منتديات أبعاد أدبية

منتديات أبعاد أدبية (http://www.ab33ad.com/vb/index.php)
-   أبعاد الهدوء (http://www.ab33ad.com/vb/forumdisplay.php?f=4)
-   -   وقف المتيم في رسوم ديار (http://www.ab33ad.com/vb/showthread.php?t=19302)

علي الذايدي 08-09-2009 11:22 PM

وقف المتيم في رسوم ديار
 
الحب والذل تؤمان لا يفترقان ( أنا )
لو أردنا أن نجد لكلمة الحب شبيها في اللغة العربية لوجدنا الكثير من المترادفات مثل الود ,الميل , الوله, والهيام والغرام وغيرها ولكن المتابع لأحوال العشاق على مر التاريخ يجد إن الكلمة الرديف والتي تحمل نفس المعنى للحب هي الذل.
نعم الذل هو الاسم الآخر لهذه العاطفة التي ابتلانا الله بها , فهي تأتي على الإنسان بغير تخطيط منه , فيدخل فيه طائعا ويخرج منه كارها.
أنصحك أن تفكر مرتين بل ثلاث قبل الدخول بهذه التجربة,واقرأ أحوال العشاق وما مر بهم من الذل والهوان في سبيل وصل المحبوب أو أن يكون الحبيب نفسه هو سبب البلاء .
هل تريد أن تحب وتعشق ؟
أحقا ترغب في ذلك؟
خذ على سبيل المثال هذا المسكين صاحب الأبيات التالية كيف يدعي الغباء لكي يطلب من حبيبته أن تعيد حديثها على مسامعه بحجة أنه بطئ الفهم .
فقلت لها ردّي الحديث الذي انقضى
وذكراك من ذاك الحديث أريد
يجدّد تذكار الحديث مودّتي
فذكرك عنّي والحديث جديد
أناشدها إلا أعادت حديثها
كأنّي بطيء الفهم حين تعيد

مسكين, أليس كذلك؟ ,,,,,,وانظر للحالة الأخرى التي سأوردها لك عزيزي القارئ , فهذا الأحوص الشاعر كان يجلس في نادي القوم ينتظر مرور معشوقته في طريقها إلى السوق ولم يكن بينهما من كلام ولا سلام إلا أنهم كانوا يكتفون بالنظرات العابرة خشية أن يلاحظهم الواشون والحساد, ومرت به يوما فنزلت دموعها حزنا على عدم قدرتها على الكلام معه وبث شجونها إليه,فقال هذه الأبيات بعد أن هزه من الأعماق منظر دموع محبوبته , ويعترف فيها أن حياة العاشقين لا تساوي درهما واحدا.
وقفت لها كيما تمـر لـعـلـنـي --- أخالسها التسليم إن لـم تـسـلـم
ولما رأتني والـوشـاة تـحـدرت --- مدامعها خوفـا ولـم تـتـكـلـم
مساكين أهل العشق ما كنت أشتري --- حياة جميع العاشـقـين بـدرهـم

وهو محق , فمن يريد حياة كلها ترقب وشوق ولوعة وسهر بالليل وهم بالنهار وإقلاع عن الطعام والشراب,أتشتري هذه الحياة البائسة بدرهم؟
وإذا انتهى العاشق على هذا الحال فقط فهو محظوظ, انظر كيف انتهى قيس بن الملوح الذي ملأ الدنيا حزنا على ليلاه , ولكنه صرخاته لم تجد صدى , وهام على وجهه في البرية حتى ألفته وحوش الصحراء وظباء السهول وأصبحت تشاركه الطعام والشراب.
هل لا زلت ترغب في الدخول في قصة حب؟اذن إقرأ هذه القصة لآخر العشاق الذين ابتلوا بهذا البلاء ولعلك ترجع إلى الحق.
يقول الأصمعي:
بينما كنت أسير في البادية، إذ مررت بحجرٍ مكتوبٍ عليه هذا البيت:

أيــا مـعشر الـعشاق بالله خبروا
إذا حلّ عشقٌ بالفتى كيف يصنعُ
ف
كتبت تحته البيت التالي:
يــداري هــواه ثــم يـكـتم سره
ويخشع في كل الأمور ويخضعُ

يقول ثم عدت في اليوم التالي فوجدت مكتوباً تحته هذا البيت:
وكيف يداري والهوى قاتل الفتى
وفـــي كـــلّ يــومٍ قـلـبه يتقطع

فكتبت تحته البيت التالي:

إذا لـم يـجد صـبراً لـكتمان سره
فليس له شيءٌ سوى الموت ينفعُ

يقول الأصمعي:
فعدت في اليوم الثالث، فوجدت شاباً ملقىً بجانب ذلك الحجر ميتاً , ومكتوب تحته هذان البيتان
سـمـعـنا أطـعـنا ثــم مـتـنا فبلغوا
سلامي إلى من كان بالوصل يمنعُ
هـنـيـئاً لأربـــاب الـنـعيم نعيمهم
ولـلـعاشق الـمـسكين مــا يتجرع


ما رأيك قارئي العزيز ؟
هل لا زلت ترغب في فتح هذا الباب؟
أنت وشأنك ولكن اعلم إن العاقل من اتعظ بغيره والشقي من اتعظ بنفسه .


الساعة الآن 12:41 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.