![]() |
فُتَاتُ ماءٍ وحُبٌّ أبيض | محمد البلوي
فُتَاتُ ماءٍ وحُبٌّ أبيض عَلَى نَاصِيَةِ مُصَادَفِةٍ كأَنَّها حُلْمٌ؛ كَانَ اللِّقَاء: رَجُلٌ، وامْرَأَةٌ، وظِلٌّ وَاحِدٌ، وقِصَّتَانِ بِلَا أَغْصَان. فَأَهْدَتْهُمُ الرِّيْحُ طَاوِلَةً، وأَضَاءَ لَهُمُ الْقَمَرُ شَمْعَةً، وإِليْهم أَلْقَتْ نَجْمَةٌ بِوَرْدَةٍ، وتَهَيَّأَتْ غَيْمَتَانِ لِلْبُكَاء، فَجَاءَهُمُ اللَّيْلُ بِمَقْعَدَيْنِ مِنْ ضِيَاءٍ، والْبَحْرُ بِأُغْنِيَةٍ كَأَنَّهَا دُعَاء، فَتَرَاجَعَ الظِّلُّ خَطْوَتَيْنِ لِلْوَرَاءِ، ثُمَّ اعْتَلَى سَطْحَ اللِّقَاءِ لِيَسْتَمِع، وَتَحَوَّلَتِ الْقِصَّتَانِ إِلَى فِنْجَانَيّ قَهْوَةٍ، وأَصَابِعُ الْمَرْأةِ إِلَى مُكَعَّبَاتِ سُكَّرٍ، ويَدُ الرَّجُلِ إِلَى مِنْدِيْلٍ، وقَلْبُهُ تَحَوَّلَ إِلَى دَفْتَرٍ، وبَعْدَ ارْتِبَاكٍ مُتَبَادَلٍ؛ قَالَتِ الْمَرْأةُ لِلرَّجُلِ (وكَأَنهَا مِنْ عُمْرٍ تَعْرِفُهُ)، وقَالَ الرَّجُلُ لِلْمَرْأةِ (وكَأَنَّهُ مِنْ عُمْرٍ يَنْتَظِرُهَا)، وطُيُوْرُ الْحُبِّ تَلتَقِطُ صَدَى كَلِمَاتِهمَا مِنْ فَمِ الْمَدَى؛ ثُمَّ تَغْمِسُهَا في الْمَاءِ، وتُغَلِّفُهَا بالنَّدَى، وبِهَا تَطِيْرُ إِلَى السَّمَاء: - قَالَتْ: الْمَرْأةُ الَّتِي تَرْتِقُ قَلْبَكَ بِالْقُبَل، وتُرَمِّمُ قَلْبَهَا بِالْعَزَل، سَتَلْجَأُ -يَوْمَاً- لِلْمِقَصِّ؛ لتُضَيِّقَ قَلْبَكَ الْفَضْفَاضِ عَلَى مَقَاسِ قَمِيْصِهَا الثِّمِل، فَلَا تَغْفَلْ - وأَنْتَ تُفَضْفِضُ لَهَا - عَنْ يَدِهَا؛ فَقَدْ تَقُدَّ يَقِيْنَكَ مِنْ دُبُر، أو تَقُصُّ جَنَاحَكَ مِنْ قُبُل. - فَقَالْ: كَمَا لَيْلَى، كَمَا خَوْلَة، كَمَا هِنْد، سَتَرْحَلُ فَاطِمَةُ أَيْضَاً؛ لأَنَّهَا لَمْ تُفرِّقْ بَيْنَ الصَّدَاقَةِ والْحُبِّ. - والْمَرْأةُ الَّتِي تَقْتُلُكَ؛ فَتَلْتَمِسُ الأَعْذَارَ لَهَا، وتَغُضُّ الطَّرْفَ عَنْ أَخْطَائِهَا وخَطَايَاهَا، وبِالْقُبَلِ الْبَيْضَاءِ تُدَاوِي جِرَاحَهَا ورِمَاحَهَا، ثم تُطْلِقُ سَرَاحَهَا، تُحبُّكَ أَمْ تَكْرَهُك؟. - سَأُخْبِرُكِ بِسِرِّي الْخَطِيْر: كُلُّ الْعَصَافِيْر الْمُهَاجِرَةِ تَخْتَبِئُ في جَيْبِ مِعْطَفِي الصَّغِيْر؛ مَعْ أَنَّنِي -كَمَا الأَشْجَار- لا أُهَاجِرُ، ولا أَطِيْر. - والْمَرْأةُ الَّتِي تُفجِّرُ إِلْهَامَك؛ فتُتْبِعُهَا فَرَاشَاتِك، وعَلَيْكَ تُحَرِّضُ أَحْزَانَك؛ فَتَغْسِلُهَا بأَحْبَارِك، وتَقُضُّ مَضَاجِعَ أَفْكَارِك؛ فتَحْضُنُهَا كَأَحْلَامِك، أَهِيَ صَدِيْقَتُكَ أَيْضَاً؟ أَمْ نَبْضُ ضُلُوْعِكَ ويَرَاعِك؟. - سَتُخْبِرُكِ إِحْدَاهُنَّ أَنِّي أُحِبُّهَا وأَنَّهَا تُحِبُّنِي، فَلَا تُصَدِّقِيْهَا ولَا تُصَدِّقِيْنِي، لَا أَكْرَهُهَا ولَا تَكْرَهُنِي، ولَكِنِّي أُحِبُّنِي، سَتُخْبِرُكِ إِحْدَاهُنَّ كَمَا قَدْ تُخْبِرِيْنَنِي الآن. - قَدْ يَخْدَعُ البَرْقُ الشَّجَرَةَ المُسْتَبْشِرَةِ، ثُمَّ يَجْدَعُهَا، ثُمَّ يُلْقِي بِجِذْعِهَا - وهْيَ خَائِبَةُ الرَّجَاءِ - عَلَى كَتِفِ السَّرَابِ؛ فَيَتَلَقَّفُهَا الظَّمَأُ بِكَفِّهِ الرَّمْضَاء. - أَنَا لَا أَتَعَمَّدُ قَتْلَ الْفَرَاشَات، ولَا أَحْتَالُ في رَسْمِ النِّهَايَات، ولَكِنِّي أُحَاوِلُ تَقْلِيْدَ الْمَصَابِيْحِ الْمُنِيْرَة، فَأنْجَحُ؛ فَتَرْتَكِبُ الْفَرَاشَاتُ جَرِيْمَتَهَا النَّبِيْلَة. - نَغْفُو؛ فَتَكْبُرُ الْفَاجِعَةُ فِيْنَا، وتَنْمُو، حَتَّى تَبْتَلِعُنَا؛ فَنَصْحُو، فَتَبْصِقُنَا؛ وبِأَقْدَامِنَا الْمُتَزَاحِمَةِ عَلَى بَوْابَةِ النِّسْيَانِ تَدُوْسُنَا، تَمَامَاً؛ كَمَا تَفْعَلُ أَشْبَاهُ الْحُبِّ بِنَا. - إِنَّهُ يُرَاقِبُ -دَائِمَاً- ويَنْتَظِر، فَإِذَا مَا أَغْمَضْتِ عَيْنَيِّكِ؛ واسْتَسْلَمْتِ لِلْحُلم، انْقَضَّ الْفُرَاقُ عَلَيْكِ؛ كَمَا يَنْقَضُّ الأَرَق. - سَأَتْرُكُ أَحْزَانِي خَلْفِي؛ وأَمْضِي، لأَضْحَكَ كُلَّمَا تَذَكَّرْتُهَا، وتَبْكِي كُلَّمَا تَذَكَّرَتْنِي، وقَدْ أُغَيِّرُ -في الْغُرْبَةِ- اسْمِي، ولَنْ أُغَيِّرَ -كَمَا الْأَفَاعِي- جِلْدِي، وَيْحِي! هَلْ قُلْتُ "غُرْبَة"؟ أَوَلَسْتُ في غُرْبَةٍ الآن؟! وكَذَا وَطَنِي! - سَتَمُوتِيْنَ غَرَقَاً في نِصْفِ ابْتِسَامَة، وسَيَرْثِيْكِ رَجُلٌ مَا بِنِصْفِ دَمْعَة، وغَالِبَاً سَتَكُوْنُ كَاذِبَة، وسَيَحْمِلُكِ الْمَوْتُ طَوْعَاً إِلى تَمَامِ الْمَعْنَى، واكْتِمَالِ الْحَيَاةِ، والْمَوْتُ في الْمَوْتِ نَجَاة، ولَكِنَّكِ سَتَظَلِّيْنَ وَحِيْدَةً، تَمَامَاً؛ كَمَا الْحَقِيْقَة، أَو كَنِصْفكِ الآخَرِ الحَيّ. - لَكُمُ الْبِلَادُ كُلُّهَا، ولِي قَلْبِي الْعَلِيْل، فَإِذَا مِتُّ فَاجْعَلُوْهُ قَبْرِي، ولَا تَنْثُرُوا الْحُزْنَ عَلَيْهِ، ولَا تَحْمِلُوا الْوَرْدَ إِلَيَّ، فَتَقْتُلُوْنِي مَرَّتَيْنِ. - كُنَّا أَطْفَالاً؛ نَكْبُرُ فَجْأَةً، وكَمَا الْكِبَار نَحْزَنُ، فَكَانَ الصُّبْحُ يُغَطِّي وَجْهَهُ بِغَيْمَتَيْنِ، ثُمَ يُبَاعِدُ بَيْنَهُمَا كَضِفَّتَيْنِ؛ لِيُبَاغِتُنَا بإِطْلَالَتِهِ الضَّاحِكَةِ، فَنَنْسَى الْحُزْنَ والْكِبَار؛ ونَضْحَكُ مِلءَ قُلُوبِنَا كَالْأَطْفَال. - كَثِيْرٌ مِنَ الْحُزْنِ لَنْ يَضُرَّنِي، وبَعْضُ الْفَرَحِ قَدْ يَقْتُلُنِي، وعَلَيَّ أَنْ أَكُوْنَ مُتَبَلِّدَةَ الْمَشَاعِرِ؛ لأَنْجُو: مِنْ غَمَزَاتِ الأَصْدِقَاءِ، وهَمَزَاتِ الأَعْدَاءِ، وقُبَلِ الأَحِبَّةِ، وجُرُعَاتِ حَنْانِهِم الْمُفْرِطَةِ، ورُبّمَا مِنْ أَنَاي. - قَاسِيَةٌ هِيَ الْحَيَاةُ، وظَالِمَةٌ، كَيَدِ حَطَّابٍ اقْتَطَعَتْهَا شَجَرَةٌ؛ لِتَتَّخِذُهَا فَأسَاً، تَهْوِي بِهَا عَلَى جِذْعِهَا، كُلَّمَا الْهَمُّ دَاهَمَهَا، وانْتَابَهَا الْوَهْمُ، ثُمَّ تَتَّهِمُ الْحَطَّابَ بِقَتْلِهَا. - حِكْمَةٌ تَعَلَّمْتُهَا مِنَ النِّسْيَان: اقْلِب الصَّفْحَةَ، اقْلِبْهَا؛ الآن، دُوْنَ أَنْ تَفْتَحَ الْكِتَاب. - نَقْلِبُ الصَّفْحَةَ؛ مَهْمَا كَانَ وَزْنُهَا، لَكِنَّنَا نَحْتَفِظُ بالْكِتَاب. - سَأَتَذَكَّرُ عِنْدَمَا أَلْقَاكَ - في الْمَرَّةِ الْقَادِمَةِ - أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ اسْمِي، وسَأَتَذَكَّرُ – أَيْضَاً - أَنْ أَسْأَلَكَ عِنْ اسْمِكَ، ثُمَّ أَثْقُبُ ذَاكِرَتِي عَمْدَاً، "حَبِيْبِي، حَبِيْبَتِي، أَنَا، نَحْنُ" هَلْ هَذِهِ أَسْمَاؤُنَا حَقَّاً؟!. - لَو أَنَّهَا الْحُرُوْفُ تُبْصِر! لَو أَنْهَا تُدْرِك! إِلى أَيْنَ يَقُوْدُهَا الْقَلَمُ الضَّرِيْر؛ لَكَانَتْ فَرَّتْ مِنَ الصَّفْحَةِ السَّوْدَاءِ؛ قَبْلَ نُقْطَةِ النِّهَايَةِ في السَّطْرِ الأَخِيْر. وهُنَا؛ تَبَسَّمَتْ دَمْعَتُهَا، فَدَمَعَتْ بَسْمَتُهُ، ثُمَّ أَمْسَكَ يَدَهَا، ومَعَاً؛ قَفَزَا إِلى الْمَجْهُوْلِ، كَآخِرِ جُنْدِي يُغَادِرُ أرْضَ الْمَعْرَكَةِ مُنْتَصِرَاً؛ في يَدِهِ وَرْدَةٌ، وعَلَى شَفَتَيْهِ ابْتِسَامَةُ. |
لن نقتلك أبدا ولكننا سنقتل كلمات قراءة
وورد لك لك الود يا محمد |
محمد .. مصيبة حين لا نُفرق بين الحبِّ والصداقة ربما لأننا لا نرى في الآخر سوى أنه آخر !! فائق تقديري أيها الوضّاء |
(الزمان):
ذات ظل,وريح,وغصن,وطاولة,وقمر,ونجم وطاولة و.... حين أشياء تلعب وظائف نفسية مهمة في محاولاتها المتلاحقة لتنحو بالمشهد ناحية الدرب الآخر: إلا أنها تمضي في سجالها العجيب نحو المفترق بوسائل تصريف السردية بخوف من انحسار مد الصفحات... (المكان): تحت غيمة,فوق سطح لقاء,وبين طيور تغمس الحب بالماء و.... تتهيأ المواعيد لممارسة أقصي درجات سجال ما كان وما سيكون وتفتح منافذها الكبري لغد يألتف في ثنائيات متشاكسة. ............ انشطر المشهد لشظايا متناثرة رغم المواويل المتناسقة... إلا أن ذاك التشظي ممكن ومعهود فقد اختصر بحوارية التجسيد الذاتي لماهية الأشياء قصة من عمر تفسيرات العلاقات الإنسانية... الغربة-بنصك لن يضرّها الحزن فقد تنوء الصفحات بحملها الصقيل... أ:محمد بحرفك تكتسي أنشودة الحب حزنها ويقينها.. تقديري لقلمك الشفيف... |
حوار بين أنثى ورجل
فالكثير في جعبة كل واحد منهم ليقوله ويبقى الكثير ينتظرهما ليقولا... أما المقدمة فكانت لوحة رسمتها الطبيعة بكامل عنفوانها إذا لا تلم الورد إن تنفس وتفتحَ هنا . ومن هنا رأيتُ بذور كثيرة تنمو وبذور كثيرة تصرخ لا تود الموت ...... سلم هذا الإلهام وصاحبهُ |
ابدعت بما يكفي
|
اقتباس:
لك شكري الجزيل ومحبتي وتقديري أخي العزيز عبدالإله ودُمتَ وسلمت |
اقتباس:
المقدرة المكرمة الأستاذة بدرية نعم، يا نقية، تتداخل المشاعر -أحياناً- وتتشابك؛ فيفسرها بعضنا تفسيراً خاطئاً، عن علم أو عن جهل شكراً لكِ على حضورك البهي وحرفك الخيّر النيّر ولك تحياتي واحترامي وتقديري |
الساعة الآن 03:52 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.