذا كان عليك أن ترمش فلتفعل الآن، وعندما تتجلى أمامك، انتبه جيداً لما تراه مهما بدا لك متطرفاً وغريباً وأحذّرُك.. متى ما تململت أو نسيتَ ما أخبرتك به، أو حتى إذا ما خَوِرت عيناك أو طرفتْ فسوف تغدو أعمى.
على الجانب الخلفي من المتحف، تسمع أصوات نقرٍ لعِصِيّ تتحسسُ الأرضية الصلبة، وهمهمات تضاهي الضباب في الإنتشار؛ وكمشهدٍ من أفلام العصابات والمافيا، كان جميع المشاة يضعون نظاراتٍ سوداء.
تبدأ بغزل شعرها فتتلون السماء وراءها بصبغة حمراء قانية كلون فستانها، بينما يفغر المتفرج المشدوه فمه أمام جمالِها. تتساقطُ أجنحةٌ سوداء من خلفها وتقطر السماء دماً لا يثلبها، كأنها ترتدي معطفاً خفياً. هذه الحربُ الضروس تنفجر كلما لمست شعرها. تتنزل الكائنات الضوئية بعد نهاية الحرب في خفة، بأجنحتها البيضاء الكبيرة، تحمل القرابين _مكسورة الأجنحة_ بين أيديها: عندها يغمض الزائرُ عينيه.
الأحرفُ المنحوتة أسفل إطار اللوحة الخشبي تُقرأ كما يناديها الكائن الضوئي أفروديت، بينما أسماها الفتى الأعمى الذي يرأس المتحف: هيام

رشا عرابي 08-07-2020 01:07 AM

هُيام!
فتنة تَسلِبُ الأبصار وتفقأ للبصيرة ألف عين..

نصك تُحفة أدبية منحوتة بمهارةٍ رمزية
أهنّئ ذائقتي بنصك

:icon20:

سيرين 08-07-2020 01:58 AM

متقن هذا التجسيد الحي لمقتنيات الذاكرة من تلك الاساطير
« أفروديت »
ربة الجمال في الفن والشعر جعلها تتسيد مقامات الادب بتفرد محبب للقلوب
وفي ظل حضورها بقلمك الطاهر حمزة على الابداع ان يلعب دور البطولة
باقات الود والامتنان

\..:icon20:

نادرة عبدالحي 09-03-2020 12:06 PM

القصة عبارة عن شيفرة كتبت بإسلوب مميز
في سياق السرد يترك لنا الكاتب نقاط للتشويق
لِما كان من المسؤول التوصية والتحذير من الرمش وإطالة الوقوف امام اللوحة ……؟
فهذه التوصية والتحذير يدفع القارئ تلقائيا للبحث عن مفتاح اللغز ،
أما في الوصف اعتمد الكاتب الطاهر على الحسّ والحركة
ومد القصة بوصف تصويري من ايحاءات ودلالات مرفقة بصور فنية
ليطلق القارئ العنان لفكره لتطوير الحدث ومحاولة فك الشيفرة التي
وُضعت أمام فكره ،


الساعة الآن 01:47 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.