منتديات أبعاد أدبية

منتديات أبعاد أدبية (http://www.ab33ad.com/vb/index.php)
-   أبعاد المقال (http://www.ab33ad.com/vb/forumdisplay.php?f=6)
-   -   الكون التضخمي المتجدد ذاتياً. (http://www.ab33ad.com/vb/showthread.php?t=16627)

يحيى أحمد 03-10-2009 03:35 PM

الكون التضخمي المتجدد ذاتياً.
 

مرت عدة عقود على ظهور نظرية التضخم، لكن يبدو أن العلماء الأن لا ترضيهم تلك الدقة في القوانين الفيزيائية التي تفترض نظرية التضخم ظهورها خلال الكسور من الثانية الأولى من الإنفجار العظيم، فإختلاف طفيف في أي رقم كان ليلغي إحتمال ظهور كائنات حية بالأساس، ليصبح بهذا سبب التنظيم الدقيق الذي يحكم كوننا هو أحد أغمض الأسئلة بعلم الكونيات حالياً.

الحكاية طويلة لكنها تبدأ من الإنفجار العظيم، حيث لم يكن لا زمان و لا مكان حدث إنفجار قوي للزمان و المكان و المادة و الطاقة، و خلال ثواني قليلة تضخم هذا الكون الوليد ملايين أضعاف حجمه ببداية الإنفجار، و تكمل نظرية التضخم النموذج بسلاسة فتقول أن الكون إستمر بالتمدد خلال بلايين الأعوام و ما زال يتمدد حتى الأن، لكن مع حدوث دراسات متعمقة أكثر لنتائج النظرية وُجد أنها تخالف بعضاً من الأرصاد الفلكية كمتوسط كثافة المادة في الكون مما دفع العلماء لمحاولات تحسينية للنظرية في سبيل موافقة الأرصاد الفلكية و تقديم تفسير للنظام الدقيق بكوننا فأستخدم الفيزيائيون ما يدعى الحقول المدرجة scalar fields، و هي حقول تملأ الكون كله و تؤثر في الجسيمات الأولية فتكسبها ثقلاً.

تلك الحقول المدرجة هي أحد العوامل التي تسبب تمدد الكون كما أنها أهم عوامل حدوث التضخم السريع جداً للكون في بداية عمره، لتبسيط مفهوم الحقول المدرجة تخيل قطعة مطاط لزجة مُط جزء منها بشكل جبلي، فـ بطبيعته يعود هذا الجزء للمستوى الطاقة الأقل فخلال إنخفاضه يدفع بقية القطعة للتمدد و يكون الإنخفاض في البداية أسرع بكثير مما بالنهاية، و كذلك هي الحقول المدرجة فـ الإنفجار العظيم صاحبه حقل عالي الطاقة جداً بحيث أنه خلال إنخفاضه ضخم حجم الكون بمقدار يبلغ 1 و على يمينه تريليون صفر، أي 10 أس 10 أس 12، أو 10 أس تريليون سنتيمتر، و هذا فقط خلال 10 أس - 35 ثانية من بدء الكون، و يبدو هذا الحجم ضخم بشكل يفوق التخيل علماً أن مساحة الجزء الذي نستطيع رؤيته من الكون بالغ 14 بليون سنة ضوئية أو 10 أس 28 سنتيمتر فقط، هنا يجب ذكر أن الحقل المدرج لا يضخم و يمدد الكون فقط بل أن خلال إنخفاضه يفقد طاقته على صورة جسميات أولية.

بشكل أبسط لا نضطر بهذة النظرية إفتراض تمدد الكون بشكل متساوي فـ التضخم الحادث ببداية الكون راجع فقط لقيمة الحقل المدرج بكل منطقة، فـ يتضخم الكون في المناطق ذات حقل عالي فيما يسمى التضخم الفوضوي، تلك الفكرة في الحقيقة أبسط بكثير من التضخم المنتظم للكون المفترض سابقاً حيث لا يفترض وجود قيمة متساوية للحقل المدرج بالكون كله، و في مثل هذا النموذج يزيد تعقيد الفضاء فـ يكون مملوءاً بتغيرات كمومية صغيرة يمكن إعتبارها تموجات في الحقول الفيزيائية فـ بسبب الكون المتضخم تُمط تلك التموجات إلى أن تصبح بكبر كاف للتأثر بتباطيء إنخفاض الحقل المدرج في إقترابه من الطاقة الأدنى فتتوقف عن الحركة، ثم بتمدد الكون تُمط تموجات جديدة و تتراكم على السابقة مما يزيد بالنهاية قيمة الحقل المدرج بمناطق عن مناطق أخرى مما يساعد على تجمع المجرات.

لكن أهم ما يميز تلك التموجات المتراكمة أنها بأحيان نادرة جداً تزيد الحقل المدرج بدرجة كافية لأن يبدأ تضخم جديد، فـ يكون الكون العام بهذا الشكل عبارة عن فقاعات تصدر منها فقاعات أخرى حين أن يصل الحقل المدرج للطاقة الكافية لإحداث تضخم و هكذا إلى ما لا نهاية، و بالرغم من أن بعض الفقاعات -الأكوان المحلية- قد تنتهي إلا أن الكون العام ككل لا ينتهي أبداً فـ أفرع الفقاعات تزداد بشكل مضطرد مع الزمن، و تلك الفقاعات ليست كلها متشابهة في القوانين الفيزيائية فـ بوجود أنواع أخرى عديدة من الحقول المدرجة قد تخرج فقاعات لها قوانين فيزيائية مختلفة بل أن التغيرات الكمومية ببعض الحالات قد تكون قوية لدرجة تغيير عدد الأبعاد ذاتها.

في ظل هذا النموذج العشوائي لتضخم الكون نجد أن الإنفجارات العظمى أصبحت جزء من التضخم المتكرر، كما أن كوننا المحلي المرئي لنا لا يميزه شيء بل هو نتاج طبيعي للإحتمالات المتناهية العدد لترتيب المادة و القوانين الفيزيائية، لكن تلك النقطة الأخيرة لضخامتها نمنحها حديثاً خاصاً عما قريب.
  • هذا المقال إختبار لمدى الإهتمام الوجودي هنا لتحديد نوعية نشاطي.

أسمى 03-11-2009 05:48 PM

الحديث هُنا كَ نافذةٍ صغيرة على عالمٍ من سِحر..
عن نفسي ..أفرُك عينيّ بدهشة كُلما قرأتُ حديثا من هذا النوع،
قَد تكون بعض الوقفات الـ غير أكيدة زواياً جانبية لِ حقائق أكثر اقناعا،صِحةً ودقة
كثيرة هي الحقائق في حياتنا التي لا تحمل جزما تاما بصحتها خاصةً فيما يتم ربطهـ
بالدين أو أن إثباتهـ نفيٌ فيهـ.
:
يحيى..
رائعٌ ماجئتَ بهـ.


يحيى أحمد 03-15-2009 07:17 PM


قيد من ورد،..
فعلاً مذهلة هي تلك الثقوب، و رغم صغرها نرى منها ما يطيح بكثير من معتقداتنا الأساسية متروكين في دهشة.
لكن تلك التي لا تحوي تأكيد تام، أقيسها بإطار ديني لأحصل على فكرة مبدأئية بمدى إحتمال صحتها، نعمتِ قيد.


حمد الرحيمي 03-15-2009 09:18 PM



يحيى أحمد ...




أهلاً بك ...





يبدو أن اختبارك هذا نجح في التقاط مُراداته ...




صدقاً لا أفهم البعد - الفيزيائي - و لا أوغل فيه ...



أما أمر التضخم الكوني و مافهمته من مقالك الكريم أنه - كالبالون - نفخ قبل بلايين السنين و تمدد و كبر و بدأ يقل فيه تدريجياً كم الهواء الداخل فيه ...


ألم يقولوا بأن الكون يتجه نحو انفجار عظيم ؟ كيف ومتى في ظل تقلص - البالون - إذن ؟؟









يحيى أحمد ..


سعدت بالقراءة لك ..

يحيى أحمد 03-16-2009 03:24 PM


حمد الرحيمي،..
بالرغم من محاولتي الإبتعاد عن الجانب الفيزيائي و التركيز على الجانب الوجودي الفلسفي إلا إن الفلسفة منذ بدايات القرن الماضي تشابكت جداً مع الفيزياء الكونية، لذا أرحب جداً بأسئلتك فـ هي تتناول ما ينقص مقالي.

نظرية التضخم ذاتها السابقة لنظرية الكون التضخمي المتجدد ذاتياً تفترض وجود بالون واحد، بالون رباعي الأبعاد لا ثلاثي تضخم إلى حجم هائل ثم بسبب الجاذبية بين المادة المتواجدة بداخل هذا البالون أو الفقاعة، تفترض نظرية التضخم أن تلك الفقاعة ستنكمش مرة أخرى واضعة الكون في جسم لا يتخطي حجم رأس إبرة تسوده قوانين فيزيائية تشابه حالة الإنفجار العظيم، لكن الأرصاد الفلكية لم تجد من المادة المطلوبة لحدوث هذا الإنكماش إلا 10% فقط، أي أننا نحتاج 9 مرات مادة بكمية المرصودة حالياً بالكون لحدوث هذا الإنكماش، و هو ما أدى بالفلكيين لإفتراض وجود "مادة مظلمة" لا تصدر منها أي إشعاعات و بالتالي يستحيل رصدها و هي ما تشكل 90% من كتلة الكون، إفتراض وجود مادة لا تصدر إشاعات هو إفتراض وجود مادة أساسها الفيزيائي مختلف عن مادتنا الطبيعية لأنه لا يوجد مادة لا تصدر إشعاع.
و نظراً لذهاب الإفتراضات أبعد مما يسمح به العلم، و لكي لا يقع العلم بفخ آخر كـ فكرة الأثير، ظهرت نظرية الكون التضخمي المتجدد ذاتياً، و بها الكون لا يشبه الفقاعة بل هو أشبه بسطح منبسط، و نتيجة لما ذكرته بالمقال من تراكم لطاقة الحقول المدرجة و حدوث إنفجار عظيم آخر كلما وصلت تلك الطاقة لحد معين فـ شكل الكون يشابه كثيراً تلك الصورة،..
أسطح تنفرج من أسطح أخرى كشجرة، و طاقة الحقول المدرجة المفقودة حين حدوث إنفجار عظيم جديد تخلق مزيداً من المادة، إختلاف الألوان بالصورة يشير لأكوان مختلفة في القوانين الفيزيائية، نحن قد نكون بأي كون منها، و قد نكون بالكون الأساسي بالأسفل، لاحظ أن بالصورة تم إستخدام كلمة "فقاعات" و هذا بسبب تعقيد الهندسة الرباعية الأبعاد، فـ الأكوان كالفقاعات لكنها مسطحة أيضاً، ليست مغلقة.
بإختصار نموذج تقلص الكون لا ينال قبول علمي واسع حالياً و إن كان سيجرى إختبار وجود المادة المظلمة بنهاية هذا العام في جهاز قاذف الهادرون الضخم بأوروبا.

أعتذر للإطالة لكن أتمنى أن بعضها إحتوى إجابة لك، إحترامي.



الساعة الآن 11:45 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.