مرحباً بأحبتي هنا .. ومعذرة عن التأخير ، وإن كان الحديث عن ملامح شخصيتي ، فها هي تتبدى لك يا ابنتي ، فدوماً أحضر متأخراً ودوماً أترك في عيون من ضربت معهم موعداً انتظار وترقب ، فهذه سيئة قد عرفها عني الآخرين ، وإن جاء ذكر المساوئ فأظنها كثيرة ، أحاول أن أخفي بعضها وتظهر للناس بعضها ، ولا أجدني إلا مقذوفاً بنقيصتي مجبولاً عليها .
وما يدريني كيف هي ملامح شخصيتي .. فلعلي أظن نفسي خفيف الظل وكنسمة عطرية الهبوب على الآخرين ، وهم يرون فيّ ثقل دمي مقدار الجبال وباتساع البحار ، وأصف نفسي بحسن الظن بالناس فإذا هي تلتوي عليّ حينا لتريني الناس غير هذا فأتهمهم بما ليس فيهم ، إن سؤال مثل هذا يا رشا تتعثر عنده خلجات الجنان ويتلعثم اللسان وتسكت الأقلام ، فلست أعرف ملامح شخصيتي لأوصلها لكم ولكن من يحيطون بي هم أحق بالسؤال ، هل تعرفي يا بنيتي أني كنت أحسب نفسي زوجاً مثاليا ، أقوم بكل ما تتمناه امرأة من زوجها ، فإذا تراكم السنون تبرهن لي أني كنت فظاً غليظاً لا أدري كيف احتملتني زوجتي طيلة هذه السنون ، وكنت أراني أباً حنوناً يقترب من أبنائه ، فإذا الأيام تريني غير هذا ، إننا نوهم نفسنا كثيراً بما ليس فيها .. لنكتشف أننا رفعنا درجة الوهم ليكون حقيقة تسير به حياتنا ، وما ملامح شخصيتي غير انسان يسير يتعثر به الطريق ويأنف أن يسأل ، فيمتد به الضياع والتيه ، يترقب الغد ليرى أحلامه فيعرف أنه لم يبذل من أجلها شيئاً ذا بال ولم يرتقي من أجل حلمه الصعاب . معذرة إن كنت أطلت عليكم أو انحرفت عن مقصد السؤال . ولأن قلوبكم كبيرة ، فإنها ستتسع لثرثرتي الجوفاء . دمتم بخير يا أحبابي