منتديات أبعاد أدبية

منتديات أبعاد أدبية (http://www.ab33ad.com/vb/index.php)
-   أبعاد النثر الأدبي (http://www.ab33ad.com/vb/forumdisplay.php?f=5)
-   -   [ قُداسـةُ التَحديق ] .. (http://www.ab33ad.com/vb/showthread.php?t=26488)

عائشه المعمري 02-03-2011 04:07 AM

[ قُداسـةُ التَحديق ] ..
 
لا تسألوني عن جرحي ..

هو النص الذي ملت أدراجي منه
تسلل هنا دُفعة واحدة .. وبلا تنقيح يُرضيني ..
إليكم ، وبعد غياب ..


يبدو لوهلة أنني عاشقة ،
أحدق في الفضاء وفي الطائرات التي تثقب السماء ، وحدها الطائرات من تقاسمني الهم ، تمر بي كل يوم ،
وتخبرني أنها ستأتي به .. فلا أقلق كثيراً .. الأمر يتعلق بالزمن فقط .. ولابد أن أنتظر .
ألوح للمسافرين ، وأدرك جيداً أنهم لن يروني ، ولكن بالتلويح تتصاعد الروح نحوه وتسافر ، حيثه حتماً ..
في يومٍ ما سأركب الطائرة وحدي ، وسيلوح لي عابر ما ، سأحدق كثيراً في الأسفل ، علني أرى النقاط بأبعادها الثلاث ،
عل عيني تلتقط ذراعاً تلوح من أجلي ، من أجلي فقط ولا تسقط .

الكون بالخارج لا يتوقف عن الحركة ، ما إن تخفض عينيك من مستوى عبور الطائرات ، تجد شوارعاً لا تتقاطع على شيء ، وأناسا لا يكفون عن الحركة ، وأطفالاً لا يعرفون التعب ، وأنا بنافذتي ، أمارس قٌداسة التحديق في الأشياء ، وأعبر بذاكرتي
كل ما يتعلق بما أراه وبه وحده .. إنني أخشى أنني قد اخترت الطريق الزلق .. وما من آمان يضمن لي الوقوف من جديد ،

رجال المطافئ يسكنون بجانبنا ، لا ينفكون من تجريب سيارتهم كل يوم وفي نفس الوقت ينظفونها باستمرار بالرغم أنها لا تتحرك إلا قليلاً ، ويتأكدون من سلامة جرس إنذارها المزعج ، هكذا هم متأهبون لأي اتصال عابر ، حتى لو كان كذبة ، كما كنا نفعل ونحن صغاراً ، نتصل على المطافئ أو الشرطة نخبرهم بان ثمة حريق قد نشب ، وندلهم على مكان الوهم ، وأنا مثلهم تماماً ، متأهبة لأي حريق في قلبي ، أتحسس نبضاته كل حين ، أدرك جيداً أن حرائقه لن يُطفئها أحد سواي ، مهما كان المتصل بقلبي هو طفل عابث .

نافذتي وطن ، أنصت لأصواتهم وهم يتهافتون ، يصطفون كل يوم في السادسة صباحاً ، يُدهشني هذا المنظر ، أعشق هكذا انضباط ، ترى كم يحتاج الواحد منا حتى يصير كما يريد ؟ .. هذا السؤال يرهقني كثيراً . ويبدو أنني أمتهن معايشته ،

في الصباح لا أجيد التحدث إلى أحدث .. يسيطر الصمت على كل شيء ، لابد أن أستعد لمحاضرتي الأولى ، هاتفي لا يكف عن الرنين .. والمتصل ، ليس من أظنه طبعاً ، فابن خالتي الصغير ابتاعت له امه هاتفا وليس من أحدٍ يتصل إليه غيري ، وحدي من أجيد مجاملته ، وحدي من أتحمل هَم شخصية الضعيفة في هذا السن الحرج ، أخشى أن يكون صادقاً ، ويفهم الحب كما يقول ، أخشى أن يكون قد أحب نوف التي حدثني عنها بالأمس صدقاً ، أخشى أن تكذب عليه ،
اليوم لا طاقة لي بمجاملة أحد ، حتى لو كنت سأتحمل ذنب كسر خاطره وترك أربع مكالمات لم يرد عليها وهو يدرك جيداً أنني
أتعمد عدم الرد ، ترك لي رسالة قصيرة :
- اليوم عيد ميلاد نوف ، سأهديها جهاز "الأي باد" ، دعي ذلك سراً ..

لم يكن بوسعي أن أمنعه ، ولا أن أرد عليه بإبداء وجهة نظري ، تركته يفعل ما يشاء ، تُرى لما يُهديها هدية غالية على قلبه
كهذا الجهاز الذي أعلم أنه يعشقه كثيراً لأن أمه قد أهدته إياه حينما نجح في الصف التاسع هذا العام ،
لما نظن أن الحب الحقيقي هو ذلك الذي نُضحي بأشيائنا الثمينة فيه ، والتي هي حقاً ليست بأثمن من قلوبنا ، ياه يا تركي ، أخشى عليك منها كثيراً ، وأدرك أنك لن تفهم ما أعني .

أحتاج إلى بئر أخبره بما أشعر ، كما يفعل تركي معي ، أخبره عن حدسي ، وعن سر الطائرات ، ورجال المطافئ ، لا أريده أن يمنعني ، أو أن يُبدي وجهة نظره بردود أفعالي وبما أشعر ، لا أريده أن يشوه الصورة التي أكمل رسمها كل يوم ، لا أريده أن يعبث بشيء أبدا ، أريده أن ينصت إلي فقط ، كما تفعل الجدران ، والمرايا ، والصور ، والرسائل ، فلا أريد أن يسألني أحد عن جرحي ، ولا أحتاج إلى مواساة في يوم ما ، فـ "الجراح التي نتسبب بها لأنفسنا ، وحدنا من يجب أن يتكفل بتضميدها" ، ..
هكذا تمتم تركي حينما تناست نوف يوم ميلاده ..

رفعت رأسي مجدداً وفتحت النافذة ، مرت الطائرة المائة والخمسون لهذا الشهر بتعدادي ، ولم تأتِ به ..

تمت

نواف العطا 02-03-2011 04:11 AM

عائشه أهلاً بكِ بعد غياب
كم هو مؤلم الانتظار حينما يكون مشبع باللهفه
ومشتعل بالشوق .
قرأت أحرفكِ الراقيه والبديعه بتمعن فقد راقت لي
ونالت على اعجابي ولكِ كل الود والورد .

نوف سعود 02-03-2011 07:35 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عائشه المعمري (المشاركة 701245)
نافذتي وطن ،


الله .. رآئعه نافذتك التي تحطل على وطن ..!
كلماتك تقطر شهداً من الأحاسيس الناعمة ...
سلمتِ عزيزتي / عائشة المعمري ...
وأهلاً بك من جديد أيا نقاء ...
تقديري وتحيه والود ... :icon20:

سعد المغري 02-03-2011 08:40 AM

..

عايشة المعمري .
تغرقنا في لوحة مسافر لاتنبت إلا حجارا ..
مخدوشة مستأثرة مستنفرة في زاوية متحف لايدخله إلا الـ خالعين .....!
هي هكذا عايشة كـ حرفة كـ شرفة تشرّع الـ وطن للأماني..
تشبه الـ حلم و لاتكتب شيئ دون صحوة .!

ابتسام آل سليمان 02-03-2011 10:33 AM


و ستأتي به ذات حين , فقط الزمي انتظارك مادام في القلب نبض ٌ من حب !
عائشة :
لاشيء يجعلنا أصحاب حرف فتان سوى الجروح !



فرحَة النجدي 02-03-2011 09:54 PM



لا الطائرات و لا الأمنيات و لا الغيوم و لا المطر يا عائشة !
و مع ذلك ننتظر حتى أننا احترفنا ممارسته ..



الجراح التي نتسبب بها لأنفسنا ، وحدنا من يجب أن يتكفل بتضميدها *


كثير من الصدق المكثف هنا !



عائشة ،
خبئي جرحك و السماء أرقبي !
جميلة جِداً :icon20:

عائشه المعمري 02-04-2011 10:56 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نواف العطا (المشاركة 701246)
عائشه أهلاً بكِ بعد غياب
كم هو مؤلم الانتظار حينما يكون مشبع باللهفه
ومشتعل بالشوق .
قرأت أحرفكِ الراقيه والبديعه بتمعن فقد راقت لي
ونالت على اعجابي ولكِ كل الود والورد .

نواف
شُكراً لمُتابعتك الدائمة لـ حرفي ولـ الجميع هُنا ..
فأنت الأوفى على الدوام


ألف ألف شُكر

صالح درويش 02-07-2011 05:03 PM

بعيداً عن كل الكلمات التي تأسر الألباب ، والشعور المتدفق من رأسي الآن و الذي يدور حول تساؤل وحيد كم بك من الصبر لأجله ؟!!!
عذراً ، عدت للتعديل فقط لاقول أن في حرفك سمة العطاء ، والنبل ، وأشياء أُخر تهتم في فقر القراء وبعض ( المستكتبين ) أمثالي :) .


الساعة الآن 05:27 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.