منتديات أبعاد أدبية

منتديات أبعاد أدبية (http://www.ab33ad.com/vb/index.php)
-   أبعاد النثر الأدبي (http://www.ab33ad.com/vb/forumdisplay.php?f=5)
-   -   الموتُ لا يُجيد المزاح ! (http://www.ab33ad.com/vb/showthread.php?t=26085)

سميراميس 12-22-2010 11:10 AM

الموتُ لا يُجيد المزاح !
 

و غادرتِ إذًا ، ليتك تركتِ عنوانك لنا على غيمةٍ ما ، ربما قد نلتقي في أحد الحيوات القادمة ...
لمْ تُباليْ بأي دهشة سكنت الحدقات ، و لم يشفع لكِ نحيب " بدور" ، و لا شهقات " بدر " و لا استنكار البقيّة !
كأنني أخالك و ثمة ملائكة تحّف سريرك الأبيض ، و بهّمة المأمور راحت تعدو لتغرس بجسدك ثلاثة شتلات موعد قطافها موسم ربيع الجنّة السرمدي ، و سكبت في وجهك دلو نور لا ينضب ، لذا سموتِ عن الدنيا الدنيئة ، و فقدتِ وعيك بكل ما يحيط بها ، حتى أجزاءك المتناثرة بكاء و حزنًا في الوطن و خارجه ، استغنيتِ عنها لأنك أبصرت حياة أسمى، من شأنها أن لم تقايضي هذا الرحيل بأمر آخر ، أو تقدمّي له بوهنٍ أو استمراض،
ليتك مهدّتِ خبر رحيلك عنّا ، ليتك جرعتِنا ذلك قطرة قطرة ، سًمّا سُمّا ..
لكُنّا قد آخذنا على هذا الفراغ الذي بُتنا نسبح به لدرجة الغوص و الإختناق !
ياه هل جرّب أحدكم أن يختنق بفراغ أعقبه رحيل شخص ما !
من مسببّات الموت ذاك الفراغ و لا طب له ، وحدها أمنية و لا أضمنها و هي أنه شهيد بالحسرة و الوجع ..
أملاكِ إيمانك بالله أنْ ترددين قول فيرجينا وولف :
سأقذف نفسي أمامك أيها الموت .. و لن أستسلم !
طوبى لكِ ، فأنت بإيمانك تحديتِ الموت ، لذا خجل منك الموت و أخذك بهدوء ، أمسيتِ وسطنا و في حنجرتك فرح و رحيق , و أصبحتِ و لكن في جوفك لعنة مرض لا تعرف المزاح و لا الاستئجار ، طمعت تلك اللعنة في التملّك التام و طردك من أبنية هذا الجسد المهندس بالتقى و السكينة ..
خمسة أيام فقط هي فترة مناوشتك مع المرض و قد استأثر بروحك منذ مساء الأحد حتى سموتِ للإله بإطمئنان ، و حدث أن لممتِ كل متعلقاتك في الحياة و أغلقتِ الباب خلفك صباح الجمعة ، و لم يتبق خلفك إلا صمت قاتل ، لا يجيب ، و ثمة أجزاء تنتحب عليك بعثرتِها هنا و هناك ..
حتى أجزاءك المتناثرة في أوربا ، خلقت السماء عوائق ثلجية كبيرة لتحول دون وصولها ومشاركتها تأبينك ، أي تواطئ هو ذاك ؟
تلك البقاع البيضاء أيضًا بكت و انتحبت و أصرّت على تأبين آخر لك في بقاع بعيدة جدًا عن هذا البرد و الخواء و الصمت القاتل ..
دومًا في أحلامي أتعلق بفرع شجرة, وأدرك تماماً أن الموت حتما ينتظرني, الخوف من الموت بدون معرفة الحب, كان أقوى من الخوف من الموت نفسه. أعرف الآن أني لم أكن لوحدي في رعب هذا الظلام *
هل وقعتِ في الحفرةِ العميقة التي ينصبها الحيوان المفترس بالغابة ، ليفتك بالضحايا من البشر و الحيوانات ليحفل بوجبة عشاء دسمة !
هل قرضا الجرذيان جذع الشجرة الذي تشبّثتِ به لكي لا تقعي في الحفرة " المصيدة " !؟
هل تحققت نبوءة تولستوي على نحوٍ معاكس ، في آنا كارنينا ، تلك الأقصوصة التي كنتِ تقصينّها لنا و نحن أطفال مدلليّن لا ننام إلا بقصة الذئب و المصيدة ؟
ألم تلحسي بقايا العسل المتكوّرة على ذلك الجذع الذي تشبثّتِ به ، عندما هجما الجرذيان عليه و بدأ بقرضه ؟
هل كل ذلك لم يحدث ، و هويتِ بالمصيدة و ابتعلك الذئب " الموت " ؟
هل للموت مصيدة يا عمتي ؟ لكنك لم تخبريننا أن الذئب هو الموت ، و لم تخبري أيضًا أن الجرذيان مشاكل الحياة التي قد تحتف بنّا و نحن نصارع الموت ! و لم تشيري أيضًا إلى أنَّ نقاط العسل جرعة تأمل كاذبة وسط تلك الحياة ! ، بل قلتِ أنه ما أنْ يدنو منها أي شخص في الحياة إلا و ينجو من مصيدة الذئب و يقتل الجرذان .. لكنك لم تفعلي شيئًا من هذا لم تدني من العسل ، و لم تكافحي الموت و لا المرض ، سقطتِ فجأة و لم تنهضي ، أغمضتِ عينيك عن " العسل " و رحلتِ في رحلة لمدة خمسة أيام لكنها كانت رحلة بلا إياب يا عمتي ، يبدو أنك كشطتِ تذكرة رحلة ذهاب فقط ..


عمتي ، كل شيء اختلف ، و كل الحكايات تراءات لي بمنحنيات أشبه ما تكون برسائل من القدر ، و أخشى السيميائيات كثيرًا .. انطقي سلمتِ من النار
أوليست جملتك المباشرة و التي تردين بها على كل من سألك عن الأحوال
" بخير يا جعلك سالمة من النار ، بخير سلمتِ من النار "
أشعر بضجر كبير عمتي ..



صحيح نسيتُ أن أخبرك أمرًا أظنّه يهمك و أنتِ في ضيافةِ هاديس و بيرسوفوني ، في صباح الأمس لحقت بك تلك العجوز الطاعنة بالسن ، صاحبة الصوت المتهدّج ، و المنحنية الظهر منذ أن كنا صغارًا و التي كنتِ تبعثيننا لبيتها و نعطيها حلّة عشاء أو غداء ، أوتذكرين ذلك ؟
و بعد ذلك أخذنا نرفض رغم تحفيزك لنا بالأخلاق و العينيات أيضًا ، لكن ما أن فتئنا إلا و رفضنا كل شيء كل شيء ، كل محاولاتك لم تعد تجدي معنا ، لأننا كنّا نخشى ابنائها المرضى نفسيًا ، خاصة الأصغر ، كثيرًا ما وبخنّا و توعّد أن لو أتينا بطعام آخر سيجعلنا طعامه ! لأنهم ليسوا بحاجة للطعام و لا للمال ، هكذا كان يفرغ إناء الطعام أمامنا و يردد هذه الكلمات ..!
رحلت ، رحلت أمهم ، ياعمتي لحقت بك ، و يبدو أننا و أنتِ خشينا أبنائها لذا لم نعرف أنها مريضة منذ شهور ، و هكذا الحياة خبر المرض لا ينتشر بسرعةِ خبر الموت !
مرضت محدودبة الظهر شهورًا و لم ندرِ ، و توفيت و بلغنا النبأ في نفس اليوم !؟
أي جرأة يحمل الموت ليصل فاتكًا على هذا النحو !
فهل يُعقل أن فهد ابنك في بريطانيا يصله خبر وفاتك قبل بدر في الرياض !
سُحقًا للموت ، خبرهُ يصل بسرعه و كما يقول المثل الانجليزي bad news travels fast
أكره الموت و إن رسمه جيرمن دولاك في فيلم الختم السابع في منظر وديع فكاهي و هو يلعب الشطرنج ، لكنني أمقته يا عمتي ، و أمقت المرض أكثر و أكثر ..
استضيفي أم الجيران الطاعنة بالسن ، فلا أحد من أبنائها سيضايقك أو يضايقها ..
أحد أبنائها قالوا بأنه بكى بكاء مرّاً ، و الصغير الذي كنا نخشاه في أحد دور الصحّة النفسية ،
أخاله الآن لا يشعر بشيء ، لا أدري هل أغبطه أمْ أبكي على حاله و حالنا !



يا جعلك بالجنّة

غدير المشاعر 12-22-2010 02:17 PM

وآآهٍ شاميرام
يتركون خلفهم فراغ لن يملئه سواهم
وكم نشعر دونهم بأننا اللاشيء اللاشيء
لن يعوضوا ..
ومن يأخذه الذئب لا يعود

ما أصعبه الفراق

جعل دارها ومثواها الجنة
حزنك عميق ،

نادرة عبدالحي 12-22-2010 02:55 PM

الاعزاء حين يبتلعهم ذلك الذئب الغير مرئي
ولا نستطيع إنقاذهم من انيابة الحادة نكون اسوة بهِ
من منا لم يفقد
ويتفقد
من منا لم يصافحهُ الموت بحرارة
ووجمنا ووخارت قوانا ولم نستطع اغلاق الابواب بوجهه
الغالية تركت صغارها ولم تودعني حتى
ولم يفترسها المرض
ورحلت
وبقيتُ بلا غالية

ليدخلهم الله فسيح جنانهِ
...
..
شاميرام...لنودع الحزن بابتسامة
لكِ:icon20:

سميراميس 12-24-2010 08:10 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غدير (المشاركة 692309)
وآآهٍ شاميرام
يتركون خلفهم فراغ لن يملئه سواهم
وكم نشعر دونهم بأننا اللاشيء اللاشيء
لن يعوضوا ..
ومن يأخذه الذئب لا يعود

ما أصعبه الفراق

جعل دارها ومثواها الجنة
حزنك عميق ،

مؤلمٌ أن نجتهد في تفسير مركزية اللا شيء
اللا شيء يسكنه جوهر نُفخت به روح ألبيركامو ، لذا نحن متخبطون ، تائهون
شكرًا حبيبتي على الدعوة ..
:34:

سميراميس 12-24-2010 08:13 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نادرة عبدالحي (المشاركة 692312)
الاعزاء حين يبتلعهم ذلك الذئب الغير مرئي
ولا نستطيع إنقاذهم من انيابة الحادة نكون اسوة بهِ
من منا لم يفقد
ويتفقد
من منا لم يصافحهُ الموت بحرارة
ووجمنا ووخارت قوانا ولم نستطع اغلاق الابواب بوجهه
الغالية تركت صغارها ولم تودعني حتى
ولم يفترسها المرض
ورحلت
وبقيتُ بلا غالية

ليدخلهم الله فسيح جنانهِ
...
..
شاميرام...لنودع الحزن بابتسامة
لكِ:icon20:

علينا أن نتعلم كيف نصاحب الموت ، لنعقد معه صلح و نقرع الكؤوس بالرضا بين الطرفين ( الموت و الحياة )
لكنني أكره الموت و لم تفلح محاولات أوشو و لا رايش فيليلهم في ترويض ذلك الخوف
كراهيتنا للموت لا تعن حب الخلود كما يقولون باللاهوت ، لا ، نبغضه لأنه يختطف منا أركان لا نقوم إلا بها
يخطفهم و يهرول عبثًا لنتبعثر نحن و نصاب بشلل مؤقت ..
" الله لا يفجعك بغالي ، :34: "

فرحَة النجدي 12-24-2010 08:12 PM



صدق ربنا الذي أسماه " مُصيبة " !

رحمها الله و أسكنها الجنة ،
شاميرام ، ربط الله على قلبك ..

:icon20:

سميراميس 12-25-2010 12:06 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فرحَة النجدي (المشاركة 692883)


صدق ربنا الذي أسماه " مُصيبة " !

رحمها الله و أسكنها الجنة ،
شاميرام ، ربط الله على قلبك ..

:icon20:


شكرًا عزيزتي ، ممتنّة :34:

مريم الخالد 12-25-2010 07:09 PM

ياه هل جرّب أحدكم أن يختنق بفراغ أعقبه رحيل شخص ما !


ومن لم يفعل يا غالية !

~ ~ ~


لم يعد بمقدور أحد أن يستضيفها أو أن تفعل هي !
ليرتفع هذا النص كي يذهب إليها هناك ..............




http://sa7rana77.jeeran.com/right1.gif


الساعة الآن 07:14 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.