الجزء الاول هنـــــــا
بعدما اصيب أبو المعاطي بنزلة برد شديدة تسببت في حدوث التهاب بأذنيه
أصابه بالصمم المؤقت ومن المعروف أن البشر بشكل عام
يحاولون جاهدين أن يخففوا مظاهر عجزهم أو ضعفهم
طالما كان ذلك في استطاعتهم ولم يكن أبو المعاطي يمثل إستثناء للقاعدة من هؤلاء
وفي أثناء علاجه من هذا الصمم المؤقت إضطر أبو المعاطي الي زيارة صديق له
كان يرقد مريضا بالمستشفى واثناء الطريق كان يحمل هم هذه الزيارة
وكيف يتصرف خلالها وهو فاقد حاسة السمع ؟
لكنه قال في سره إن زبارة المريض لابد أولا أن تكون قصيرة
ولا تحمل في طياتها إلا التمنيات الطيبة والدعاء بسرعة الشفاء
وفكر أيضا ان بعض الكلمات المطمئنة تكون ضرورية في هذه الظروف
: كأن يؤكد للمريض أن حالته يبدو عليها التحسن
بالاضافة الي ان الاستفسار عن الطبيب المعالج والأشادة به
يعطي ثقة اكثر للمريض ويرفع من معنوياته الهابطة .
وعلي ذلك ذهب ابو المعاطي لزيارة صديقه حيث وجده متهالكا في فراشه بالمستشفى
قبادره قائلا بصوت رقيق :
_ كيف حالك يا صديقي العزيز ؟
هيا هيا إن وجهك يبدو أحسن كثيرا
واتمنى أن أراك واقفا علي قدميك في أسرع وقت
همس المريض بصوت لم يسمعه أبو المعاطي بالطبع :
_ ماذا تقول ؟
إن صحتي في تدهور مستمر وحالتي تسير من سيء الي اسوأ .. لقد انتهيت تماما
قال ابو المعاطي الذي فهم شيئا اخر تماما :
_ عظيم .. عظيم هذا نبأ سار
.. أنا سعيد جدا لأجلك
تضايق المريض لكنه أمسك عن الكلام بينما استطرد أبو المعاطي يسأله :
_ وماذا يقدمون لك من انواع الطعام ؟
قال المريض بعصبية
_ طعام مقرف بشع لا يصلح للاستعمال الأدمي ولا حتى للبهائم
صاح أبو المعاطي _ الذي لم يسمع شيئا _ بحماس شديد _
ياله من طعام رائع هذا أنصحك ألا تحرم نفسك منه ابدا انه مفيد
ومقو ومن الضروري ان تستمر في تناوله حتى بعد شفائك
كاد المريض المسكين يختنق من الغيظ لكنه تمالك نفسه بجهد شديد
ولم يرد فتابع أبو المعاطي كلامه قائلا :
_ ومن هو الطبيب البارع الذي يعالجك ؟
قال المريض بيأس وغيظ
_ بهذا الاسلوب الذي اسير عليه لن يكون طبيبي إلا عزرائيل نفسه
( عزرائيل ملاك جميل كلفه الله بقبض ارواح الناس فهو ملك الموت )
لم يسمع أبو المعاطي شيئا بالطبع لكنه رأى من الضروري ان يرد عليه
وقال وهو يصفق بيديه مبتهجا :
_ حقا حقا لقد عرفت كيف تختار الطبيب المناسب ..
اذن انت بين ايد امينة
فقد سمعت الجميع يمدحون مهارته
وانصحك ألا تطلب غيره اذا حدث لك او لأهل بيتك أي شيء
وبمجرد أن نطق هذه الكلمات استجمع صديقه المريض البقية الباقية من قواه
ونهض بصعوبة شديدة وقفز من سريره وأطبق علي رقبته
ودفعه دفعا ناحية الباب
وخرج أبو المعاطي وهو يهز رأسه أسفا ويقول
_ صحيح ان المرضى تنتابهم حالات غريبة في بعض الأحيان
23 _ 3 _ 2015
\..