وقفت كأسراب الندى
من حولها
تذوي حطام المقصلة
لم تبكِ قابلة المطر
لكن أنهار السما
لم تلتفت لصمودها
وبكت على صدر القمر
عما يكون حديث عينيها إذا
سكن الوجيب
عن حلم قابلة المطر..
عن سحر قابلة المطر..
النِطـْع مغموسٌ بـِمـِسْكِ عروقها
هو ينتظر..
مُذ كان جـِذعاً أن تكوني سـَكـْرَته
أن تذوقي سُمْرَته
***
كانت مُصَفَّدَة إلى كينونتي
محفورة في كل أوجاعي
وتحت تـَجـَلـُّدِي ..
لاتقـْرَبي نبع الخلود
إذ كيف تسقين السماءَ وكيف تُمْضين العُهود ؟
أو كيف تــثــنـين الضياءَ وتغْزُلين لنا القيود
لم تنسَ قابلة المطر
أن تشتري
خبز العشاءِ وأن تفيض على الوجود
من بعدِها
ستكون أمطاراً سِفاحْ
سيكون قد ذاب النهار
سيكون ليلٌ ثم ليلٌ ثم ينسدل الستار
الأن قابلة المطر؟!
الأن ترتحلي وقد أوفى الشتاء ؟
وأنامل الذكرى
تصيحُ : تمهلي
حتى المساء
***
لا نصل يبدو في الأفق !
لا شئ غير لـُهاثِها
غير الشتاء المحترق
ماتت ولا شيئاً يُقال
ماتت وإن قلنا مُحال
فلكل مخلوقٍ أجل
حتى وإن كان الجمال
كانت مُمددة – بلا وجهٍ – على
نهر الطريق
الوجه كان بمقلتي !
لم ينته من الرحيق
متدثراً بـِسُباتِها ..
كنتُ الوتر
وهي التي نحرت سماء
قصيدتي
هي تلك قابلة المطر
***
أجفلتُ حين رأيتها !
ما سرَّني الحُلوانَ من
كفٍ يَهُدُ خطيئتي
ويقولُ لي:
قد كنتَ في يومٍ تنام
والحقُ أني كنتُ في يومٍ أنام
قد كان ذاك قبيل قالوا: أنت جلِّادُ المدينة
ورأيتُ أمي تخبز الحلوى بِرَسْمِ وظيفتي
الآن أذكرُ لون روحيُ خلف أزمان السراب
قد ذكرتني لونها .. عيناكِ قابلةً المطر
سألوح من عينيك أضغاثاً تناجي بعثنا
لن ينتهي ..
عطرا سفحتِ في غرام المقصلة
سيظل دُهناً للرقاب
سأحيك ذكراكِ خيوطاً في مدونة الصفيح
لا تنظري ..
نحوي إذا حان الأجل
فعباءة الجلاد فوقي مثل جلمودٍ قبيح
لا تستحق أَثـَارةَ النور الأخير ملامحي
لكن سيبقى لون روحي ماثلاً
متسللاً ..
من بين أظلاف القروح
شعر: احمد بهجت سالم