منتديات أبعاد أدبية

منتديات أبعاد أدبية (http://www.ab33ad.com/vb/index.php)
-   أبعاد المقال (http://www.ab33ad.com/vb/forumdisplay.php?f=6)
-   -   (مقامة الغلا ء والوباء ) ! (http://www.ab33ad.com/vb/showthread.php?t=11727)

ماجد الغامدي 06-22-2008 12:19 PM

(مقامة الغلا ء والوباء ) !
 



جاءني المفوّه الكنعاني يمشي على ثلاثة ، يلتقطُ أنفاسهُ ويواري لُهاثه ، فقال السلام عليكم دار قومٍ مؤمنين وإنّا منكم بعونِ اللهِ لفارّون فقلتُ لازال ينبضُ بِنا العِرق وإن آلمنا الحرق قال وأراكم لا تميزون مكرَ الغرب ولا هول الشرق ، قلتُ لا زلنا مستمسكين بالعروةِ الوثقى وإن رأينا الموتَ حقّا ، قال لذلك لا أرى منكم إلاّ الأجساد قلتُ نتقي شرَّ الحساد ونخشى الموساد وإلاّ فنحنُ الرجال الآساد ولو ترى كيف نقابل العناد بقدحِ الزناد، قال لا أظنكم واللهِ إلاّ في أعوام الرماد و إن زعمتم أنكم في إرَمَ ذاتِ العِماد ،تحسبون أنكم في قرارٍ مكين وإذا بكم تُذبحون بدونِ سكين تُلقون في غيابةِ الجُب وحيلتكم العويلُ والشجب ، قلتُ نحنُ في بلدِ السلام والرجال الأعلام بين كرم النخلةِ وهيبة الحسام ننبذ الفرقة والانقسام وندعو للتآلف والالتحام ديننا الإسلام وعلى سُنّةِ خير الأنام فقال وقد بدأتُ المؤمنين بالسلام تحيةً على الأجسام المحكومةِ بالإعدام بلا جنحةٍ ولا اتهام قلتُ ما عهدتُك يوماً شامتا قال ولم تألفني مثلك صامتا ، قلتُ صمتُنا تسبيح فَكُفَّ عن التجريح قال بل هو ترقّبُ الجريح وكَمَدُ الذبيح ، قلتُ أيها الكنعاني كفاك اللهُ ما نُعاني ألا يُقالُ أنَّ الحياةَ عقيدةٌ وجهاد وأسأمُ الجهاد ما كان تحت الاضطهاد قال لا يرتضي العباد مبدأ الاستعباد ، قلتُ وهل نصبحُ من العبيد إذا أكلنا القديد ، نأكلهُ من التقشف ولا نسأل الناس من التعفف ، قال وترضون الحشفَ وسوءَ الكيل وترضخون لأصحابِ الفيل ، قلتُ نخشى حجارةً من سجِّيل فلا يُقاومُ البلبلُ الأبابيل، وصفونا بالأغبياء وادّعوا أنهم أبناء الأنبياء ، قال ادعُ على الطائر المذعور بمخالب الصقور العور فينالهُ الويل والثبور ويهوي إلى عالم القبور قلتُ أخشى أن ينام الناطور فتدركنا انفلونزا الطيور ، قال لا يوئسك طول المسعى وجدب المرعى فإلى اللهِ الرجعى ، قلتُ نعوذُ باللهِ من سوء القضاء وجهدِ البلاء قال ونسألُهُ درءَ الشقاء ودفع الغلاء ، قلتُ أرى واللهِ عجبا فلم تلقَ من سفرِكَ هذا نَصَبا ، قال كفاني اللهُ وعثاءَ السفر رغم كثرة الحُفر ولكن العجبُ العجاب الذي يذهبُ بالألباب أنكم لم تسلموا من الوباء حتى أدرككم الغلاء ، وإن حسبتكم لن تذلّوا ولن تشقوا قلتُ لم يذروا وما أبقوا ، قال اسألوا الله َ رضاهُ والجنّة فلهُ وحدهُ الحمدُ والمِنّة ، قلتُ ونعوذُ بهِ من سخطِهِ والنار فإليه الفرار فلا نكادُ ننجو من قرار حتى يعقبهُ القرار ، قال سمعتَ إذن بالأخبار !؟ قلتُ لا مرئية ولا مسموعة فالكهرباء مقطوعة والبركةُ منـزوعة والمعونات ممنوعة ، قال ادفع أجرَ الأجير واتّبِع مبدأ التوفير ولا تتأخر بسداد الفواتير ، قلتُ لقد قطعها صاحب العقار و قصمني ذو الفقار فاستبدَّ وجار لأدفع بقية الإيجار ! قال وا رحمتا للأطفال فهم كضحايا الزلزال قلتُ ولكن لا تصلهم لا تبرعات ولا أموال ! قال احمد اللهَ على النعمة واسألهُ نصرَ الأُمّة ، قلتُ ابدأ بمن تعول فقد سئمَ العيال أكلَ الفول وكأنهُ من منتجات البترول وقضيتنا ضد مجهول ، قال وهل صارَ غاليا وطارَ سعرُهُ عاليا قلتُ والبطنُ كما تعلم أصبحَ خاليا ، فأنا رهين إفلاس وحبيس وسواس وأخشى شماتةَ الناس ،صارت أحلامي أطلالا وحاضري أغلالا ، يدي مغلولة وروحي معلولة ، رضيعي فطيم وكأنهُ يتيم فطعامنا مسموم وهواؤنا السموم ، وعادتي أن أسحّْ لا أن أشحّْ ، أبيتُ صِفرَ اليدين واقضي الدَّينَ بِالدَين ، مضّني الغلاءُ مضّا ومزَّقتني أنيابُ الدهرِ عضّا ، قال أنتم في بلدِ الخيرات ونبعكم أغدقُ من الفرات أُيعقلُ أن تُعطوا الهِبات وتعانوا النكبات ، أ تمنحوا المسرّات و تتجرّعوا الحسرات ، قلت نسأل الله الفرجَ بعد الشِدّة وأن لا تطول المُدّة فإن مع العُسرِ يُسرا وقد لزمنا الصبرَ قسرا ،فقال وأن ليس للإنسانِ إلاّ ما سعى فطوبى لمن سمعَ وأوعى وراقبَ اللهَ فيما استرعى قلتُ سَعَيْنا سعي الوحوش وترصَّدونا ترصدَ الجيوش فأخرجونا من صياصينا وأخذونا بنواصينا فأودقت المدامع وقلّت المطامع ،فلا الليلُ أقمر ولا الزرعُ أثمر ، فأنا كما ترى في غيظ وشِدّةٍ من قيظ ،قال سِرْ مع التيار وتجنّبْ الإعصار ، قلتُ إنها جريرة العولمةِ المشئومة فقد أصبحت مصائرُنا محتومة ، قال لقد وصلني من تُحفِ الأخبار الأمَرُّ من الصبّار و سمعت به سائرُ الأمصار في بلدِ المهاجرين والأنصار ، قلتُ لقد أضربتُ عن شراء الجرائد لِقلةِ العائد ،كان مصروف ابنتي ريالين وأصبح الآن خمسة وعقلني بعقالين فلا تسمعُ لي همسة ،سمعنا أن البترولَ صعدَ عشرين ضِعفا وأنزَلَنا في الفقرِ سبعين خسفا ، فقال فاسمع ما لم تقرأ لعلَّ جرحك يبرأ !!، أذاعت العربية مالا تصدقه العقول بين حومل والدخول رجلاً يسكنُ كهفاً وتعصفهُ الحياةُ عصفا ، في جبالِ تهامة وكأنها أرض القيامة و نسألُ اللهَ لنا ولك السلامة ، ولو كانت إحدى بناتِهِ مُدرّسه لَخرجت من الأراضي المقدسة ،فقد يحدوها الأمل لأن تجدَ العمل، ألم تسمع بالهجرةِ للخليج وكأنها أفواج الحجيج قلتُ لا تُكثر الضجيج بقولِك الخديج، قال لو أمكنهُ لهاجرَ إلى الأردن أو باكستان فقد تضمهُ بعض الجدران وتدركهُ ديمةُ الحنان ولكن شكواهُ للكريمِ المنّان ، قلتُ لقد ارتفعت كلفةُ البناء وزادت مصاريف الأبناء ،و أحجمَ النصحاء وسكَت الفصحاء حتى تجاوزَ الفأسُ اللحاء ،قال لا تُكثر العويل ولا تبالغ في التهويل فهذا مديرُ سابِك مصابُهُ من مُصابِك فاقنع بِنصابِك لِتستريحَ من أوصابِك ، قلتُ أنا أُصدِّقُ ما يُقال فدوام الأحوال من المُحال ، قال والبقاءُ لله ومصيرنا للزوال ، قلتُ قاتلَ اللهُ أَكَلةَ الأموال وموردِينا الأهوال ، فقال ربما لأن الدولار يكبّل الريال ، ألا ترى كيف استقلَّ الدينار عن خيبة الدولار و سُلطة الاستعمار ، قلتُ لا تُقحمني في السياسة فهي كسوقِ النخاسة تشتري اليومَ العبد وتبيعهُ إذا أوهنتَهُ في الغد ، قال أحسنتَ بوصفِك مقولا وأحرقت بنارِك حقولا فقد اشترت أفعى الكون العربَ في سكون ، وأغرتهم بحربِ السوفييت لحماية منابع الزيت ، وقالت إن رأيهم المقلوب يدّعي أن الدينَ أفيونُ الشعوب فثارتِ لإنكاره القلوب وتسابقت لمجابهة الخطوب، وقالت اليوم نبدأ الكر ولم يعلموا أنهُ المكر ولم يدركوا كُنهَ السر حتى وقعوا في الأسر، قلتُ وا حرَّ قلباه يا كنعاني اليوم يقولون أن الإسلامَ دينٌ شيطاني فوصفوهُ بالإرهاب و سَنُّوا من أجلهِ الحِراب وضربوا منّا الرِقاب وأكثروا في ديارِنا الخراب ، وحرضونا ضد إيران وأشعلوا في صدورنا النيران ونزعوا من قلوبنا الأمان وحرمونا لذة الاطمئنان ،وأشعلوا الفتنةَ الطائفية وأعادونا لدعوى الجاهلية ، فوصفوا إخوان الدين بالطغاةِ المستبدّين ،ليُعْموا الأبصار عن جريمة الحصار و يزرعوا اليأسَ في قلوب الناس وينزلوا البأسَ على أبطالِ حماس،و يواروا سوءة إسرائيل ويحققوا مبتغاها من الفراتِ إلى النيل ! قال وتقول أنك لاتعلمُ إلاّ القليل !!!!؟ كفى يا سحبانَ بن وائل فما المسئولُ بأعلمَ من السائل !!

ففارقني وقد زادني بقولِهِ همّا وألبسني بصدقِهِ غمّا و جرّعني بكأسِهِ سُمّا !.

قايـد الحربي 06-22-2008 06:14 PM

ماجد الغامدي
ـــــــــــ
* * *


بعد الترحيب و الكثير من الطيب :


مقامةٌ لمقامِ الجوع ، تكفكف الجوع بالدموع ، و بلغةٍ بالغة السموّ ،
تؤكّد أنّ للبيان علوّ ، و أنّ ما حدثتَنا فيه ، لا مفرّ منه إلاّ إليه ..
لأنّ الغلاء داء ، و كلّ داءٍ وباء ، أصبحتْ نهاياتٌ مقروءه من عقولٍ بالظلم
موبوءة ، و لأنّ الأمر سياسه ، كأنّنا بلا رئاسه ، فبين تاجرٍ طمّاع ، وطامعٍ
يتاجر ، أصبحنا كالدُمى ، و حرامٌ علينا [ لما ] .

:

ماجد الغامدي
شكراً بلا حدّ .

سلطان ربيع 06-22-2008 06:18 PM

القدير ماجد الغامدي
كتبت فأحسنت بفن المقامة الذي اندثر إلا عند من رحم ربي
فكانت حسنة وأنيقة التكوين , في الغلاء والوباء أبعده الله عن معشر المسلمين
جمعت بها الشوارد والنوادر وشيدتها فأحسنت البناء .

يعطيك العافية
واحتراماتي .

أصيله المعمري 06-23-2008 03:10 AM

ماجد الغامدي
في كل مكان
تزرع بساتين الدهشة
وتمضي
ملكاً
.
.
.
مقامة أختصرت أحداث وأحداث..

أتعلم
لم أقرأ مقامه من يوم غادرت صفوف الثانويه ومناهج اللغة العربيه
واليوم قرأت مقامه .. تختصر أحوال العرب هذه الأيام وهمومهم بأسلوبٍ يدعوك للتصفيق
وكثيراً..



شكراً ماجد
لأنك تكتب مجداً وذكريات ودنيا

حمد الرحيمي 06-23-2008 08:32 PM



ماجد الغامدي ...




أهلاً ببديع الزمان و مالئ المكان بروائع الجنان و أعاذب الألحان ...


كتبت فأجدت و قلت فأصبت و رمزت فوصلت حتى عَلَتْ لغة الحق ظاهرة و صرت أنت في قسم المقال بمقامتك ظاهرة ...



أشكرك كثيراً على كثير وعيك و أنيق حرفك ...



مودتي ...

م.عبدالله الملحم 06-25-2008 12:21 PM





حقاً أنت ماجد
و رب السموات و الأرض : رائع و جِداً

قرأتها كثيراً جِداً
ماجد .. أياك و الغياب ... تقديري

عبد الله العُتَيِّق 06-30-2008 11:46 AM

تحية ترتقي ، و سلامُ مُنْتَقِي ، على كاتب جميل ، و راقمٍ نبيل ، فاه بمقامة الغلاءِ لأهل الغَلا ، و أدبيةِ الوباءِ لذوي الإبا ، فأدركَ الحاجة بيقين ، و بلغ الغايةِ بِمُبِيْن ، فغدا القارؤون في مهمهِ الحِيْرة ، و أضحى الناظرونَ في مَهْيَعِ السِّيْرة ، فما انفكَّ عن مِدحةٍ و حمْدَةٍ ، و لا استعلى بِكِبْرٍ على نَجْدةٍ ، إبداعٌ متألِّقٌ ، و إمتاعٌ مُحَقِّق ، فإليكَ مروراً لاستشرافٍ ، و حضوراً لاستطواف ، و القُصُورُ حاضرٌ ، و العفوُ منكَ باهرٌ ، مرقومٌ ببنانِ مُحبِّ شَيِّق ، و مرسومُ عبدِ اللهِ العُتَيِّق ، و البسمة خاتمة ، و المودةُ دائمة ، و التحيةُ مُجلَّلَة ، و لروحك مُرْسَلة .
عبد الله


الساعة الآن 10:56 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.