منتديات أبعاد أدبية

منتديات أبعاد أدبية (http://www.ab33ad.com/vb/index.php)
-   أبعاد الشعر الفصيح (http://www.ab33ad.com/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   من يُطفئ الذكرى (http://www.ab33ad.com/vb/showthread.php?t=42215)

طاهر عبد المجيد 06-16-2020 01:55 AM

من يُطفئ الذكرى
 
في مثل هذا اليوم سنة 2014 فقدت أختي الكبرى بعد صراع مرير مع السرطان في ديار الغربة فدفنت هناك في دولة قطر دون وداع ربَّما لأنَّها خشيت أن أرافقها في رحلتها إلى بارئها. وهذا ما جعل ذكراها لا تفارقني كل هذه السنين منذ رحلت إلى أن أصبحت هذه الذكرى مصدر عذابي الدائم. وهذه القصيدة هي قصيدتي الثانية في رثائها.


من يُطفئ الذكرى
د. طاهر عبد المجيد



يا مُشعل الذكرى متى تُطفيها
لأنام مثل سواي لا تمويها؟

ما عدت أحتمل البكاء ولم تعدْ
عيني ترى في النَّوم ما يُغريها

جفَّت بحار الدَّمع في عيني وفي
قلبي من الأشواق ما يُجريها

لم يبق غيرُ دمي فهل أبكي دماً
كي أطفىءَ الذكرى وهل يرضيها؟

أَسمعتُها شكوايَ فابتسمت لها
وكأنَّ هذا الأمر لا يعنيها

ماذا تريد فقد أقضَّت مضجعي
واستنزفت روحي أما يكفيها؟

كم مرَّة سأقولها وأعيدها
لتحسَّ بي وبمحنتي وتعيها

لي غير روحي لو رغبت بوصفها
أختٌ تفوق الوصف والتَّشبيها

أختي التي رحلت قبيل أوانها
غدراً ولم ألحق لكي أفديها

شَقِيَتْ بغربتها وبالدَّاء الَّذي
لم يكترث أبداً بما يُشقيها

حيث التفتُّ رأيتها كأسيرةٍ
ترنو إليَّ بحسرةٍ تُخفيها

وكأنَّ في فمها بقيَّة قصَّةٍ
لم ينتظرها الموت كي ترويها

هل يا تُرى ضاقت بصحبة دائها
فاستسلمت للموت كي يشفيها؟

ما ودَّعتني حينما رحلت ولم
تخبر بما عزمت عليه بَنيها

إنِّي لأعرفها وأعرف أنَّها
تخشى الوداع ترفُّقاً بذويها

أنا لست أرثيها بهذا إنَّما
أرثي السَّعادة حينما أرثيها

ربَّاه خذني كي أكون رفيقها
إن لم تشأْ كَرَماً بأن تُحييها

آمنتُ بالسُّنن التي أرسَيتها
فينا وبالقَدَرِ المُسطَّر فيها

لكنَّك الله الَّذي في وسعه
ببساطةٍ لو شاء أن يُلغيها

أَوَليس للذكرى حياةٌ مثلنا؟
أَرسلْ ملاك الموت كي يُنهيها

أو أَنسِّني الذِّكرى بِذِكرك دائماً
أو فاشغل الذِّكرى بما يُلهيها

يا من وهبتَ ليَ الحياة هديَّةً
أيحقُّ لي إن شئت أن أُهديها

ما عادت الدُّنيا تثير شهيَّتي
في العيش تحصيلاً ولا ترفيها

ذهب الَّذين أحبُّهم قبلي وما
تركوا سوى الذكرى وما يُبقيها



نادية المرزوقي 06-16-2020 07:54 AM

رحم الله و رضي عن كل طيب مفقود ،


و هكذا الذكريات تمرنا رسائل ربانية للانشغال عن أكدارها :

بالصدقات و العبادات و خير الدعاء قربى من رب لطيف رحيم ،


لا غاية للحزن و الانكسار في أقدار الله سبحانه،
بل حياة الإنسان محض جميل عطاء و نبل ارتقاء،

و يتقرب من خالقه أكثر

و يمتحن في اختياراته

و ليعرف كم أن الله يحبه و يصطفيه؛فيغنم كل قدر لخير دنياه و آخرته.


:

دمت بخير و عافية أخانا المبدع.

نادرة عبدالحي 06-16-2020 09:02 PM



رحم الله الغالية وادخلها فسيح جنانه مع الصديقين والشهداء ،

ألم الفقد الذي لا مُسكن ولا مداوي لهُ ، هو الفقد الذي فتك بكل إنسان ،

وزاد من ألم الغربة وجعاً أخر، الهمك الصبر والسلوان شاعرنا الفاضل على فقد الغالية ،

وكان الله لكَ خير عون في مصابكَ فالاخ / الاخت ليس لهما عوض ،

نازك 06-17-2020 12:47 AM

؛
؛
صدقاً منذ فترة بعيدة أعاني من فقد شهيّة القرآءة الأدبية
وهذه القصيدة كانت كفيلة بإعادة إتِّزاني
لله قلوبنا التائقة أبداً للقاء،ثمة لحظات نتنمى لو تقف الحياة عندها عن الدوران
لحظات تُعادِلُ عمراً نتنازل لأجلها عن الدنيا بما فيها
وسبحان من وهبكم هذه الملكة التي أراها هاهنا بمثابة ترياق يُبلسِمُ نوعاً ما وجع الفقد الأثيم!
رحمها الله شقيقة روحك وجمعكم في دار البقاء


(ما عادت الدُّنيا تثير شهيَّتي
في العيش تحصيلاً ولا ترفيها)

شكراً لسبككم الجزل
وكل التقدير

سيرين 06-18-2020 09:10 PM

مرثية خطت بالوفاء وحديث الجوارح
الذي لامس الوجد حد البكاء واستدعاء ارواح غاليه غابت عنا
رحمة الله عليها ودام وصلك بها بصالح العمل والدعاء لها
سلمت يمناك ولروحك الطمأنينة والسلام

\..:34:

طاهر عبد المجيد 06-21-2020 12:10 AM

أشكرك أختي ناديا على هذه الكلمات اللطيفة والمواساة الرقيقة راجياً من الله سبحانه وتعالى أن لا يفجعك بعزيز. تحياتي.

طاهر عبد المجيد 06-21-2020 12:11 AM

أشكرك أختي نادرة على مرورك اللطيف بالقصيدة وهذه الكلمات الرقيقة التي تغالب الحزن لتخفف من وطأته، فلقد اجتمع فيه كما قلت ألم الفقد وألم الغربة. لك مني كل المحبة والتقدير. تحياتي.

طاهر عبد المجيد 06-21-2020 12:12 AM

لا شك أن معايشتنا لمن نحب زمناً طويلاً يجعلهم أجزاءً من ذواتنا وحينما نفقد أحدهم نشعر كأن الموت انتزع جزءاً منا وهذا ما شعرت به تماماً وما زاد من حزني أنني فقدتها وهي في ديار الغربة.
أشكرك أختي نازك على هذا التعليق الذي خفف من حزني لأن القصيدة أعادت إليك شهيتك للقراءة وتركت في نفسك أثراً طيباً. لا فجعك الله بعزيز. تحياتي.


الساعة الآن 12:17 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.