وكان لنا بعد إزاحتها مؤقتا لحين الفراغ من النص ، أن نرتأي ولوج طرق التأويل والهيرمينوطيقا الجادامرية ، فإما أن
نسلك طريق التأويل المحدود والمحكوم بلغة النص ، وعندئذ لا أجد ما يخولني لأمتدَ عبر النص لأنني سأحتكم إليه ،
وأصبح عبدا لصوتيمه ، مأسورا في سياقه ، أو أن انعتق منه ، لأجترح التأويل اللامتناهي حسب امبرتو ايكو وهذا ما
أردته وأغراني بالنص التي سأشير لها لاحقا ، وكان هذا المسلك رغم اطّراح النقاد له لعدم وجود الضابط من وجهة
نظرهم ، ولعدم ثباته لشئ يُحتكم إليه ، وإنما يعتمد على خلفية القارئ المعرفية وتصوراته ، ومن ثم تنلقب الصورة ،
ويستحيل النص عبدا للقارئ//المؤول ، فأخذت بينهما منهجا وسطا ، أستخدم ما يخدمني للإمتداد عبر النص بالنظر
لإمكانياتي ومعارفي التي يستفزها النص لأكتبها امتدادا له ، لتكون ابنا شرعيا له وعليه وزر وجوده وتمظهره ، وما
جنيت على أحد .
بل وحتى لو سلكت مسلك التأويل اللامتناه ساعيا لفتق بؤر الدلالة عبر فتح آفاق التأويل ، سأحتكم إلى شئ ثابت
ومستقر عندي كماهو مستقر عند الكاتبة وهو محدودية تصورنا للكون بمعناه الشمولي ، لأنه –تصورنا- متشكل عبر
وسائط غير دقيقة في الرؤية ، ومجازية كذلك ؛ فتصورنا خاضع لــ :
الحواس وهي غير دقيقة في الإيصال ورسم الصورة الذهنية –كمدخل- للصورة الكونية الصحيحة . ( ويكفي ما قاله
ديكارت في هذا ) .
وثاني هذه الوسائط (البائسة) ، والشر الذي يحكمنا ولا بد منه ، اللغة فالمجاز يسري في شرايينها ، وكذلك خائنة
تنطق مالاتود نطقه ، وتفصح عن ما تريد حجبه وإخفاءه ، وفضفاضة كذلك وغير دقيقة .
وثالث أثافيها ؛ التاريخ – وهو ما ارتكزت عليه الكاتبة – وافترضت فيه الصحة ، وإن كان أغلبه يقتات من الميثولوجيا
ويستمد منه مادته .
فتشكل النص عبر هذه المرشحات الثلاث ( الحواس ، اللغة ، والتاريخ) ، والتي تقف ثلاثتها كحاجب لمداخيل العقل ، في
عملية استيراد وتقبل (المدخلات//المعطيات) لتشكيل الصورة الذهنية للوجود والخلق والكون والعالم ، وبالتالي تشكل
عائقا في تكوين صورة صافية ، أو على الأقل مطابقة للمتجرد الكوني ، وحائلا أمام الاطمئنان بيقينية لما نؤمن به من
حكايات ترسخت في أذهاننا ، وتقبلناها كإرث مسلم به ، ليتحكم بتصرفاتنا وفق ما كان له من حضور فاعل وقوي في
ذاكرتنا .
ثالثا / كان بودي أن تكون القراءة كاملة ، وقد أتممتها وأنا في الجزائر كتابة على الورق، - والحمدلله - ودعاني لكتابتها
سابقا بهذا الشكل الجزئي خوف فتور اللذة التي شعرت بها فور اتصالي بالنص ، فكتبته على عجل آملا نقل البقية من
الورق إلى الكيبورد ، وكل أملي أن أسطيع من خلال ما سأنزله لاحقا إيفاء النص حقه ، لما توافر عليه من كثافة لغوية ،
وعمق في الفكرة ، وتعدد في الدلالة ، ولما امتاز به من انفتاح الإشارة التي جعلت النص متعددا ، يَجِدُّ فيه الجديد مع كل
قراءة ، ولقد عشت معه وقتا ممتعا ، وعايشته حتى أني أعود لقراءته متى ما سنحت بذلك لي فرصة وسمح به لي وقت
، ورجائي إليكم التركيز على النص دون القراءة فهي هامش له ، وأطلبكم قراءة محملة بالرؤى - من أي ملمح أو مدخل
إلى النص - ، فهو غني بالدلالات كما ذكرت ، خصوصا وأنه زاد على النص شئ لم يكن داخلا في القراءة ، ورأيي فيه
ذكرته في تعقيبي على كاتبته في منتدى النثر الأدبي .
شاكرا لكم وقتكم الذي قضيتموه وجهدكم الذي بذلتموه .
خالص التحية