منتديات أبعاد أدبية

منتديات أبعاد أدبية (http://www.ab33ad.com/vb/index.php)
-   أبعاد المقال (http://www.ab33ad.com/vb/forumdisplay.php?f=6)
-   -   السخرية ذروة الألم (http://www.ab33ad.com/vb/showthread.php?t=13178)

حسين الراوي 09-09-2008 09:34 AM

السخرية ذروة الألم
 
بسم الله الرحمن الرحيم


تعتبر الكتابة الساخرة الواعية من أجمل أنواع الكتابات وأصعبها بلا شك، فالسخرية الحقّة هي قمة الإحساس بأهمية الأمر، وهي الضحكة المُرّة بوجهٍ باسم، وهي الشعور الحزين بثوب متفائل، وهي المعبر الكبير نحو الأمل رغم زيف الضحكات. لن تكون الكتابة الساخرة كتابة جميلة إلا بتمييز الكاتب الفرق بين السخرية المسؤولة الواعية وبين السخرية لمجرّد السخرية ولمجرّد الاستنقاص من قدر الآخرين والتجريح بهم. الكتابة الساخرة تريد من الكاتب قبل ارتكابها أن يمسك في يده مشرطاً لا قلما، حتى يكون دقيقاً في سير سطوره، وحتى يتسنى له أن ينتقل من فقرة لفقرة بخفة وسهولة، وحتى يتوّجس بمشرطه أين يكون مصدر الألم. يظن بعض الكُتاب للأسف أن الكتابة الساخرة هي مجرّد التهريج بتوافه الأمور، والتجريح بكرامة الآخرين، وتعاطي كلمات ومصطلحات سوقية عدة عبر كتاباتهم! لا، إن الكتابة الساخرة لا يُجيد قيادتها كل كاتب أراد أن يمتطي صهوتها إلا من كان فعلاً ذو روح ساخرة حيث أن فاقد الشيء لا يعطيه، وهي أرفع قدراً من التجريح والتهريج، لأن السخرية الواعية المسؤولة هي أداة من أدوات التوجيه والنقد، ولا شك أنها تضع الإصبع فوق الجرح، وتبين مكمن الضعف والخلل، ولكن بشكل وأسلوب غير مباشر. يقول الكاتب التركي الساخر عزيز نيسين: «من يكتب السخرية بكل وعي سيتقبل الجميع سياط قلمه باحترام». ويقول الكاتب الساخر محمد الماغوط: «كل من يُجيد الكتابة الساخرة يُجيد زعزعة الظلام». ويقول مارك توين: «السخرية هي أن أصفعك صفعة بلا أثر، تعرف خطأك بعدها وتنتبه له». ويقول الكاتب الأردني يوسف غيشان: «السخرية سيف يعيد الأشياء إلى أحجامها الطبيعية ويفقع بالونات الدعاية الفجة ويطهّر الأمكنة من فسادها». يقول زكريا تامر عن تجربة الأديب الساخر: «إنه ينجح في الجمع على أرضٍ واحدة بين الليل والنهار، بين الأمل واليأس، بين مرارة الهزائم وغضب العاجز».
ساهمت الأنظمة العربية القمعية بأجهزتها ومخبريها وسياطها وسجونها وأصفادها وتخلفها في ظهور فن الكتابة الساخرة وانتشارها في الوطن العربي، ولا مبالغة لو قلت أن كاتبا عربيا واحداً يكتب السخرية الحقيقية يعدل كل كُتاب أوروبا الساخرين، لأن الكاتب العربي يذوق مُرّ الخيبات والخذلان والانكسار والضعف كإنسان عربي ليل نهار من المحيط إلى الخليج، ولأن سياسة القهر وتكميم الأفواه والطبقية والمحسوبية وضياع الحقوق كلها صقلت الكاتب العربي، وبالذات ذلك الكاتب الذي راح يغمس رأس قلمه في قلب وجعه ليكتب سخريته بألوان حزنه وألمه وضيقه وشتاته، وصدق الماغوط حينما سُئل ذات مرة عن ماهية السخرية ؟ فأجاب: «إن السخرية هي ذروة الألم».
* * *
أشكر كل القراء الذين سألوا عني في فترة انقطاعي الأخيرة في الشهر المنصرم.


نُشر في موقع روح:
http://roo7.net/?news=108
وفي جريدة الراي الكويتية:
http://www.alraialaam.com/Alrai/Article.aspx?id=77687






د. منال عبدالرحمن 09-09-2008 12:01 PM

الكتابةُ السّاخرةُ فنٌّ يجيدهُ القلّةُ فعلاً , أولئكَ الّذينَ أدركوا الشّعرةَ الفاصلةَ بينَ الكتابةِ السّاخرةِ النّاقدةِ الواعية و التهريجِ و الحشوِ المُبالغِ فيه .

رحمَ اللهُ الماغوط ,


أهلاً بعودتكَ أستاذ حسين و شُكراً لك .

تقديري !

أسمى 09-10-2008 05:10 AM

أجل..
للتعبير عن امتعاضنا لون لا يتقنهـ إلا نحن.
وقد يكون بالسخرية ..أحيانا
فنٌ رائع كما أسلفت..يصل بـ طُرق تستحق الانتباهـ
ينظر القارئ إلى وجههـ في المرآة..ويدقق في ملامحهـ..هل أنا المقصود.؟
..ربما
إذن..هُناك خلل..)
ويحاولـ الاصلاح.
في أقصى حالات التفاؤلـ طبعاً.

"





رائعٌ ما قرأتهـُ لك..
وَ ..رمضانك مُبارك
.

حمد الرحيمي 09-11-2008 05:19 AM



حسين الراوي ...



أهلاً بك أخي الكريم ....


حينما أتذكر الأدب الساخر و رواده في عالمنا العربي فأنا لا أنسى إمام العربية [ مصطفى صادق الرافعي ] حين سخر من [ عباس العقاد ] في نقده اللاذع له ...

و لا أنسى شيخ المحققين و إمامهم [ أبو فهر ] و سخريته في دفاعه عن العربية و تراثنا الإسلامي العربي ...


و لا أنسى الرسام الأشهر [ ناجي العلي ] و شخصيته الشهيرة [ حنظلة ] و سخريته اللاذعة و شاعرنا الساخر الجميل [ أحمد مطر ] و شاعرنا المملوء سخرية و تهكماً [ مظفر النواب ] ...


و حين يدور الحديث عن السخرية في صحفنا المحلية / العربية مثلاً فأنا لا أنسى أبداً الساخر السوداني الأروع [ جعفر عباس ] ...


لكني أتساءل الآن لماذا خبت نيران السخرية بعد أن كانت نيراناً مسلطة على الجميع ؟

فلم يعد لها ذاك الوهج ...


حسين الراوي ...


شكراً لسمو حضورك و رفعة أدبك ...




مودتي ...

أصيله المعمري 09-12-2008 10:39 PM

ولذا فأن السخريه يستطيع كتابتها المواطن الصحفي ..
هذا النوع لا يحتاج إلا لـ ألم
والألم متوفر بصوره كبيرة بين مواطني وطننا العربي الشريف




حسين الراوي
فكرك : جنه

تقديري

موزه عوض 09-13-2008 03:52 PM







المشكلة أن الكتابة الساخرة فن آخر من اسلوب المراوغة والإبتسامة من الألم
حين لا تتنصل الحقيقة بداخل الحرف
بل تبقى مغروسة كعود ثقاب يحترق

:


القدير

حسين الراوي

جميلٌ ما كتبت
ومنكَ نتعلم ..الكث من التفكير

إحترامي استاذ


http://www.7c7.com/vb/uploaded/33516_01211306941.gif



الساعة الآن 04:37 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.