المتوحشة ...!
"وكان يوماً في مجلسها فامتد بينهما كلام قالت له في آخره : انت (متوحش) وقال لها : انت (متوحشة!) ،فلما ندر من مجلسها ذهب فكتب إليها هذه الرسالة":
ماذا اقول في (متوحشتي) الجميلة ،وما ظهرت منها على عيب أعيبها به إلا رأيته عند نفسي شكلاً جديداً من أشكال جمالها ، أو فنا بدعاً فيما حنيت عليه ضلوعي من هواها ،إذ ليس بيني وبينها حدود تجعل منها ألفاظ النقد حدوداً لمعانيها ، بل كل ما فيها من أشياء قلبي. ولو قالت لي :"أكرهك" لما وقفت الكلمة عند هذا الحد؛ لأنها من أشياء قلبيي ، فيكون معناها ، أكرهك لأني مكرهة أن احبك ، أكرهك لأنك أخضعتني وجعلتني مكرهة أن أحبك ، أكرهك لأن كلمة "أكرهك" هي التي أظن أنها تخفي أمام نفسك تواضعي لك في نفسي!
ووالله خالق الجنة والنار ، لو كان في سواء الجحيم غرفة من الجنة بنعيمها وزينتها ، أو كان في سرارة الجنة قاع من جهنم بعذابه وآلامة _لكنا معاً أشبه بما أجد منك ، فإن حبك لذة من لذات الجنة ولكنه يتضرم فنونا على قلبي . وأن الشوق إليك عذاب كالنار ، ولكنه ينفض من الأمل على روحي مثل الطلل والندى.
_إلا انه ليس في الحب نصف حب أبداً فليس في الحبيب أبدا إلا كل الجمال ، فليس معاني الجميل إلا أنها كلها جميلة
والوجه الذي نعشقه هو من كل ما خلق الله الوجه الموسيقي
الذي لا ينسجم غيره ولا يتطابق مع فن الروح في عاشقه :
فإن أطرب أو أشجى فبلذة أشجى وبلذة أطرب .
وإن لمست يد الحبيب بأناملها لمسة حب ،
فهي يد الحبيب أفلا تكون هي بعينيها يد الحبيب .
إن قرصت بأظافرها قرصة حب ...؟
#أوراق_الورد
مصطفي صادق الرافعي