منتديات أبعاد أدبية

منتديات أبعاد أدبية (http://www.ab33ad.com/vb/index.php)
-   أبعاد النثر الأدبي (http://www.ab33ad.com/vb/forumdisplay.php?f=5)
-   -   مسرحُ الظِلّ ! (http://www.ab33ad.com/vb/showthread.php?t=43606)

نازك 03-31-2022 10:07 AM

مسرحُ الظِلّ !
 
؛
؛

باتت ساحةُ ذاكرتي كرصيفٍ مُلاصِقٍ لمحطة قطارات مُزعِجة 
تدهسُ كل ما يكادُ أن يكتمل مِن المَشاهد فتُحيلُها لرمادٍ أسود تلفظهُ عبر مسارِبها

أصواتُ التائهين وبُكاءُ المُودّعين وكذا الآيبين ؛وعُنصرُ الصمتِ هو الفارِقُ بينهما
زوبعة تتحشرجُ في رأسي، تقتاتُ من أديمِ ملامحي، تُورِثُني وجهاً بليداً خالياً مِن التعبير 
يالها من رحلة مقيتة، وسلسةُ مِن المواجعِ التي تجترُّ بعضها بحثاً عن نهايةٍ هارِبة خارج نِطاق هذا السجن الفسيح 
يُلازِمُني شعور الّلاإنتماء، اتكوّمُ على نفسي، كما حالُ تلك الخِرقِ في حقيبتي
يضيقُ بيَ القاع، ويشكِّلُ هذا السقفُ فماً بلا لسان، وهذه الجدران المُصمتةِ عيونٌ جاحِظة 
تتمدّدُ المسافاتُ في لُهاثٍ، تتنامى في حلق الأيام نتوءاتٌ كقبور الموتى 
بلا شُعورٍ نمضي وببسمةٍ صفراء نستقبلُ الغد وفي حوزتنا تذكِرةٌ مدفوعة الثمن مُنذ أمدٍ بعيييد 
كبُعد المسافات بيننا، وكقُربِ القمرِ فوق رؤوسنا، وكحضورنا حين نختفي وتبقى ظلالُنا على حائطٍ واحد !
تنِزُّ اللوعةُ من صدورنا،زفراتٌ يمتلىء بها هذا المدى الشاسع، وتنحصِرُ في أرواحنا المُثقلةِ بالكآبة، 
نرتطِمُ بذاتِ الهواء الثخين، عبثاً نحاول التنفُّس، وغالباً نفتقِدُ الطريقة 
وبطريقةٍ عكسية، يتمخّضُ هذا الفراغُ الأزرق، عن أصابع تتنامى في ظِلّ غيابِ الريح 
وتعطُّل القطارات، ولزوجة المدى!
لا يُكلِّفُنا الأمرُ سِوى إغماضةٍ سرمدية، والولوجِ لعالم الموتى الأحياء ،
لنقفِز سويّاً في البُعدِ الخفيّ، بعد العدِّ العكسيّ، هي لحظةٌ كامِنة، في أرواحِنا الهرِمة 
لحظةُ اختفاءٍ كامِلة،

نعودُ بعدها مُبلَّلين بملح العيون، وغائمينَ كمدينةٍ مُقفِرة !

تطوينا هذه البسيطةُ تحت قبضتها حتى نخَالُ أننا بين فكيّ كمّاشة تحبِسُ حتّى ظلالنا عن الحِراك!

نتابِعُ يومياً الشمس في مشهدِ الأُفولِ ، بعيون واسعة وابتسامة زُجاجية ، نكتفي بالتلويح
ثم نُتبِعها زفراتنا المُتكدِّسة منذ أن تصافحت عيوننا، قبل مائة عامٍ ونيِّف !

نُعيدُها كل ليلةٍ ذات الطقوس الحافلة بتعداد سنوات الفوت، والمفقودات، دون كللٍ أو ملل 

حتى بات الأمرُ أشبهُ بافتتاح علبة تبغٍ جديدة بعد قراءة العبارة المكتوبة بخطٍ أحمر عريض (مضر بالصحة ويؤدي لـ.. )

لا بأس طالما الأمرُ مدعاةٌ للفظِ كمية الرماد المتراكم وحتى بلوغ البحر والاغتسال

أيُّها البحرُ الغائبُ عن عينيّ منذُ استقامة ظهر أبي، وابتسامته الخاليةِ مِن التجاعيد
كم أحِنُّ لكَ وأشجو 

كم يتسلّلُ لرئتي عبقُ ملحك المختلط بأديمِ الأرض

كل غروبٍ تستقِرُّ بيَ الروحُ حيث ضفّة الغياب
أرنو بوجهي الذي ينطِقُ بصُفرةٍ بائدة، لاتلبثُ أن تسحّ السماء دمعها سحائبُ مِن شفقٍ مضرَّجٍ بحُمرة 
والعُجبُ يتنامى في صدري، يا للحزن المفرط الذي يغلف كل ما هو نابضٌ في هذا الكون!

هاهي السماءُ تُشيِّعُ النّهارَبحُزنٍ مفرِط البهجة 
لتغُور وتتكوَّم في قلبِ العتمةِ

لتنام طويلاً علّها تحظى بحُلُمٍ أبيض !

تُجبِرُنا العتمةُ الفارِهةُ للإنعزال، والعزاءُ تلك الشمعة التي لم تزل تُكابِدُ الذوبان لأجلِنا
والعجيبُ؛ تكاثُفِ أصواتنا وتناغم ثرثرتنا،
كمعزوفةٍ قديمة استعمرت ذاكرة الطفولة 
لم ننضج بعدُ يابعضي ، ثمّة دورة زمنية قبعنا في قلبها وطوانا النسيان

لم تزل صورنا داخل ذاك الإطار الذي تقولَب بِنا
نعرِفهُ جيداً بذاتِ الحدس
ويألفُنا بذاتِ الآصرة !

نحن في الأصلِ هناك؛ في قلبِ الصورة

فقط ظِلالُنا هي مَن شاكستها الشمسُ حين وسْنةٍ
فكبُرنا ... وتعملقَ الوجعُ حتى ضاقت علينا الصورةُ والإطار !

ففاضت عُيونُنا لتُبلِّل هذا الجَدب العاصِفُ فِينا .

خالد صالح الحربي 03-31-2022 10:12 AM

:
هذه ليست كِتابة.. يا نازك
هذهِ " روحٌ تُنحت "! .. واسألي الشمعة.
🌹

جليله ماجد 03-31-2022 04:28 PM

الحياة صعبة يا نازك...
و تزداد صعوبة على أولئك المتظاهرين بالقوة..
و في داخلهم مضغة حساسة ضعيفة..
تلك المضعة التي تصفع مراراً تكراراً..
و كلما تنزفين ترددين..
أنا بخير!
نعم أنت بخير..
لأن الحياة تعرت أمامك يا فتاة..
أنت محظوظة..
رأيت قبحها و وجهها الحقيقي..
ذاك الذي لم يره إلا أصحاب المضغة المرتجفة...
رائعة كأنت يا نازك..
كتاباتك دائما تصيبني بدهشة جمال...
🌹

ضوء خافت 04-01-2022 09:58 AM

بين الغياب و المغيب ... نرفث بأمل ... و نفرّ بألم


نعيش كأننا ...

و في الحقيقة نحن نخبئ ( ما بنا ) ... خلف ما يُرى ... كي لا نُرى !

لو أن البصيرة هي الشاهد و المشاهِد الذي لن يشيح بناظري القلب دون أن يعيد ترتيب هذه الفوضى ...

لما كان لنا على مسرح الحزن دور بطولة ...

نازك ...

بلاغة البوح هنا استثنائية ...

منذ زمن طويل لم أقرأ و أشعر بالاستمتاع من قوة الصور البلاغية التي رسمتِها ...

لولا أنها نبعت من قوارير الوجع ... لقلت : هل من مزيد !

لكني - و حقاً - أسأل الله لك الراحة ...

و إن لم أضع لكِ إعجاباتي ( هناك ) فلأن إعجابي مفرط و متصل و متضخم بحيث أن البصمة لا تعني شيئاً

و الصمت غالباً ... يغلب

ثم أنكِ تعرفين أنكِ في مقام صديقة الروح و الريشة و الألوان ... و إن كنتُ في مدرسة فنّكِ تلميذة ...

كل الحب يا نازك ...

نازك 04-02-2022 07:27 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خالد صالح الحربي (المشاركة 1211209)
:
هذه ليست كِتابة.. يا نازك
هذهِ " روحٌ تُنحت "! .. واسألي الشمعة.
🌹

بلى؛ وهي كذلك وأكثر !
ثمّة نصوص تغترِف من عمق البوح السُلاف
وأجِدُني هنا انطلقت لولا النقطة استوقفتني لم اكتفيتُ
شكراً لكم عميق قراءاتكم يا طيِّب

نازك 04-02-2022 07:31 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جليله ماجد (المشاركة 1211237)
الحياة صعبة يا نازك...
و تزداد صعوبة على أولئك المتظاهرين بالقوة..
و في داخلهم مضغة حساسة ضعيفة..
تلك المضعة التي تصفع مراراً تكراراً..
و كلما تنزفين ترددين..
أنا بخير!
نعم أنت بخير..
لأن الحياة تعرت أمامك يا فتاة..
أنت محظوظة..
رأيت قبحها و وجهها الحقيقي..
ذاك الذي لم يره إلا أصحاب المضغة المرتجفة...
رائعة كأنت يا نازك..
كتاباتك دائما تصيبني بدهشة جمال...
🌹


الجليلة
دعيني قّبلاً أُحدِّثُكِ عن حنيني للكتابة ولكم
صِدقاً؛ أتى بيَ الحنين
ثم شكراً تتلوها تشكُّرات لجميل قراءاتك وتعقيبك الذي يصِلُني على هيئةِ
باقة من الورد العاطر
صديقتي؛ الجمال منبعهُ أنتِ
محبّات

ريم الخالدي 04-02-2022 11:07 AM

تطوينا هذه البسيطةُ تحت قبضتها حتى نخَالُ أننا بين فكيّ كمّاشة تحبِسُ حتّى ظلالنا عن الحِراك!


تلاحقت الصور في رأسي حتى انتهيت واقدامي تتلاشى عن الأرض
لهثت بين السطور ولم أستعد الارتواء بسهوله !
كأنني في وسط صحراء وقد جفّت منابع الماء من حولي ..


نازك أجبرتني على اعادة النص مرات

لقلبك الطمأنينة 🤍🤍

عبدالله مصالحة 04-03-2022 03:47 AM

انشغالات الذاكرة حين يفوح منها دخان الضيق ذات رَوع نفسٍ مضجرة استشرى فيها شموس الوقت الحارقة ، فباتت الأنفاس مكلومة الخروج صامتة النداء ، حتى الأحلام في فيء الظلال سُجنت لفوضى ذاكرة مكدسة بالعويل والرحيل ، إنها أجندة الصراع للبقاء ، للاعتكاف على ضمير يتلوّى ومالح غصة تشقّ من فجر البعيد حكايات ، كم موجع هذا النص بجميع صوره المتراكمة وبلاغته المائزة وهو يصرع الأرض بحبر الانتظار .

وشم تقدير وعرفان لهذه الملحمة يا فاضلة .


الساعة الآن 11:07 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.