منتديات أبعاد أدبية

منتديات أبعاد أدبية (http://www.ab33ad.com/vb/index.php)
-   أبعاد النثر الأدبي (http://www.ab33ad.com/vb/forumdisplay.php?f=5)
-   -   حَدِيْثُ الكَهْلِ ! (http://www.ab33ad.com/vb/showthread.php?t=43954)

عبدالعزيز التويجري 10-17-2022 02:12 PM

حَدِيْثُ الكَهْلِ !
 


سحق قلبي تحت مناسم الفراق ، ومزِّق بمخالب النأي ، ومضغَ بأنياب الحنين ، وتاه في مواطن الوداع ، مُذْ خُفرْتِ عني ، فلنحرق قلب ملك النوى بالوصل ، ونقتل غراب البين باللقاء ، ونسكن أمواج الحنين بالعناق ، وننثر ورود الأنس والسرور بميلاد الهوى ، وموت النوى ، ونقيم المآدب -بدل المآتم- على سكناه الثرى !
أقبلي إلى الهائم بكِ مادةً ذراعيك ، وضعي يدكِ الرقيقة على قلبي ، لتخمُدَ براكينُ الحنينِ ، واسقني من ثغركِ العذبِ ماء الحياةِ ، لتدبَّ الحياة في جسدي !
ولنمضِ إلى النخلة المنتصبة وسط الفناء ، ونجلس تحتها لأحدِّثَكِ عما يعتلجُ بقلبي من عهد الفتوة ، ولأحدِّثَكِ ، كم وددتُ ، وسألتُ الله كثيرًا أن يُضلَّنا سقفٌ واحدٌ ، لأبثَّكِ وجد القلب ، وأشير إليه ، قائلًا : لم تبرحيه مُذْ عهد الصبا ، ولن تبرحيه حتى يواريني صفيح الملحد !
ولأحَدِّثَكِ ، أني لا أملكُ إلا قلمًا ، أفيضُ به ما يعتلجُ بقلبي من هوىً وحنينٍ إليكِ مُذْ فتوَّتي ، وعينان تذرفان دموع الوجد ، وقلبًا يتلظَّى بأتن الحنين يا مليكة القلب المبجلة المفداة !
ولأحدِّثَكِ ، أنَّكِ لا تستحقين قصيدةً ، أو خاطرة تكتبُ في وصف حسنكِ ورقتكِ ، والحنين المضني إليكِ ، بل تستحقين قلبًا يضنى من أجلكِ ، ودموعاً تذرفُ ، وجسدًا ينهك ، وليلًا يُسهر ، وجنبًا يجافي المضجع !
ولأحدِّثَكِ ، أني كنتُ أتصوركِ في الثوب الأزرق–الذي تأتين به إلي في حلمي- ، يزدانُ بكِ ازديان الواحة في عين الظمآن في مفازة ، تجولين في الفناء ، فتهبُّ نسمات المساء العليلة ، مداعبةً شعركِ الأسود ، فأودُّ لو كانتْ يدي هي التي تداعبه وتمسِّده !
ولأحدِّثَكِ ، أني أخطأتُ في الكثير من قرارات حياتي ، لكني لم أخطئْ حين اختاركِ قلبي أنسًا وسرورًا ، وبهجةً ، وأملًا أغذُّ السَّيْرَ إليه ، وبستانًا أتفيؤه من هجير الدنيا وسأمها ، وبدرًا أناجيه وأبثه !
ولأحدِّثَكِ ، أنكِ وإن تواريتِ عن عيني فلم تتواري عن قلبٍ كنتِ باعثة أُنسه وسروره ووائدة شجنه ، وأني أسمي الله عليكِ كثيرًا خشيةً عليكِ من التعثر أو من رهبة مفاجئة أو أن تدمي أحد أصابعكِ بالسكين .
ولأحدِّثَكِ ، أن صحبي يلحظون سُهُومي ، فيعلمون أن سُهُومي بكِ فيتغامزون بينهم ، ولم يعلموا أني في جنةٍ لا هجيرَ بها ، ولا سأم ، يكتنفها السرور والأنس من كل جانبٍ ، حتى أفيقَ من سُهَامي فأعودُ إلى هجير السأم والشجن !
ولأحدِّثَكِ ، أنكِ تأتين إلي في حلمي –كما عهدتكِ في عهد الصبا- بمحيَّاكِ الوضيء ، وشعركِ الأسود المنسدل ، وقوامكِ الأهيف ، لتسأليني عمن بقلبي من النساء ، وما علمتِ أنَّ سحر نساء الكون أُوْدِعَ فيكِ ، فنفثتِ علي نفثةً لا فكاكَ لي منها مدى العمر !
ولأحدِّثَكِ ، أنَّ قلبي مذْ أيفعتُ يحلِّقُ فوق السماء التي تظلكِ ، وإني لأخشى أن يحلقَ بي طائرُ النوى ، دون أن أراكِ ، وها هي الرحلةُ تُوشكُ على الانتهاء ، وأكاد أبلغ نهاية التطواف ، وأضع عصا التسيار ، ويكاد طائر النوى أن يفرد جناحيه ، لأعتلي ظهره ، ولم نلتقِ ، ولم أركِ مذْ أيفعنا ، بل قبل أن نيفع ، وما زال مارد الحنين يعيثُ بقلبي ويجوس في أوردتي وشراييني !
لا تعجبي من حديثِ الكَهْلِ عن فتوته وريعانه ! فهذا بعضُ حديثٍ من عهد الفتوَّةِ احْتَفَظْتُ به وآَنَ أَوَانُ إِفَاضَتِهِ !

رشا عرابي 10-18-2022 12:29 PM



لا رتمِ الرسائل الأدبية ترفلُ بكمٍّ من المناجاة
مَهيبة الأثر...حانيةَ الرجاء
مُشبعةً برصانة الأدب وسموّ اللغة

بورك بكَ وبهذا الإنثيال المَهيب

سيرين 10-20-2022 10:28 AM

حديث تتوالى شجونه ذكرى إثر ذكرى
ليصبح وقعها في النفس وشم لا يغادر الذاكر ة
هكذا دوما الرسائل الادبية وماتحمله من سيرة وصدق
دمت القا مبذعنا
مودتي والياسمين


،،

حمد الدوسري 10-24-2022 04:48 AM

والله ورب البيت شمس الأدب وكعبة المفردات يطوف عليها الجمال
مبدع والله لايشبهك أحد ياصديقي العزيز الجميل عبدالعزيز فخر للأدب 🌹

نادرة عبدالحي 10-26-2022 12:59 AM



يتفنن الكاتب الفاضل عبد العزيز التويجري بوصف الحالة هذا الاسلوب الفني ينقل لنا الحال باسلوب بلاغي مُتقن

مما يدل على دقة التصوير والإلتقاط اللحظة وترجمتها بإسلوب جميل لدى الكاتب ....

اقتباس:

سحق قلبي تحت مناسم الفراق ، ومزِّق بمخالب النأي ، ومضغَ بأنياب الحنين ، وتاه في مواطن الوداع ، مُذْ خُفرْتِ عني

رسالة أدبية مكتنزة المشاعر الصادقة ووصف الحبيبة يصفها بأسلوب غير مُباشر لانه يحدثها هي عن نفسها
اقتباس:

كما عهدتكِ في عهد الصبا- بمحيَّاكِ الوضيء ، وشعركِ الأسود المنسدل ، وقوامكِ الأهيف ،



الشاعر والكاتب عبد العزيز التويجري تمتلك أدبا إن وقعَ في الذات لا يخرجُ منها

سلم البنان شاعرنا الفاضل ...ودمت بحفظ الله ورعايته.

جليله ماجد 10-26-2022 09:05 PM

لا تعجبي يا سلم من رجل...
ضحك المشيب برأسه فبكى!
.
.
.
لا أدري لم رأيت سلمى في خاطرتك الرقيقة..
كلمات قوية جزلة و أسلوب أشبه بالنسيم اللطيف..
غزل عفيف رقيق راقٍ...
كم استمتعتُ و أنا أقرؤك..
كم شعرت بالحب و اتساع المدى..
أشكرك.. بالفعل أثني عليك 🌹

حبيب مظاهر المزيرع 10-27-2022 02:49 AM

السلام عليكم
نصٌّ شاهق العذوبة
لقد سرَّ عيناي مصافحته
دمتَ

فيصل خليل 11-10-2022 11:42 AM

عبق الماضي يظهر في روعة الكلمات

نثرية جميلة وتحفة كلمات غزلية

دمت بخير وعافية


الساعة الآن 11:43 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.