" الومضة " قصيدة الدهشة ..
علينا أن نتذكر اولاً أن القصيدة القصيرة ليست (اختراعاً عربي)
وإن كانت التوقيعات النثرية ظهرت في العصر العباسي،
وهو ما دفع شاعراً كبيراً كعز الدين مناصرة لإطلاق هذه التسمية على قصائده القصيرة
التي جمعها في ديوان صدر في العام 2013 وجمع فيه توقيعاته من العام 1962 الى 2013.
فالقصيدة القصيرة (الهايكو) ظهرت في اليابان أول مرة في القرن السابع الميلادي،
تحت شروط كتابية تقيد شاعرها من ناحية المبنى والمعنى.
اما القصيدة القصيرة في الشعر العربي الحديث فقد اتفق كثير من النقاد على أسبقية الشاعر عز الدين مناصرة
في كتابتها اشارة لديوانه "يا عنب الخليل" الصادر عام 1964 الذي ظهرت فيه أولى قصائده القصيرة،
لكن شاعراً كـ محمد سمحان أيضاً ينسب ريادتها إليه ويستشهد بديوانه "أناشيد الفارس الكنعاني"
الصادر بعد ديوان المناصرة بأكثر من عشر سنوات.
بينما فإن الناقد الكبير احسان عباس عدّ الشاعر محمد لافي أحد ثلاثة أعمدة للشعر الفلسطيني
بعد محمود درويش وفدوى طوقان في معرض نقده لديوان "نقوش الولد الضال" الصادر عام 1990
والذي ضم مجموعة من قصائد لافي القصيرة. ومن الطريف أن الشعراء الثلاثة هم فلسطينيون
ويعيشون ذات الفترة الزمنية،
وهذا يسجل للشعر الفلسطيني الذي شكّل خلال المائة عام المنصرمة ظاهرة فريدة
في مسيرة الشعر العربي اشارة لعدد الشعراء الكبير الذي أنجبته النكبة الفلسطينية ما سبق العام 48
وما لحق بها حتى الان وأفرزت مجموعة من كبار شعراء العربية
امثلة للقصيدة الومضة ...
عز الدين المناصرة:
عند باب القدس ماتت جدتي
وهي تحكي لشجيرات العنب
عن زمان سوف يأتي
وعلى خدّيه شامات الغضب
بعدها ذات صباح ستمرّون على
بعض قبور الراحلين
تقطفون الزنبق البري والنعمان، مصبوغ الشفاه
وتصلّون صلاة الأنبياء
وتغنون أغاني الشهداء
وأناشيد وشعراً… لم تقله الشعراء.
\\\\
من طرق البابْ
في هذا الصحو الأخضرِ
أعطاني غصن الفلِّ ،
وغابْ ....(ديوان ، البحرُ يصطاد الضفاف ، بشرى البستاني)
إنها أسلوب كتابة له أكثر من شكل شعري، وعالم ضيق في عباراته، متسع في رؤاه.
\..