منتديات أبعاد أدبية

منتديات أبعاد أدبية (http://www.ab33ad.com/vb/index.php)
-   أبعاد النثر الأدبي (http://www.ab33ad.com/vb/forumdisplay.php?f=5)
-   -   قانون الغابة .. (http://www.ab33ad.com/vb/showthread.php?t=39178)

د. فريد ابراهيم 05-04-2018 07:59 AM

قانون الغابة ..
 
في غابتنا الاستوائية كل شيء علي ما يرام

و في غاية الكمال

و النسيم مزيج من رائحة الليمون و المانجو و الشاي الأخضر و النعنع ..

يملأ صدرك بالحياة

فـ سبحان من أبدع ..

و رغم جمال الطبيعة هنا

لكن هذا لا يمنع ..

غابتنا الجميلة أن تخضع ..

لقانون الغاب ..

الذي يسري علي الجميع

من السباع الى الذباب ..

حيث البقاء للأذكى

و الموت يبقى للأشجع ..




(1)


قد يخدعك مظهرها الناعم الأملس ..

زاهية الألوان قد تجعلك تتحمس ..

فتقترب من جلدها و تلمسه و تتحسس ..

و هي لا تُخلص حتى لجلدها فـ تغيره وقت الحاجة

فـ لا تكن بهذه السذاجة ..

و لتُبصر جانبها الأشرس ..

فـ الدم البارد لا يعرف حبا

و الجوف السام لا يحوي قلبا

فـ لا تبحث ..




(2)


مُسلحاً بـ خِبرته الجمة ..

مُلَوِّحاً بـ إبرته السامة ..

أخذ يدور حول فراشةٍ جميلةٍ بريئةٍ

سقطت في شِباكه الحريرية

فـ أخذت تقاومها بـ عنفٍ

و هذا ما يُثير غريزته الساديّة

أن يرى الأمل يغرق في عينها بمرور كل ثانية

و يطفو على السطح يأس فريسةٍ طاذجة ..

فـ ينقض عليها بـ أذرعه الثمانية

و يغتصب براءتها الساذجة ..

و يمضي بعدها بلا عقاب

قاتل الأحلام الوليدة

لـ ينصب شَبَكَةً أخرى

و ينتظر فراشةً جديدة ..




(3)


متلونةٌ .. تدعي البراءة و تجيد الإدعاء

متلونةٌ .. ليس فقط للدفاع بل أيضا للإعتداء

تُخفي خلف مظهرها الشفاف المُمَوَّه ..

وجه حقيقتها القبيح المُشَوَّه ..

و تجيد الإختفاء ..

قبل أن تضرب ضربتها الغير مُتَوَقَعَة

بإنقضاضةٍ غادرةٍ مُسرِعَة

و بـ دمٍ أبرد من دم الحِرباء ..


(4)


لا زالت التماسيح ترقد في قاع النهر ..

أسياد تعود أصولها الي عصر الديناصورات ..

و السيادة أو السُلطة المُطلقة تحتاج الى تضحيات ..

تحتاج أن تقوّي حراشف ظهرك

و تَسُن أسنانك

و لا تفكر الا بـ نفسك ..

و تأكل الأسماك و الحمار الوحشي

و تأكل حتى بني جِنسك ..

فـ السُلطة المُطلقة نوع فريد من الجنون

و أعراضه تدعو للذهول و الإنبهار ..

فـ إما أن تبقى تمساحا في قعر المُستنقع ..

أو تتطهّر كـ حوتٍ خرج الى الشاطيء

و فضّل الإنتحار ..

كلا الخيارين مُر

و الأمَّرُ الإختيار ..

فـ السلطة المطلقة شهوةٌ

لا تَجلِب ابدا .. إلا العار


(5)


ها قد جاء الغضنفر

مُتشحا بـ فرائه الملكيّ

و متزيينا بـ الأنياب و المخالب ..

للزينة فقط ..

فـ لا يشارك في جلب الرزق

و لا في الصيد

و لا يحارب ..

فقط يرقد تحت أقرب ظل

و يراقب رعيته بكل كسل

و لا ينتفض ابدا ك الأبطال

ألا لـ ينقض على أحد الأشبال

فـ يُصرِعه قتيلا قبل أن يطمح في الحكم

و بهذا يظن أنه ملك غير قابل للإنمحاق ..

و بهذا صار ملكا عن غير جدارة

أو إستحقاق ..





(6)


الذئاب ما زالت تعوي

و لا زالت ترتعد الخِراف

اذا كان الموت محتوما

فـ لماذا لا زالت تخاف ؟

فـ لتواجه الموت إذاً

و لـ تُحارب بـ شرف الأبطال ..

فـ هل أفاد النعامَ شيئا .. دفنُ رؤوسهم في الرمال ؟

على الخِراف أن تتحد

و أن ترفس و أن تنطح

و أن تصرخ بـ صوتٍ جهير ..

لعل ضربة قاضية تولَدُ من سَكَرة موتها

و من بَحَّة صوتها

تجعلها العشاء الأخير ..

فـ ترقد بـ سلام في بطون القَتَلة

عَصِيّة على الهضم

جديرة بـ الوجود

و تتعفن أجساد القتلة

و يُحَرَّم الضأن على الدود

فـ يبقى المجد للشهداء

في كل مكانِ و بلا حدود

و تتقدس أسماؤهم

علي صفحات الخلود



في غابتنا الإستوائية

كل شيء على ما يرام

و لا يوجد ما يدعو للدهشة

فـ الأسماك الكبيرة تأكل الأصغر حجما

و الباعوض الدقيق يمتص من الأفيال دما

و التمساح يفتح فكيه للطير

لينظف البقايا العالقة

بطقوسٍ مُتمَلِقة

و الأفعى المتسلقة

التي تسكن الأشجار ..

لا تقتل جرذان الغابة

و تقتل الفقير اذا تجرأ

و قطف الثمار ..

و النسرُ الذهبيُّ .. أخذ القرار

و قتل فرخه الأصغر

و أطعمه لـ باقي الصغار

فما المدهش الذي يمكن أن يحدث

في غابة تعودت الالام

فلم تعد أجساد قاطنيها تقشعر

لرؤية الدم .. أو لموت الأحلام

فلا تُكثر في التساؤل

و طرح علامات الاستفهام

كل شيء هنا طبيعي .. و في حالته الخام

كل شيء في غابتنا .. على ما يرام






فريد 4/5/2018

فيصل خليل 05-04-2018 01:48 PM

في غابتنا الإستوائية كل شيء يسير على ما يرام
فالأسود لها صولتها لا يرد لها طلب
والخراف في حظائرها تنتظر جزارها

ويبقى الإنسان محتار .. على أي قانون يمشي

كاتبنا الفاضل
توصيف جميل وكتابة انعكاس الواقع على حياة الغابة .. فيه من التشابه الكثير

كل الشكر والتقدير لك


بلقيس الرشيدي 05-05-2018 08:03 PM

...
...

تَعلَّمنا أن البَقاء للأقوى .
ولكن هُناكَ فِطرة فِينا تَجعلُنا نرفُضُ مالايَتناسبُ مع طبِيعتنا !
كُل التقدِير

.

د. فريد ابراهيم 05-07-2018 06:22 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فيصل خليل (المشاركة 1054098)
في غابتنا الإستوائية كل شيء يسير على ما يرام
فالأسود لها صولتها لا يرد لها طلب
والخراف في حظائرها تنتظر جزارها

ويبقى الإنسان محتار .. على أي قانون يمشي

كاتبنا الفاضل
توصيف جميل وكتابة انعكاس الواقع على حياة الغابة .. فيه من التشابه الكثير

كل الشكر والتقدير لك



كل الشكر لمرورك و التقدير لتعليقك الرقيق

و جزبل الامتنان لدائم حضورك

تحياتي و خالص التقدير

رشا عرابي 05-07-2018 09:41 PM

ويبقى المجد للشهداء

ملحمة تلك في خضمّ غابة
على شاكلة البقاء للأقوى
غير أن العبرة أن البقاء للأصدق
وعلوّ الشأن لمن في يمينه راية حق
معنا معنا تعددت جولات القتال


إسقاطات جعلت نصك وثائق من حقائق

يراعك جديرٌ بالتتويج يالفريد

د. فريد ابراهيم 05-10-2018 01:30 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بَلْقِيسْ الْرَشِيدِي (المشاركة 1054261)
...
...

تَعلَّمنا أن البَقاء للأقوى .
ولكن هُناكَ فِطرة فِينا تَجعلُنا نرفُضُ مالايَتناسبُ مع طبِيعتنا !
كُل التقدِير

.


كل الشكر و الامتنان لمرورك الكريم اختي العزيزة
كل عام وانت بخير
و رمضان كريم

د. فريد ابراهيم 05-19-2019 10:42 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رشا عرابي (المشاركة 1054615)
ويبقى المجد للشهداء

ملحمة تلك في خضمّ غابة
على شاكلة البقاء للأقوى
غير أن العبرة أن البقاء للأصدق
وعلوّ الشأن لمن في يمينه راية حق
معنا معنا تعددت جولات القتال


إسقاطات جعلت نصك وثائق من حقائق

يراعك جديرٌ بالتتويج يالفريد

فراشة منتدانا الراقية.. لحضورك يسعد القلب


و لكلماتك تطرب الروح..


و تحت عرش يراعك.. يحلو الانصات و الخشوع


ربي يسعدلي قلبك.. و لا يحرمني من الطلة

نادرة عبدالحي 05-23-2019 06:06 PM

رسالة إنسانية ملفة للنظر ، كل شئ على ما يُرام هذا فعلا ما يشعر به الأغلبية ،

ما دام محيطهم بخير ، وما دام مرعاهم بخير والماء لديهم بوفرة ولا يعطشون

إذا كل شئ على ما يرام ،نص نحتاجه فعلا ونحتاجه مثل بطاقة الهوية ليكون

في حقائبنا الفاخرة ،

الكاتب د. فريد إبراهيم لا غرابة أن إلهامكَ النير هو يتساقط كقطع النور

على عقول القراء ، سلم فكركَ النّور ،



الساعة الآن 04:47 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.