منتديات أبعاد أدبية

منتديات أبعاد أدبية (http://www.ab33ad.com/vb/index.php)
-   أبعاد النثر الأدبي (http://www.ab33ad.com/vb/forumdisplay.php?f=5)
-   -   أكتُبُ ... وسأكتُب ... (http://www.ab33ad.com/vb/showthread.php?t=44073)

نازك 01-30-2023 02:26 AM

أكتُبُ ... وسأكتُب ...
 
؛
؛
مِن أين أبدأُ؟

صمتٌ يمثُلُ أمامي كعملاقٍ يطغى على كل شيء، حتّى ظِلِّي!
يُتعِبُني أنني لا أفعلُ شيئاً 
يُتعِبُني هذا الهدر 
أدقُّ التفاصيلِ تسترعي انتباهي،
تقبعُ في مخيلتي، تختمِرُ وتتكثّف
 ولا أقوى حتى على تدوينها

أستميتُ ويتسارعُ نبضي توقاً، لا ضير والحلمُ يتنامى في صدري ونهرُ الحرفِ لا بُدّ سيتدفق 

أرومُ الكتابة كما أتحدّثُ وعينايَ أمام المِرآة
ِ،
أُريدُ الإمساك بخيطٍ طافٍ في قلب هذا المحيط الشاسع
ِ
تماماً كما أغرقُ في لُجّة عينيك ولا أِتقِنُ التجديف

تبتلِعُني تدريجياً وصوتُ الحياةِ في الخارجِ يأخذُ في التّلاشي !

وتلوحُ لي صورةٌ وحيدة، مشهدُ البحر والموجُ يُراقِصُ سفينةً عتيقة وصيادٌ ونوارس وحياة موقوتة على قيد شروقٍ وغروب ...

ثُمّ ماذا ؟
يصطبِغُ الأُفقُ بحُمرةٍ داكنة ، ثم ماتلبثُ وتبينُ الشمس
 وأنا أصحو ولكنها ذاكرتي تنعمُ بهدأةٍ أزلية في كنفِ حلُمٍ يربو في أقصى الروح !
وفي غفلةٍ مِن الكلام، في غصّةٍ بمرارة الصمت 
يفضحُني تبلورُ الشوق في عينيّ

لم تعُد قنواتُ التغافُلِ تقوى ابتلاع المزيد فبات يسّاقطُ كديم السماء 

ثابتةٌ تلك المشاهد قبالة وجهي،كعربة بائعٍ متجوِّل، تدورُ عجلتها في ذاكرتي بلا هوادة 

فأنّى ليَ بوسْنةٍ كتلك التي سرقت طرفي و وهبتني عمراً من السكون !

تتخلّلُ صورتك ذاكرتي كأنسامِ البحر 
تطوفُ بي في جزائر التِّيه وكأنك بي ماثلٌ بين العينِ والهُدُبِ!

وتنسلُّ رويداً خاطفاً ملح عيني وبعض روحي والكثيرَ مِن الحنين

وتَبكيك مواجِدي والأزقَّة ،ضجيج السيارات صراخ الباعة كل تلك التفاصيل تُعيدُني إليك،تدلُّني عليك

وأرتشِفُ قهوتي،وحدي على مهلٍ خِلاف التهامي السريع وأنا في حضرة عينيك!

منذُ متى وأنا أستعيرُ من وجهي أصابع لأكتب إليك، ويسيلُ حبر عيني 
ويتلاشى صوتي،

وتُفرِطُ في التدخين ، وأُفرِطُ في البكاء

وهكذا؛ تمور بنا سفن الحياةِ، وعلَّنا نكتفي، علَّنا نرتوي !
وهذا التوقُ يا بعضي ينخُرُ في منسأةِ صبري، وأراني سأنهارُ لامحالةَ مادُمتَ ياوطني مسلوباً مِنّي
ومادامَ هذا الفقدُ تليداً يستشري في عروقي

كيف أُخبِرُهُم عنكَ ولكلٍ وطنٌ يلتحِف سمائهُ وينامُ قرير العينِ؟

ومن ذا الذي سيفهمُ وجعي، وأنا كالطفلةِ أتنازعُ وأقراني مساحةً صغيرةً تُشعِرُني بالإنتماء ؟ 

لطالما تاقت روحي لهجعةٍ عميقة، ولطالما اتّسعت ليَ الأماكِنُ وضاقت أنفاسي؛ أنا!

ذاك الوطنُ القصيِّ عن عيني، والمختلطِ بأديمي، 

وهكذا كنتَ تسكنُ في الشطرِ الأوَّلِ من الأنشودةِ، وكنتُ أتلوها كلَّ صباحٍ على مسمعِ حواسِّي الهَرِمة 
كنتُ أردِّدُها بحنوٍّ بالغ،
كنتُ أخالُها تتساقطُ على جبينِكَ قُبَلاً وعلى كتفكَ تربيت
!
كنتُ أراني أكبُرُ ويضيقُ عليَّ إطارُ الصورة !

كنتُ أتلوها حُباً وإنتماء 
كنتَ ومنذُ نعومةِ ضفائري، معجوناً بحكايايَ، قابعاً في سُلافِ أخيلتي، مخبوءاً في زوايا لوحاتي،
كنت اللون المحايد في بوتقة الألوان 

كنتَ ولازلتَ ذاك الحرفُ الموشومِ في جبينِ أوراقي والخطُّ المُمتدُّإلى مالانهاية
والحدُّ الغارقِ في الحَيرةِ على خارطةِ الحياة …
ولخوفي مِن أنْ تفلُتَ يدُكَ يدي ؛ أكتُبُ ... وسأكتُب ...





نازك

حسام الدين ريشو 01-30-2023 03:38 PM

سردية نثريةرقيقة
تجلت فيها مشاعر راقية
أبدعت الكاتبة القديرة في تصويرها
تحيات تليق

خالد صالح الحربي 01-30-2023 07:03 PM

:
تقول نازك:
على قلقٍ كأنّ الريح " سطري "!
🌹

نويّر الحربي 01-31-2023 06:55 AM

كنتُ أراني أكبُرُ ويضيقُ عليَّ إطارُ الصورة !

يوما ما ستحرر الصورة ويراك في كل الوجوه
.
رائعة يا نازك ورائع صباحي بمصافحة قلمك
دمتِ :icon20:

نادرة عبدالحي 02-01-2023 08:47 PM



في حضور حرفك يا جميلة البوح والروح أدرك أن الاخلاص المحبة يجول في النفوس الطيبة

التي لا تحمل ضغينة برغم الألم الواقع عليها ، ان الاخلاص في المحبة جذوره متينة ولا يمكن اقتلاعها بسهولة تُذكر.

واعلم يا جميلة الروح والبوح ان وراء كل أمر تكتبينه لوحات جميلة لانكِ مضاعفة في الإبداع ومضاعفة في الحب والألم ،

وخرجت للتو من قلبي إلى السماء دعوات لكِ أن يخفف الله عنكِ الالام التي ترافقكِ بسبب الفقد وجنون الحب ،

عبدالإله المالك 02-03-2023 10:42 AM

عندما تتعانق الظلال والأخيلة تنداح الكلمات والعبارات والجمل
حييت يا نازك

نازك 02-03-2023 01:17 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حسام الدين ريشو (المشاركة 1221330)
سردية نثريةرقيقة
تجلت فيها مشاعر راقية
أبدعت الكاتبة القديرة في تصويرها
تحيات تليق

ممتنة لكرم حضورك وجميل قراءتك استاذي القدير
كل الشكر

نازك 02-03-2023 01:21 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خالد صالح الحربي (المشاركة 1221338)
:
تقول نازك:
على قلقٍ كأنّ الريح " سطري "!
🌹

فعلاً؛ للتوّ أعدتُ قراءتها وابتسمت من فرط هذياني
وقلتُ في نفسي؛ ينبغي أن لا أنطلق أو لتكن المرة الأخيرة
ولكنها الكتابة ستتغلب وسأسطّر .. وأكتب …

أستاذي القدير/ كل الشكر


الساعة الآن 05:56 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.