منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - تفاحة الخطيئة .. قراءة نصوصية في معراج بشاير العبدالله !!
عرض مشاركة واحدة
قديم 07-31-2006, 01:50 AM   #2
عيد المطرفي
( شاعر وكاتب )

افتراضي



"

وكان بالإمكان أن أقتل بشاير العبدالله كما قتلت خلف المشعان بالأمس ، ولكني أبقيت عليها لتماهيها مع نصها تماهيا

كليا ، مما يمنعني من الحكم عليها بالموت والظفر بالنص وفق نظرية موت المؤلف ، ولكن الأمر هنا مختلف ، إذ لم تكن

بشاير مجرد حكاواتيه وراوية فقط لمشهد رأته أو سمعته كما كان خلف ، وإنما هي منزوية خلف أحرفها ، وتتكلم من

داخل اللغة النصية ، وتعالج قضية تراها قضيتها الأولى والمصيرية كذلك بالنسبة لها ، قانعا بإزاحتها عن النص إزاحة

جزيئة ، وفق ما يراه التداوليون ، إذ يرون الفصل بين الفاعل الحقيقي للكلام ، والفاعل الذي نعرفه من خلال الخطاب

وهو (الفاعل الداخلي) ، فلهذا نبعد بشاير كفاعل خارجي أنتج الكلام ، ونبقي عليها كفاعل داخلي منزوٍ خلف النص

ونعرفه من خلاله ، والسبب كما أسلفت وهو أنها متلبّسة بالنص ، ومتماهية معه وقابعة خلف كل صوتيم جرى توظيفه

في سياق النص ، والدليل أنها تناقش قضيتها الأزلية التي تطوعت لحمل تبعاتها ، والنَوء بثقل تداعياتها ، بقدر امتدادها

التاريخي ، والتاريخ له هنا دور خطير وفاعل//منتج في النص ، إذ ارتكز الأخير عليه ، وإن اتشح بلبوس الوساطة

اللغوية ، وبقدر كذلك الإرث الدلالي المستكن خلف الرؤية التي تُرى وتعامل بها استنادا لهذا التعارف الخاطئ الذي

لازمها مذ خلقها ولما يزل ، لتأتي بعد كل هذه السنين المشكّلة لهذا الإرث الثقيل على قلبها ، لتردَ عن (أمها//حواء) وزر

الخطيئة التي وزرتها ، وهي –أي حواء- على الأقل شريكة فيها مع آدم ، إن لم يكن هو من يحمل وزر الخطيئة الكبرى

(الوجود) ، متمثلة بخلقها من ظلعه الأعوج ، وما تبع ذلك من آثام كانت تُرى فيه (الأنثى // حواء وابنتها) هي داعية

الخطيئة والدافعة لاقترافها واجتراح سيئتها والتسبب في وقوعها ؛ كما يقول النص: " لا تتهاوى في ذنبي" ، متعينة

تلك الآثام في مواقف عدة ، سنتناولها بالتفصيل لاحقا

ولا يخفى في هذا السياق عظم خطيئة الرجل//آدم ، وهو –أي الخطأ- وجود الأنثى ، والسبب لهذا الوجود الأنثوي هو

(ليسكن إليها) ، ومن ثَم تتمفصل تلك الخطيئة وتتمظهر بعدة خطايا ، وهي الوجود(للسكنى والارتباط) ، والوجود هو

أعظم جناية وخطيئة باعتبار ما سيؤول إليه وهو الموت //العدم//الفناء ، والدليل قتل قابيل لأخيه ، من أجل أخته

ليتزوجها ، وهذا ما سيؤول له الوجود كما ذكرنا ، وهذا هو الشئ الذي وعاه شيخ المعرة –رحمه الله – إذ قال : "هذا ما

جناه أبي علي،وما جنيت على أحد" .


وهو أيضا خير مثال نتمثل به أنموذجنا (حسب فهم النص//الكاتبة) ، فشيخ المعرة يعترض على أبيه وقوعَه في

الجنايتين ، تتولد الأولى من رحم الثانية ، فالأولى هي الزواج//الارتباط بأمه (للسكنى) والزواج منها ، لتلد الجناية

الثانية والخطيئة الأخرى متمثلة بولادته ، وإطلاله لعالم الوجود الذي لا يعقبه إلا الفناء//الموت ، ولذا شكلت هذه القضية

(الموت) هاجسا واضحا لدى ابي العلاء خصوصا عندما التزم بيته ، وصريحة كذلك في قصيدته : غير مجد في ملتي

واعتقادي .

ليموت بعد ذلك ابو العلاء موصيا مَن يوسده قبره أن يكتب عليه البيت الذي سبق : هذا ما جناه ...

ولا غرابة إذا رأينا بشاير تنظر –كنظرة ابي العلاء لأبيه- أباها آدم ، فبسببه كان الوجود ، وسيتبعه الموت والفناء لا

محالة .

 

عيد المطرفي غير متصل   رد مع اقتباس