منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - ليس الآن.. (رواية)
عرض مشاركة واحدة
قديم 07-21-2018, 09:23 AM   #16
عمرو مصطفى
( كاتب )

الصورة الرمزية عمرو مصطفى

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 2618

عمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


(2)
اللجان الشعبية تحاصر شرق المدينة ...
كان لابد أن ينتهى إحكام السيطرة على شرق المدينة قبل غروب الشمس وحلول الظلام.. والعشرات والمئات من الفارين من غرب المدينة ينضمون لإخوانهم تلبية لنداء ذلك الشاب الذي بزغ نجمه فجأة في قلب الأحداث..
كان نادر يشعر أنه لم يغمض له جفن منذ عقود.. لكن بعض المشاهد جعلته رغماً عنه يبقى متيقظاً..
جر ساقيه ناحية الجموع ليتابع المشهد عن قرب ..
الضابط جلال عاكفاً على تدريب حشد من سكان شرق المدينة على القتال بالأسلحة النارية .. وشاعت ابتسامة أمل على وجه نادر المكفهر حينما لمح شلة المقهى في أول المتدربين .. صحيح أن المعلم فوزي كاد يفقأ عين جلال بأول طلقه لكنه يتعلم بسرعة.. لم يعد الشاب محسن يرتجف وكان فخوراً بنفسه وهو يحمل السلاح كالمحترفين .. أما الشيخ حسن الفقي فقد أذعن لأوامر نادر .. عليه أن يستغل موهبته في تلاوة القرآن بتذكير رجال اللجان الشعبية بفضل الجهاد والثبات بدلاً من تذكير الأموات بعد أن فاتهم أوان التذكرة ...
ـ ألستم بحاجة إلى مقاتل تحت العشرين ...
التفت نادر فرأى أخيه مدحت قادماً وهو يحمل في يده عكاز والده الراحل .. والمثير هنا أن والدته جاءت تحمل في يدها يد الهون الذي تدق به الثوم ولوحت بها قائله في جدية :
ـ دعهم يجربوا ضربة واحدة من هون أمك وسوف...
حاول نادر أن يبتسم رغماً عنه.. بعد أن نست تقاسيم وجهه كيف ترسم الابتسامة.. قال برفق :
ـ أمي .. مكانك مع بقية النساء .. في البيوت .. لو نجحوا في اختراقنا ستكونون أنتم خط دفاعنا الأخير عبر النوافذ والشرف ..
ثم نظر إلى أخيه مردفاً :
ـ وأنت يا مدحت ..هل ما زلت مصر على كتابة اسمك ( متحت )؟..
ضحك الأخير ولوح بعكاز والده قائلاً :
ـ لقد تغيرت كثيراً يا أخي العزيز .. لقد كنت واحداً ممن شاركوا في هدم جهاز السلطة حامي الشعب .. ولابد أن أشارك معكم اليوم لعلى أكفر عن ذنبي القديم ...
ـ الكل سيشارك يا أخي العزيز .. لم يعد هناك خيار أخر ..
ثم التفت لأمه مردفاً :
ـ وأنت يا أمي .. عودي مع النساء فالرجال بحاجة للتغذية قبيل المعركة..
ـ من حقنا الوقوف معكم جنباً إلى جنب.. دعك من تلك الأفكار الذكورية العنصرية.. التي ورثتها من أبيك.
تذكر نادر البرامج الإعلامية التي أدمنتها أمه على مدار عقود، والتي تغذي فكرة أن المرأة مفيدة جداً في أي مكان يجمعها بالرجال .. لكنك إذا احتجت إليها في مكانها فلن تجدها أبداً..
قال لها في صبر:
ـ يا أمي.. الأفكار الذكورية لا تواجه أبداً بالأفكار الذكورية..
نظرت له في غير فهم فابتسم هو في غموض..
لم تفهم أن أفكار التحرر والمساواة التي تلقفتها عبر الإعلام هي من بنات أفكار الرجال أنفسهم.. وتصب في صالح أهوائهم الردية..
هنا ارتفع صوت جلبه ونقاش حاد عند إحدى اللجان الشعبية ..ثم برز جلال وهو يلوح بكفه قائلاً :
ـ أيها القائد .. إنه سمكة بلطجي شرق المدينة العتيد.. يريد أن يقابلك .. يقول أنه جاء متطوعاً ...
صرف نادر أمه وأخيه برفق ثم التفت إلى جلال قائلاً :
ـ دعوه يأتي ....
ـ لكنه يرفض التفتيش .. ومعه حقيبة سوداء مريبة ..
تقدم نادر إلى جوار جلال ناحية الجهة التي تتصاعد منها الجلبة ولمح سمكة وهو يحيط حقيبة جلدية سوداء بذراعه اليسرى ويلوح بمطواة في يده اليمنى صائحاً :
ـ سمكة لا يفتش في منطقته .. إياكم أن تقتربوا ..
صاح نادر ليسمع سمكة وسط الصخب :
ـ دعوه...
التفت سمكة إلى نادر وتهلل وجهه صائحاً :
ـ ألم تسمعوا كلمة كبيركم؟ ..
اقترب منه نادر مشيراً إلى المطواة التي بيده قائلاً :
ـ لا مكان بيننا للبلطجة يا سمكة ..
اغلق سمكة المطواة باحترافية ثم دسها في جيب سرواله قائلاً :
ـ لقد تبت من البلطجة يا كبير وجئت أعرض خدماتي .. و ..
ووضع الحقيبة على الأرض ثم انحنى ليفتحها مستطرداً :
ـ وأموالي كذلك ..
تأمل نادر ومعه جلال وبقية رجال اللجان الشعبية الأوراق المالية التي تملأ الحقيبة الجلدية بدهشة كبيرة ... غمغم جلال :
ـ أموال مسروقة ...
رفع سمكة طرفة إليه قائلاً في سخرية :
ـ إنها مائة ألف ترللي .. ثمن رأس قائدكم ...
عقد نادر ساعديه أمام صدره ونظر لسمكة مستفهماً :
ـ من ؟
ابتسم سمكة وهو ينهض مجيباً :
ـ زبون قديم من بنى الأصفر ... لكن سمكة قرر ألا يستمر مع المعسكر الشرير...
اقترب منه نادر هامساً في خفوت :
ـ نوسام...
صاح جلال وهو يحول بينه وبين سمكة :
ـ حذار أيها القائد قد تكون خدعة ..
نظر سمكة إليه بلا مبالاة على حين رتب نادر على ساعده مطمئننا قبل أن يقول لسمكة في هدوء :
ـ ولماذا قررت ترك المعسكر الشرير يا سمكة؟..
ـ سمكة ليس خائناً بطبعة .. أنا استعمل قوتي لمن يدفع الثمن .. أنا فتوة مثل فتوات الزمن الغابر لكن المجتمع أساء فهمى.. وعلى رأسهم رجال السلطة .. لذا كنت سعيداً جداً وأنا أشعل النار من تحت أقدامهم ..ثم اكتشفت أن الجانب الذى استخدمني لهدم السلطة كان يهدف فقط إلى إخراج الظلاميين إلى السطح .. والذين لن يفرقوا بين دماء سمكة وأي دماء أخرى .. لقد خدعني ذلك الأصفر وقررت أن أخدعه أنا أيضاً .. وأنا هنا رهن إشارتك ويسعدني أن أكون سبباً في رجحان كفتكم .. سأضمن لكم عشرات البلطجية يمكنهم أن يثيروا الرعب في قلوب الظلاميين بمجرد رؤيتهم ..
وضع نادر كفه على عاتق سمكة ونظر في عينيه قائلاً :
ـ قلت .. لا مكان للبلطجية بيننا يا سمكة ..
ابتسم سمكة في حرج ثم قال بلهجة صادقة :
ـ أعذرني فمازال لساني يخونني..
ثم صوب عبارته قائلاً :
ـ هناك العشرات من الفتوات مستعدين لغسل ماضيهم بالانضمام إليكم ...
اعترض جلال قائلاً :
ـ هل سنقاتل إلى جوار المجرمين و النوار .. ؟
قال له نادر وهو يرمقه بنظرة باردة :
ـ ومن منا لم يجرم ؟..
***
ـ كيف حالك يا دكتور؟
ابتلع العوادلي ريقه وهو يتأمل العيون الجشعة والأنياب الحادة التي تلتمع في ظلام الغرفة على الضوء المتسلل عبر نافذة حجرته..
لم يغادر بيته منذ استيلاء الظلاميون على غرب المدينة.. ظل يراقب المذبحة من وراء النافذة في الظلام.. وينتظر..
حتى فوجئ بتلك الزيارة المفاجئة من نوسام ومعه حشد من الظلاميين.. وقد بدا مظهر الأول المتأنق دائماً متناقضاً مع هيئة الظلاميين الرثة ناهيك عن رائحة الدماء الطازجة التي تفوح مع كل حركاتهم وسكناتهم..
قال بصوت مبحوح وكأنه يخشى استثارتهم:
ـ ببـ.. بخير.. ها.. هل هناك ججـ.. جديد؟
عقد نوسام ساعديه أمام صدره وقال في حزم :
ـ أكيد يا دكتور.. دورك لن يتوقف عند الاختباء في بيتك وغلق هاتفك.. لعمري هذا خوف لا مبرر له يا دكتور.. هذا أمر قد دفناه سوياً كما تقولون ..
ـ أنا لست مخـ.. مخـتبئاً .. كما أنني حذر في استعمال وسائل الاتصال ..
ـ وسائل الاتصال في أيدينا الأن.. يبدو أنك لا تشاهد الأخبار أيضاً.. على العموم كانت فرصة طيبة كي أزورك في بيتك.. ولأخبرك كذلك أنك سترحل فوراً لشرق المدينة؟
زاغت عيناه بالطبع وجف حلقه.. لم يتخيل نفسه أبداً بين براثن سكان شرق المدينة المتحمسين .. حتماً سيحولونه إلى شاورمة جزاء له على جره لشعبنا الطيب إلى فخ الظلاميين..
ـ شـشـ.. شرق المدينة!.. كـ.. كيف؟
ـ اطمئن يا دكتور الذي يحميك في غرب المدينة من الظلاميين قادر على حمايتك في شرق المدينة من فلول السلطة..
ـ صصـ..صحيح.. لكن.. مشكلتي ليست مع السلطة بقدر ما هي مع الشعب الأسمر ذاته..
ابتسم نوسام في مكر.. وغمز بعينه قائلاً :
ـ تنسى دائماً أنك واحد من الشعب الأسمر.. وأنك طيب مثلهم ويسهل التغرير بك.. كما غرر بهم ..
ـ وما هو دو..دو.. دوري بالضبط..
ـ هو دورك منذ البداية يا دكتور..
ثم جال ببصره في أرجاء بيت العوادلي وهو يكمل :
ـ لكن أين واجب الضيافة يا دكتور؟.. يبدو أنك قد تأثرت بنا لحد بعيد.
وضحك وخلفه تتابعت ضحكات الظلاميين.. ومن جديد فاحت رائحة الدماء وزهمها.. ارتبك العوادلي وهو يشير لهم كي يجلسوا قائلاً :
ـ أنا أعـ.. أعرف شرابك يا سيد نوسام.. لحظة .. سأستدعي خادمي كي ... لكن.. بالنسبة للسادة الظلاميين...أأ..
وصمت متحيراً .. لكن نوسام أنقذه من الحيرة حينما قال برقة :
ـ لا عليك يا دكتور.. سيشربون الخادم!
***






 

عمرو مصطفى غير متصل   رد مع اقتباس