منتديات أبعاد أدبية

منتديات أبعاد أدبية (http://www.ab33ad.com/vb/index.php)
-   أبعاد الشعر الفصيح (http://www.ab33ad.com/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   هي ذي الحقيقة (http://www.ab33ad.com/vb/showthread.php?t=40058)

طاهر عبد المجيد 11-12-2018 09:12 PM

هي ذي الحقيقة
 
هي ذي الحقيقة
د. طاهر عبد المجيد

قُلْ ما تشاءُ فإنَّني أَتَفَهَّمُ
مادامَ قلبُكَ وحدَهُ يَتَكلَّمُ

قُلْ إنَّني في الشِّعْرِ من فُرسانِهِ
لا بلْ وإنِّي فارسٌ لا يُهْزَمُ

قُلْ إنَّ كَلَّ قصائدي منثورةٌ
بسمائِهِ وكأنَّهُنَّ الأَنْجُمُ

قُلْ إنَّ شِعْري في الفصاحة مرجعٌ
ولكلِّ من سيجيءُ بعدي مُعْجَمُ

أما أنا فالشِعْرُ ليس بِحِرْفَةٍ
لي رَغَمَ أَنَّي بالقَرِيضِ مُتَيَّمُ

ما قُلْتُ كالشُّعَراءِ إنِّي شَاعِرٌ
يوماً ولا لَمَّحْتُ أنِّي مِنْهُمُ

وعلى المنابرِ ما قرأتُ قصيدةً
بلْ كنتُ أُصْغي للقصيدِ وأَحْلُمُ

أنا ما ولدتُ كشاعرٍ بل هاوياً
للشعر ينقصني الخيالُ المُلهِمُ

فكسِبتهُ بإرادةٍ مفتونةٍ
بالشِّعر لا تخبو ولا تستسلمُ

وبدأتُ -لا أدري متى متأخراً-
علِّي بشيءٍ ما كغيري أُسهِمُ

أدري بأنِّي قُلْتُ شِعْراً جيداً
لكنَّ هذا وَحْدهُ قدْ يُوهِمُ

لا يُسْتَدَلُ على الرَّبيعِ إذا بَدَا
أَحَدُ السُّنونو في المكانِ يُحَوِّمُ

والحق أنِّي ما كتبتُ قصائدي
بإرادتي والله منِّي أعلمُ

كلُّ الذي في الأَمرِ أنَّ مَشاعِري
فاضَتْ مُقَفَاةً فَرُحتُ أُلملمُ

فإذا أنا بقصيدةٍ فوهبتها
أسماً وعنواناً وما قد يَلْزَمُ

إنَّ القَصيدةَ حين تُكْمِلُ حَمْلَهَا
مَنْ ذا الذي بِمَخَاضِها يَتَحَكَّمُ

الشِعْرُ فَيْضُ مشاعِرٍ مَكْبُوتَةٍ
قدْ يُتَّقَى لكنهُ لا يُلْجَمُ

ومن الحَمَاقَةِ أن يُحاول واهماً
إيقافَهُ قلمٌ عنيدٌ أو فَمُ

ماذا لو انَّي قمتُ سداً دونهُ
وتَرَكْتُ ضَغطَ مشاعري يتضخَّمُ

هلْ كنتُ أنجو يا تُرى من فالجٍ
يُبقي على نصفي الذي هو أبكمُ

إنِّي لأَنْزِفُ كلَّ حينٍ من فمي
شِعْراً يُزيلُ الضَّغْطَ مما أَكْتِمُ

وكأنَّ هذا الشِعْرَ أصبح خافِضَاً
للضَّغْطِ عندَ لزومهِ يُستَخْدَمُ

ولقد وجدتُ النَّقد يسرف بعضهُ
ويجورُ في الأحكام حين يُقيِّمُ

يُدمي القصيدة غير مكترثٍ بما
نزفتهُ وهي بصمتها تتألَّمُ

النَقْدُ مصباحٌ يُبَدِّدُ عتمةً
في النَّصِ كي يهدي لما هو أقومُ

ويعيد ترتيب البيان بصورةٍ
أُخرى ليتَّضح الخفيُّ المبهمُ

لا مِشْرَطَاً يَلْهو كما يَحلو لهُ
بالنَّصِّ تَشريحاً كطفلٍ يرسمُ

ويكاد لا يعنيه ما سيصيبها
إن جار في التشريح أو نفد الدَّمُ

لو يَعْلمُ النُقَّادُ كم يَشْقَى الذي
يأتي بنصِّ قصيدةٍ لا تَهْرَمُ

لتَرَدَّدوا في الحُكْمِ حتى يَبلغوا
في العَدِّ أَلْفَاً والأَمَانَةُ تُلْزِمُ

شركاءُ هم في النَّصِّ بعد جلائه
نقداً كصاحبه وإن لم يعلموا

لنْ يُحْمَدَ النُقَّادُ مهما أَنْصَفوا
فالنَّقدُ كيف يكون شيءٌ مُؤلِمُ

فليقنعوا باللاثناء وحسبهم
ثقة الضَّمير بهم إذا ما حُكِّموا

فإذا اعتذرتُ وقُلْتُ إنِّي مُرْغَمٌ
فيما نَظَمْتُ ولا يُلامُ المُرْغَمُ

قالوا اعتذارُكَ يا فَصيحُ تَقِيَّةٌ
مَكْشُوفَةٌ وعلى الأقلِّ تَوَهُّمُ

إمَّا السُّكوتُ إذا أَرَدْتَ سَلامَةً
أو فاحتملْ في النَقدِ من لا يَرْحَمُ

من أَجْلِ هذا قُلْتُ ما قد قُلتهُ
وبقيتُ في حَرَم الهواية أنعمُ

وحفظتُ شِعري لي ولم أدفع به
للنَّشر أعواماً وها أنا أندمُ

ووددتُ لو أنِّي تركتُ قصائدي
في عهدة الأيام فهي ستحكمُ

ومن القصائد ما يجيد دفاعهُ
عن نفسه طول الزمان ويُفحِمُ

هل يا ترى فات الأوان ولم يعد
للشِعر أبناءٌ سوى من يُتِّموا

إذ أصبح العلماء هم شعراؤنا
وأنا بهذا القول لا أتهكَّمُ

هي ذي الحقيقة والحقائق مرَّةٌ
لا يستسيغُ مذاقهنَّ العلقمُ


سلطان الركيبات 11-12-2018 10:25 PM

هل تريد الحقيقة يا طاهر
أنت وأنا لا أجامل شاااااعر
كف عن التواضع يا رجل؟؟
وأنا اعلم ان هذا تواضع الكبار
لكن الاكثار منه يقلل الهيبة
تستحضرني قصة قرأتها ذات يوم
ذكرها أديب عباسي
تقول أن رجلا متواضعا جدا كان مدعوا ببيت احدهم
فجاء وكان اول الحاضرين
وجلس بصدر البيت كما يقال
وكلما جاء شخص قام من تواضعه
واجلسه مكانه
حتى اكتظ البيت بالجالسين
ولم يعد له مكان يجلس فيه بين الرجال
فجلس حاشاك بالخارج عند كنادرهم

اعلم انك كتبت الشعر متأخرا
ولكنك سبقت الكثير ممن يدعون الشعر
وان تحضر متأخرا خير من لا تحضر

صديقي
الشاعر بحق اكبر وأول ناقد لنصه
ولا يخشى النقد والنقاد
بل انه يسعى إليه
لا سيما إن كان النقد
فيه الإفادة والاستفادة
لا تثق برأي غيرك إن كان أقل منك مستوى

واشد على يدك وأؤيدك بقوة وشدة
لا يليق الشعر بالعلماء والأكاديميين
بل بالصعاليك من أمثالنا

أيها الشاعر الرائع
كف عن التواضع

خالد صالح الحربي 11-12-2018 10:31 PM

:
والحق أنِّي ما كتبتُ قصائدي
... بإرادتي والله منِّي أعلمُ
كلُّ الذي في الأَمرِ أنَّ مَشاعِري
... فاضَتْ مُقَفَاةً فَرُحتُ أُلملمُ
وصفٌ عجيب ولافِت 🌹


إيمان محمد ديب طهماز 11-12-2018 11:55 PM

أما أنا فالشِعْرُ ليس بِحِرْفَةٍ
لي رَغَمَ أَنَّي بالقَرِيضِ مُتَيَّمُ

ما قُلْتُ كالشُّعَراءِ إنِّي شَاعِرٌ
يوماً ولا لَمَّحْتُ أنِّي مِنْهُمُ

وعلى المنابرِ ما قرأتُ قصيدةً
بلْ كنتُ أُصْغي للقصيدِ وأَحْلُمُ

أنا ما ولدتُ كشاعرٍ بل هاوياً
للشعر ينقصني الخيالُ المُلهِمُ

يا أجمل الشعراء و أرقهم و أنقاهم
أتفهمك جداً بهذه الأبيات و هي تصف حالي تماما
و لكن الشعر هو مخلوق في دمنا و لم نصطنعه اصطناعاً
فنحن بهذا النسغ شعراء
و متى كان الشعر شهادة دراسية تُعطى لشاعر
هو موهبة ربّانية نفخها الله بروح الشاعر
و من عرف قيمتها أدّى الأمانة
و من جحد بها استخدمها بما لايليق بها حقيقة

الأبيات التي اقتبستها تشبه حالي بحقّ
ما أجملك من شاعر
و ما أجمل إسلوبك
بالنسبة لي فأنا جداً أحب روح شعرك و إسلوبك

سلّمك الله و بارك بك

بلقيس الرشيدي 11-13-2018 08:57 AM



...
...

عمِيقَة تأخُذُ حقِيقة الشعُور وتنسكبُ بهَذَا الإِنهمار العذب !
فاتنة هذِهِ اللَّوحة بِحق ومن أجمل ماقرأت هَذَا الصَباح .

دُمتَ ضَوءًا يَسرقُ أنظارنا

.

http://www.albrens.com/vb/uploaded/4563_1251393963.gif

أكرم التلاوي 11-15-2018 08:10 PM

دكتور طاهر

هنا نص بالغ العذوبة والجمال , وفيه وصف شافٍ وكافٍ لما يشعر بهِ الشاعر حين تنهش مخالب الناقد بنات أفكاره أمام عينيه , رغم أني أرى النقد كان بناءاً أم هداماً , بحدتهِ أوهدوءه , أتى من أكاديميّ أم من هاوٍ , فكلهُ ذو فائدة يجب أن نستشفها ولعل أقلها أن نستشرف الغث من السمين في النقد ذاته ونميزهُ ويكون ذلك أحياناً كثيرة على حساب نصوصنا التي ننظر لها كأطفال لنا , قصيدتك فاتنة وخلابة وفيها ومضات مميزة جداً من الإحساس الفريد .

أبدعت وأمتعت حقاً

طاهر عبد المجيد 11-15-2018 09:04 PM

الشاعر العزيز سلطان الركيبات:
أخي سلطان: رداً على قولك كف عن التواضع أستطيع أن أقول هي ذي الحقيقة. ليست المسألة بالنسبة لي رغبة في التواضع بقدر ما هي إحساس حقيقي بما عبرت عنه في القصيدة... ربما إحساسي هذا تكون في ظروف غير طبيعية جعلتني أبخس قدر نفسي حسب رأيك ولكني هكذا أرى نفسي من داخلها وأنت والأخت إيمان وغيركما من شعراء المنتدى ترونني من الخارج بصورة أُخرى لا شك أنها تسعدني وأحمد الله سبحانه وتعالى على توفيقه في رسم هذه الصورة بما نشرت من شعر حتى الآن.
أما بالنسبة إلى القصة التي رويتها فهي فعلاً قصة طريفة ولكنها إن دلت على شيء فإنها تدل على فساد المجتمع الذي لا يقدر علمائه ومفكريه وشعرائه تماماً كفساد مجتمعنا العربي المعاصر الذي يقدر الممثلين والمطربين والرياضيين أكثر مما يقدر العلماء والشعراء والمخترعين وهم بلا شك يستحقون أيضاً التقدير. ولكن يبدو أننا فقدنا ما يمكن أن أسميه فقه الأولويات وتقدير المقامات ووضع كل شيء في موضعه الصحيح.
أشكرك أخي سلطان على رأيك بالقصيدة وبي وهي شهادة أعتز بها وأقدرها. تحياتي.

طاهر عبد المجيد 11-15-2018 09:07 PM

أخي الشاعر والكاتب العزيز خالد الحربي:
أشكرك على مرورك بالقصيدة وعلى رأيك المقتضب والمعبر.
تحياتي ومودتي.


الساعة الآن 03:54 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.